نلمس كثيراً أننا ندعو ولا يُستجاب لنا فما السبب في ذلك ؟ حفظ
الشيخ : نحن دائمًا ندعو في صلواتنا وفي قنوتنا وفي أدبار صلاتنا ونحو ذلك بأدعية ثم نلمَسُ لَمسَ اليد أن هذه الأدعية لا تستجاب مِن الله عز وجل لنا، ما السبب في ذلك ؟
الأسباب كثيرة وكثيرة جدًّا منها أننا ابتلينا بأكل الأموال المحرمة، فقد جاء في *صحيح مسلم* عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: ( إن الله طيبٌ ولا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا )) ثم ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرجلَ يُطيلُ السفر أشعثَ أغبر، ومأكله حرام، ومشربه حرام، وغُذِّي بالحرام يرفع يديه يقول: يا رب يا رب، فأنى يُستجاب له ):
فلا تتساءلوا لماذا ربنا عز وجل لا يستجيب كل هذه الدعوات من كل هذه السنين الطويلات، لأن أكثرنا يعيشُ لا يسأل أَمِن حلال جاءه المال أم من حرام، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم مذكِّرًا للمسلمين: ( يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإنَّ نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأَجلَها، فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام )، فمصيبة المسلمين اليوم ابتعادهم عن تقوى الله تبارك وتعالى التي تستلزم الإتيان بما أمر الله به والاتجتناب عما نهى الله عنه، ومِن أوائل ذلك الربا أكلًا أو إطعامًا، نحنُ في العصر الحاضر من عللنا الأمراض النفسية أننا طُبعنا كما طُبع الكفار بالتكالب على حب الدنيا والمادَّة، وقد جاء في كثير مِن الأحاديث مِن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تتفتَّح عليكم الدنيا أو زهرة الحياة الدنيا فتتنافسون فيها كما تنافس الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم ) فإقبال الناس اليوم على المادة وعلى كسب المال من أي طريق جاء هو من مصائب المسلمين التي إذا لم يحاولوا الخلاص منها فلن ينجو من هذا الذل الذي ران عليهم في كل بلاد الإسلام ولو كان على نسب متفاوتة، وقد نبأنا الله تبارك وتعالى عن شيء من ذلك على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض الأحاديث الصحيحة التي منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلَّط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم )، كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر وهو من أعلام نبوته صلى الله عليه وآله وسلم كالحديث الذي قبله: ( ستداعى -أي: ستتداعى- عليكم الأمم كما تداعى -أي: تتداعى- الأكلة إلى قصعتها قالوا: أوَ مِن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله الرهبةَ من صدور عدوكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت ) هذا من أمراض المسلمين اليوم التي أحاطت بقلوبهم وصرفتهم عن القيام بواجباتهم الدينية التي يجمعها كلمة: اتقوا الله، ولذلك عمَّ الفساد في الأرض واستحلَّ الناس الربا بأدنى الحيل.