الجمع بين قوله تعالى: (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا )) وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن أبي وأباك في النار ). حفظ
الشيخ : فإذا كان الأمر غيباً وجاء الخبر الصحيح يُخبرنا عن شخصٍ معين بأنه في النار لم يجز أن نضرب هذا الحديث بعموم قوله تعالى: (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا )) لأن الآية تضع قاعدة ولكنها تركت التفصيل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فالآية لا تقول: كل من كان بين بعثة إبراهيم وإسماعيل وبعثة الرسول عليهم الصلاة والسلام هم مِن أهل الفترة أو هم من أهل التوحيد، لا تتعرض الآية لشيء من هذا حتى يقال: إن معنى الآية إنهم كلهم من أهل الفترة حينما يأتي الحديث يقول: فلان في النار وفلان في النار، فنقول هذا يتعارض في الآية، إنما تعارض مع الآية الفهمُ السَّيء، وبالتالي تعارض الحديث مع الفهم السيء فضرب الحديث بالآية وخرج بنتيجة خالف فيها علماء المسلمين الذين اتفقوا جميعاً على ما ذكرتُ آنفاً بإيجاز، أن القرآن لا يمكن فهمه إلا من طريق الرسول عليه الصلاة والسلام، فإذا كان رسول الله قد قال أخيرًا في ذاك الحديث: ( إن أبي وأباك في النار ) فهنا تتدخل العواطف المجردة عن الإيمان الصحيح وعن العقل الرجيح لا تجد أحدا من هؤلاء الذين يدعون أنهم يفهمون الكتاب فهما صحيحا خلاف من مضى من علماء السلف وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم يدندنون حول أبوي الرسول عليه السلام، ولا يدندنون مطلقا حول أول هذا الحديث حيث سأل الرجل: ( أين أبي؟ فقال: أبوك في النار ) لا يبحثون عن حال هذا الأب وإنما يبحثون عن حال أبي الرسول عليه السلام لأنهم يحكمون أهواءهم ويحكمون عقولهم فيقولون: معقول أن يكون والدُ الرسول عليه السلام بل والِدا الرسول عليه الصلاة والسلام معقول أن يكونا في النار وبنبينا هدانا الله عز وجل للإسلام، يحكّمون عقولهم ولا يحكمون دينهم الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لهم، نحن نقول: لو فُتح باب تحكيم العقل فقد عُدنا إلى مذهب المعتزلة الذين قالوا بما يعرف عند العلماء بـــــ " التحسين والتقبيح العقليين "، المعتزلة يقولون: " ما حسَّنه العقل فهو حسن، وما استقبحه العقل فهو قبيح "، فالعقل هو الحكم عندهم والشرع تبع للعقل، أما الإيمان الصحيح فكما سمعتموه آنفًا في قوله تبارك وتعالى: (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )): فمقتضى الإيمان هو تحكيم الشرع وليس تحكيم العقل، فعَكَس الخلف أو بعض الخلف تبعاً لبعض من تقدمهم من المعتزلة فحكموا عقولهم بل حكموا أهواءهم على بعض الأحاديث الصحيحة ورفعوها سوطًا وصوتًا في آن واحد على الأحاديث الصحيحة ليبطلوها وليدعوا مخالفتها للقرآن الكريم وهي في الواقع لا تخالف إلا أهواءهم، ولا أقول الآن: عقولهم.
ليس هناك دليل أن كل من كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا ممن لم تبلغهُ الدعوة، لا يوجد مثل هذه الدعوة الطويلة العريضة، وإنما يدعيها بعض علماء الكلام، لأنهم لا يعلمون السنة الصحيحة، فهناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا تخبرنا بأن كثيرًا ممن مات في الجاهلية حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالأخبار الصحيحة الثابتة عنه أنهم في النار، مثلاً قد جاء في الصحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راكباً ذات يومٍ دابته فلمَّا مرَّ بقبرين شمست الدابة به، فنظر الرسول عليه السلام فوجد قبرين، فسأل من حوله متى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام -في مثل هذه المناسبة-: لولا أن لا تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر ) أي: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع عذاب صاحبي القبرين يعذبان في قبرهما وسمعت الدابة عذابهما فشمست به عليه الصلاة والسلام حتى كادت أن ترميه أرضاً، فسأل عليه الصلاة والسلام: ( متى مات هؤلاء ؟ قالوا: ماتوا في الجاهلية ): إذن ماتوا في الجاهلية وهم يُعذبون، لماذا يعذبون؟ لأنهم كانوا من المشركين، لماذا يعذبون وهم مشركون ولم تبلغهم الدعوة؟ هذا مستحيل، إذن إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن بعض المشركين في النار أو يعذبون في القبور دليل أنهم كانت قد بلغتهم الدعوة، فلا يجوز ضرب السنة الصحيحة بنص القرآن لأنه كما ذكرت آنفاً: السنة توضح القرآن وتبينه ولا تخالفه بوجه من الوجوه.
ليس هناك دليل أن كل من كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا ممن لم تبلغهُ الدعوة، لا يوجد مثل هذه الدعوة الطويلة العريضة، وإنما يدعيها بعض علماء الكلام، لأنهم لا يعلمون السنة الصحيحة، فهناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًّا تخبرنا بأن كثيرًا ممن مات في الجاهلية حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالأخبار الصحيحة الثابتة عنه أنهم في النار، مثلاً قد جاء في الصحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راكباً ذات يومٍ دابته فلمَّا مرَّ بقبرين شمست الدابة به، فنظر الرسول عليه السلام فوجد قبرين، فسأل من حوله متى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام -في مثل هذه المناسبة-: لولا أن لا تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر ) أي: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع عذاب صاحبي القبرين يعذبان في قبرهما وسمعت الدابة عذابهما فشمست به عليه الصلاة والسلام حتى كادت أن ترميه أرضاً، فسأل عليه الصلاة والسلام: ( متى مات هؤلاء ؟ قالوا: ماتوا في الجاهلية ): إذن ماتوا في الجاهلية وهم يُعذبون، لماذا يعذبون؟ لأنهم كانوا من المشركين، لماذا يعذبون وهم مشركون ولم تبلغهم الدعوة؟ هذا مستحيل، إذن إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن بعض المشركين في النار أو يعذبون في القبور دليل أنهم كانت قد بلغتهم الدعوة، فلا يجوز ضرب السنة الصحيحة بنص القرآن لأنه كما ذكرت آنفاً: السنة توضح القرآن وتبينه ولا تخالفه بوجه من الوجوه.