ما توجيهكم للأطباء الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج وقتها أحياناً ، ويتركون صلاة الجماعة بحجة المرضى ومواعيد الكشف عليهم ؟ حفظ
السائل : الحقيقة المسألة أيضًا مهمة وهو موضوع الصلاة، بالنسبة لإخواننا الأطباء صلاة الجماعة لا يأتون إلا من رحم ربي بحجة إنه عنده موعد بحجة إنه في مرضى ماشيين في نظام معين لا بد أنه يشوفهم في هذا الوقت، وبعض الإخوة قد يؤخر صلاة الظهر إلى صلاة العصر، وصلاة العصر إلى قبيل صلاة المغرب، يقول: يا أخي أنا مشغول كل هذا الوقت، أعود للبيت قبل صلاة المغرب وقد تدركه صلاة المغرب فيصليها كلها مرة واحدة في البيت، فما حكم هذا، وأرجو كلمة للإخوان في هذا الموضوع ؟
الشيخ : الله المستعان، الحقيقة أنه إذا وجد شيء من هذا فهو قلب للأحكام الشرعية، وضعف إيمان ببعض النصوص مِن الكتاب والسنة، في اعتقادي أنه لا يخفى على أحد مِن هؤلاء الأطباء المشار إليهم ومِن غيرهم، لا يخفى عليهم جميعًا قوله تعالى: (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا )): كتابًا موقوتًا له وقت أول ووقت آخر، وأظن أيضًا أنه لا يخفى عليهم أنَّ الله عز وجل حينما فرض على عباده بعض الفرائض كالصلوات الخمس مثلًا في كل يوم وليلة فليس ذلك لأنه بحاجة إلى عبادتهم، كيف وفي الحديث القدسي الذي رواه الإمام مسلم في *صحيحه* عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( قال الله تبارك وتعالى: إني حرَّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم )، حديث طويل أخيرًا: ( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك مِن ملكي شيئًا، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَهُ )، إذا كان هذا أيضًا معلومًا وثابتًا في عقائد المسلمين كما قال رب العالمين: (( ومَن كفر فإن الله غني عن العالمين )) حينئذ يجب على المسلم أن يحافظ على الصلاة، أن يؤديها في وقتها في صالحه وليس لحاجة ربه إلى صلاته كما سمعتم في الحديث القدسي، ولا يظننَّ أن الصلاة التي يخرجها المكلَّف بها عن وقتها أنَّ له الخيرة أن يصليها في أيِّ وقت شاء، لأن هذا التكليف مِن الله هو امتحان لعباد الله، فمن أدَّى الصلاة في وقتها قُبِلت منه وإلا فلن تقبل منه ولو صلاها أضعافًا مضاعفة، (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا )) ويجب أن يتذكروا الحقيقة التالية:
أن من صلى الصلاة بعد وقتها كمن صلاها قبل وقتها، فمن صلاها قبل وقتها لا تكون هي الصلاة التي أُمر بأن يصليها في وقتها، فكذلك إذا صلاها بعد وقتها فلن تكون تلك الصلاة التي أُمِر أن يصليها في وقتها، لا تغتروا، ليس هناك شيء اسمه قضاء لا في الصلاة ولا في الصيام، لأنَّ الصلاة والصيام عبادتان موقتتان، الصلوات في الأوقات الخمسة المعروفة، الصيام في شهر رمضان، فمن تعمَّد إفطار شهر رمضان فلن يقضيه صوم الدهر ولو صامه، كذلك مَن أخرج صلاةً من الصلوات الخمس عن وقتها فلا يلومنَّ إلا نفسه، وتأملوا معي أخيرًا في عاقبة مَن فوَّت على نفسه صلاة فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( مَن فاتته صلاةُ العصر فكأنما وُتِرَ أهلَه ومالَه ) كأنما أهلك أهله أي: نفسه وأهله وماله، فمن يرضى مِن المسلمين بسبب انشغاله بعمله، بطبابته، بصناعته أن يكون كمن أهلك أهله ونفسه وماله، والبحث في هذا بحث طويل وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.