الحافظ ابن حبان يورد بعض المجاهيل في الثقات فهل يكون بذلك حكم بعدالته من خلال سبر مروياته؟ حفظ
السائل : طيب ابن حبان مثلاً لما يصرح في الراوي: لا أعرفه ولا أعرف أباه !
الشيخ : إي نعم.
السائل : مع ذلك يذكره في * الثقات *، فنستطيع أن نقول: أنه سبر أحاديثه فوجده ضابطاً.
الشيخ : لا هذا من أخطائه الواضحة البينة، لأنه مِن أين يستطيع أن يسبر أحاديثه وهو يقول: " لم يرو عنه إلا فلان "، وهذا له أمثلة كثيرة في كتابه، إذن الأمر لم يدخل في السبر عند ابن حبان، الحقيقة الذي أنا أراه وأنا عندي مشروع بدأت فيه منذ سنين وانتهينا من كتابته على البطاقات وبدأنا منذ بضع شهور لتسجيله في مصنف، فسميته بــ * تيسير انتفاع الخُلان بكتاب ثقات ابن حبان * لأن ابن حبان في هذا الكتاب له أشياء عجيبة عجيبة جدًّا، من هذا ذكرت أنت آنفًا أنه يذكره في الثقات ويقول: " لا أعرفه ولا أعرف أباه "، نعم ؟
السائل : ويذكره في الضعفاء أيضًا.
الشيخ : نعم هذه أشكل قضية يذكره في الضعفاء.
ثم يذكر بعض الرواة ورى عنه فلان، وفلان ليس ثقة عنده، ليس ثقة عنده.
السائل : الراوي عنه.
الشيخ : آه، الراوي عنه، إي نعم، يعني كأنه يعني الذي انقدح في نفسي من دراستي لكتابه هذا أنَّ الرجل عّنَّ في فكره خاطرة، وهو جمع أسماء الثقات، ولكن جمعها ثم لم يجر تصفية على كتابه حسب القواعد، لأنه هو يمكن تذكرون معي ذكر لعله في مقدمة صحيحه أنه مَن هو الراوي الذي يحتج به هو، يصفه بما يصفه الآخرون: هو العدل الضابط الحافظ أو نحو هذا الكلام، حينئذ نقول كيف عرف كثيرًا من الثقات الذين أوردهم في كتابه الثقات وبعضهم يقول: " لا أعرفه ولا أعرف أباه "، وبعضهم يقول: " روى عنه فلان وهو ضعيف أو لعله وضاع أيضًا " أحياناً عنده، فإذن كيف هذا يوثقه ؟!
كان الأمر يحتاج إلى إعادة نظر منه على كتابه ويجري عليه عملية تصفية .
أنا هدفي في هذا الكتاب كما دل عليه العنوان: * تيسير المراجعة *، لأنك تعلم طبقات ثم من يعني أشياء التي تؤخذ عليه أنه يذكر الرجل في طبقتين، تارة يذكره في التابعين وتارة في أتباع التابعين ، أحيانًا في النص الواحد يذكره في المكانين، أحياناً في اختلاف، منشأ الاختلاف أنه إذا ذكره في التابعين، فلأنه وجد له رواية عن الصحابة فيقول: " روى عن فلان من الصحابة وعنه فلان "، نعم ؟
السائل : ولو منقطعاً.
الشيخ : ولو منقطعاً، ثم أورده في أتباع التابعين ويكون في ذلك مصيباً، هذا كله يحتاج حقيقةً إلى تحري وتدقيق .
أنا ما كان هدفي إلا هذا التيسير، لكن وجدت نفسي منجذباً انجذاب الحديد كما يقولون إلى المغناطيس، وجدت نفسي مضطراً للتعليق على بعض هذه الظواهر التي لا أستطيع أن أُمررها وأن أغض الطرف عنها، فصار عندي هذا الكتاب في عليه تعليقات وتعليقات كثيرة جدًّا، لكن الحق أن الكتاب يحتاج إلى تفلية، لأن في بعض الرواة ينبغي أن يُلحقوا بالضعفاء، في بعض الرواة يجب القطع بأنهم من الثقات ولو لم يوثقهم أحد، وهذه فائدة مهمة، وأنا عُنيت بهذا إلى حدٍّ كبير حينما وُضعت تحت النقد ونُسبت إلى التعارض أو التناقض حينما أشعت في الطلاب أن توثيق ابن حبان لا يُوثق به لأنه يوثق المجهولين، وإذا بهم يروني أحياناً أصحح أو أُحسن حديث فيه راو تفرد بتوثيقه ابن حبان، قالوا: هذا خلاف إيش مذهبه، وهم ما دروا بعد أن الإنسان مهما تقدم في العلم فهو جاهل، وكما قال تعالى: (( وما أُوتيتم من العلم إلا قليلاً )).
فأنا تبين لي شيء جديد منذ سنين كما تبين لي منذ القديم: أن توثيق ابن حبان لا يوثق به كقاعدة، لكن يومئذٍ ما كانت تبينت لي هذه الحقيقة الثانية وهي: أنه إذا وثَّق مَن روى عنه جماعة مِن الثقات لا يُعرف عنهم أنهم رووا عنه حديثاً منكرًا فيكون توثيقه على بابه.