هناك شبهة تقول إن المحدثين نقلة أخبار وليس لهم نصيب من الفقه، فكيف الرد عليهم ، وما هي مميزات أهل الحديث في الفقه وما هي أهم مراجعهم ؟ حفظ
السائل : فضيلة الشيخ : هناك شبهة أثارها بعض الناس قديما وحديثا وهي أن المحدثين نقلة أخبار ورواة فقط ليس لهم نصيب من الفقه، ومعلوم أن الفقه الإسلامي من القديم اتخذ منهجين منهج أهل الحديث ومنهج أهل الرأي، فما هي أهم مميزات منهج المحدثين في الفقه، وأهم المراجع فيه ؟
الشيخ : نعم، لا شك أنَّ أصل الفقه في اللغة ثم في الشرع إنما هو: الفهم، والفهم إن كان فهماً لكتاب الله ولحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هو الذي أراده عليه الصلاة والسلام بقوله: ( مَن يردِ الله به خيرًا يفقه في الدين )، وإذا كان الدين ليس هو إلا شيئين اثنين بإجماع الأمة لا خلاف بين أحدٍ منها من أهل العلم طبعاً في أن الدين إنما هو: الكتاب والسنة، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بها: كتابَ الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الخوض ).
والدين إذا كان الدين هو هذا الكتاب والسنة ولا شيء سوى ذلك، ولا يستدركنَّ أحدٌ عليَّ لأن ما كان هناك من شيء ثالث ورابع وربما خامس كمثلًا إجماع وقياس والاستصلاح أو الاستصحاب أو ما شابه ذلك من اصطلاحات فقهية فإنما هي كلها ما سُلِّم بصحة بعضها إنما هو مستقًا من كتاب الله ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان هذا هو الدين القرآن والسنة فقد أنعم الله على عباده بنعمة كبرى لا نعمةَ مثلها بعدها أبدًا حين قال: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينًا )) فالفقه إذن محصور في هذين المصدرين: الكتاب والسنة.
مما لا شك فيه أن القرآن الكريم محصور بين الدَّفتين، أي: المصحف، أما السُّنة فما شاء الله فهي بحر لا ساحل له، فمن هذا الجانب يختلف العلماء في نسبة اتِّباعهم على السنة بعد أن يمكن القول بأنهم اتفقوا جميعاً على أنهم في مستوى واحد في اتِّباعهم على القرآن الكريم لما أشرت إليه آنفًا أن القرآن محصور.
أما السنة فهي ليست محصورة، وهنا يتفاضل ليس علماء الحديث بل وعلماء الفقه في الفقه وليس في الحديث فقط، هنا يتفاضل علماء الفقه وليس علماء الحديث فقط أي: بنسبة ما أحاط كلٌّ منهم بقدر معين من السنة فبنسبة ذلك يكون فقهه صحيحًا وسليمًا قليلًا كان أم كثيرًا.
بعد ذلك إذا سلمنا -وهذا أمر لا خلاف فيه أبدًا بين العلماء- أنه إذا كان المتفقه في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عربيَّ اللسان أو كان مستعرِبًا تعلم اللغة العربية وآدابها حتى شارك أهلها في المعرفة باللغة العربية وآدابها، وهذا شرط أساسي بلا شك، حينئذ لا يمكن أن يتفاضل الفقهاء إلا بشيئين اثنين:
الأول: أشرت إليه آنفاً: نسبة اطلاع كل منهم على السنة، أما القرآن فواضح.
الشيء الثاني الذي لا بد لي من ذكره: هو أن الناس ولو كانوا فرضاً متساوين في فهمهم للغة العربية وهذا التساوي ليس مسلمًّا به، فالناس أيضاً يختلفون في ذلك، لكن قلنا لا بد أن يكون مشاركاً في اللغة العربية وآدابها حتى يتمكن من فهم القرآن والسنة، إلا أن الشيء الآخر الذي أُريد أن أُلفت النظر إليه وهو أن الناس أيضاً يتفاضلون فيه إنما هو كما جاء في حديث علي بن أبي طالب حينما سأله أبو جحيفة السُّوائي كما جاء في * صحيح البخاري *: سأل عليًّا رضي الله عنه: ( هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني: آل البيت- بشيء دون الناس؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صحيفة مكتوب عليها بعض الأحكام المتعلقة بالجراحات والقصاص وفي قوله عليه السلام: المدينةُ حَرَمٌ من أحدث فيها حدثًا أو آوى إليها مُحدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا ) قال: ( اللهم إلا هذا الذي في جفن سيفي وإلا فهمٌ يؤتيه الله عبدًا في كتابه ):
فإذن الناس يتفاضلون الآن في ثلاثة أشياء:
أول ذلك: نسبة اطلاعهم على السنة.
ثاني ذلك: نسبة تضلعهم في اللغة العربية.
ثالث ذلك: ما أوهبه الله عز وجل لكل واحد منهم من سليقة فهم عن الله تبارك وتعالى لآياته ولأحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان هذا أمراً مُسلمًا وهو كذلك، فحينئذ نقول: كلما كان الفقيه والمحدث كلما كان نسبة اطِّلاعه على السنة قليلة كلما كان فقهه قليلًا، وكلما كانت نسبة اطّلاعه على السنة أكثر كلما كان فقهه أكثر، ولذلك الواقع التاريخي الذي ندرسه في تراجم الأئمة نجد التفاضل بينهم في الفقه والفهم إنما هو كلما كان أكثرهم حديثاً كلما كان أكثرَ فقهًا وإصابة للحق.
الشيخ : نعم، لا شك أنَّ أصل الفقه في اللغة ثم في الشرع إنما هو: الفهم، والفهم إن كان فهماً لكتاب الله ولحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هو الذي أراده عليه الصلاة والسلام بقوله: ( مَن يردِ الله به خيرًا يفقه في الدين )، وإذا كان الدين ليس هو إلا شيئين اثنين بإجماع الأمة لا خلاف بين أحدٍ منها من أهل العلم طبعاً في أن الدين إنما هو: الكتاب والسنة، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بها: كتابَ الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الخوض ).
والدين إذا كان الدين هو هذا الكتاب والسنة ولا شيء سوى ذلك، ولا يستدركنَّ أحدٌ عليَّ لأن ما كان هناك من شيء ثالث ورابع وربما خامس كمثلًا إجماع وقياس والاستصلاح أو الاستصحاب أو ما شابه ذلك من اصطلاحات فقهية فإنما هي كلها ما سُلِّم بصحة بعضها إنما هو مستقًا من كتاب الله ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان هذا هو الدين القرآن والسنة فقد أنعم الله على عباده بنعمة كبرى لا نعمةَ مثلها بعدها أبدًا حين قال: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينًا )) فالفقه إذن محصور في هذين المصدرين: الكتاب والسنة.
مما لا شك فيه أن القرآن الكريم محصور بين الدَّفتين، أي: المصحف، أما السُّنة فما شاء الله فهي بحر لا ساحل له، فمن هذا الجانب يختلف العلماء في نسبة اتِّباعهم على السنة بعد أن يمكن القول بأنهم اتفقوا جميعاً على أنهم في مستوى واحد في اتِّباعهم على القرآن الكريم لما أشرت إليه آنفًا أن القرآن محصور.
أما السنة فهي ليست محصورة، وهنا يتفاضل ليس علماء الحديث بل وعلماء الفقه في الفقه وليس في الحديث فقط، هنا يتفاضل علماء الفقه وليس علماء الحديث فقط أي: بنسبة ما أحاط كلٌّ منهم بقدر معين من السنة فبنسبة ذلك يكون فقهه صحيحًا وسليمًا قليلًا كان أم كثيرًا.
بعد ذلك إذا سلمنا -وهذا أمر لا خلاف فيه أبدًا بين العلماء- أنه إذا كان المتفقه في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عربيَّ اللسان أو كان مستعرِبًا تعلم اللغة العربية وآدابها حتى شارك أهلها في المعرفة باللغة العربية وآدابها، وهذا شرط أساسي بلا شك، حينئذ لا يمكن أن يتفاضل الفقهاء إلا بشيئين اثنين:
الأول: أشرت إليه آنفاً: نسبة اطلاع كل منهم على السنة، أما القرآن فواضح.
الشيء الثاني الذي لا بد لي من ذكره: هو أن الناس ولو كانوا فرضاً متساوين في فهمهم للغة العربية وهذا التساوي ليس مسلمًّا به، فالناس أيضاً يختلفون في ذلك، لكن قلنا لا بد أن يكون مشاركاً في اللغة العربية وآدابها حتى يتمكن من فهم القرآن والسنة، إلا أن الشيء الآخر الذي أُريد أن أُلفت النظر إليه وهو أن الناس أيضاً يتفاضلون فيه إنما هو كما جاء في حديث علي بن أبي طالب حينما سأله أبو جحيفة السُّوائي كما جاء في * صحيح البخاري *: سأل عليًّا رضي الله عنه: ( هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني: آل البيت- بشيء دون الناس؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صحيفة مكتوب عليها بعض الأحكام المتعلقة بالجراحات والقصاص وفي قوله عليه السلام: المدينةُ حَرَمٌ من أحدث فيها حدثًا أو آوى إليها مُحدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا ) قال: ( اللهم إلا هذا الذي في جفن سيفي وإلا فهمٌ يؤتيه الله عبدًا في كتابه ):
فإذن الناس يتفاضلون الآن في ثلاثة أشياء:
أول ذلك: نسبة اطلاعهم على السنة.
ثاني ذلك: نسبة تضلعهم في اللغة العربية.
ثالث ذلك: ما أوهبه الله عز وجل لكل واحد منهم من سليقة فهم عن الله تبارك وتعالى لآياته ولأحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان هذا أمراً مُسلمًا وهو كذلك، فحينئذ نقول: كلما كان الفقيه والمحدث كلما كان نسبة اطِّلاعه على السنة قليلة كلما كان فقهه قليلًا، وكلما كانت نسبة اطّلاعه على السنة أكثر كلما كان فقهه أكثر، ولذلك الواقع التاريخي الذي ندرسه في تراجم الأئمة نجد التفاضل بينهم في الفقه والفهم إنما هو كلما كان أكثرهم حديثاً كلما كان أكثرَ فقهًا وإصابة للحق.