بيان خطأ بعض الناشئين في علم الحديث الظانين بأن الحديث الحسن لا ينبغي أن يكون في رواته أي مغمز، وهذا غير صحيح كحال ابن إسحاق فقد قلَّ ضبطه عن درجة الثقة. حفظ
الشيخ : إلا أنَّ هناك شيئاً لا بد من التنبيه عليه، لأن كثيرًا من إخواننا الطلاب الناشئين في هذا العلم، العلم العظيم، علم الحديث، يظنون أن الحديث الحسن لا ينبغي أن يكون في بعض أو أحد رواته مغمز ما مطعن ما، هذا خطأ، لأن الراوي إذا قيل في حديثه بأنه حسن كما نحن الآن نتحدث عن ابن إسحاق فإنما ذلك لأن فيه شيء من الضعف في حفظه في ضطبه في إتقانه وإلا لجعلوا حديثه في مرتبة الحديث الصحيح، فكلما رأينا حكمًا لبعض المحدثين المحققين في حديث ما إنه حديث حسن ففي هذه الحالة يجب أن نتذكر أن في بعض رواته شيء مِن الضعف، فلا يجوز حينذاك لأحد الناشئين في العلم أن يقول: الحديث الفلاني حسَّنه الحافظ ابن حجر مثلاً أو العراقي أو الزيلعي وفيه فلان وقد قال فيه فلان: إنه ضعيف الحديث أو قال مثلاً يروي المناكير أو ما شابه ذلك من العبارات، لأن مثل هذا الغَمز أو هذا الطعن لا ينبغي أن نتشبَّث به وأن نجعله علة في هذا الحديث الذي حسنه إمام مِن أئمة الحديث كما أشرنا آنفًا، وإلا كان الحديث مثل هذا الناشئ مرتبتان فقط: صحيح وضعيف، أما المرتبة الوسطى فقد ألغاها بهذا النقد المستعجِل والنقد السريع الذي لم يكن على جمع كل الأقوال التي قيلت في هذا الراوي، وبعد ذلك أن يستصفيَ من هذه الأقوال ما يدل عليه علم مصطلح الحديث في القاعدة المعروفة: " إذا تعارض الجرح والتعديل قُدِّم الجرح على التعديل "، وهذه القاعدة أيضاً ليست على إطلاقها وشمولها، بل لها قيد وضابط: " الجرح مقدم على التعديل إذا كان الجرحُ مُبينًا سبُبُه "، وليس هذا أيضاً بالشيء الذي يكفي ليكون مبرراً ومسوغاً لتقبُل الجرح بعد أن بُيِّن السبب، بل لا بد من دراسة هذا السبب هل يصلح أن يكون سببًا جارحًا للراوي فيعتمد عليه ويعتبر حديثه حديثاً ضعيفاً، ذلك لأن كثيرًا من الأسباب التي تروى في الجرح لا قيمة لها في الجرح.