بيان بعض أمثلةِ رد السنة لعمومات القرآن بجهل، وأن الصواب تقييد مطلق القرآن بصحيح السنة المطهرة. حفظ
الشيخ : مَثَلُ من يرد مثل هذا الحديث أو ذاك بآية: (( وأُمهاتكم اللاتي أرضعنكم )) ونحوها، كَمَثَل من يُحرم كل ميتة سواء كان في البر أو البحر لعموم قوله تعالى: (( حُرِّمت عليكم الميتة ))، كذلك يُحرم كل دم لتمام الآية: (( حرمت عليكم الميتة والدم )) فيضرب بذلك بعض الأحاديث الصحيحة التي تُصرِّح بأن ميتة البحر حلال، ميتة البحر حلال، مِن أصرح ما جاء في ذلك حديث ابن عمر الذي روي مرفوعاً وصحَّ موقوفاً وفي مثله يقول بعض العلماء: إنه موقوف في حكم المرفوع نصه: ( أُحلَّت لنا ميتتان ودمان الحوت والجراد، والكبد والطحال ) ويؤيد ما يتعلق بهذا الحديث بالحوت القصة التي رواها الإمام مسلم في * صحيحه *: ( أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أرسل سرية وأمَّرَ عليها أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وخرجوا دعاة على ساحل البحر، وكانوا يوزعون زادهم تمرة تمرة في آخر الأمر حيث ضاق بهم الزاد، فتعرضوا للجوع الشديد، فرمى الله عز وجل على ساحل البحر حوتاً عظيماً، فلما جاوؤا إليه أخذوا يقطعون منه ويأكلون منه وتزودوا منه، حتى جاوؤا إلى الرسول عليه السلام وذكروا له ما أنعم الله عليهم مِن الحوت، فطلب منهم عليه السلام إن كان عندهم بقية منه حتى يأكل منه ) لماذا ؟
ليبين لهم أن هذا الحوت الميت لا يشمله عموم الآية السابقة: (( حرمت عليكم الميتة ))، حينئذ إذا ضممنا هذا الحديث والذي قبله إلى الآية: (( حرمت عليكم الميتة والدم )) وجب تفسير الآية بالسنة كما ذكرنا آنفًا: تكون النتيجة كالتالي:
حرمت عليكم الميتة إلا ميتة البحر، والدم إلا دمَ الكبد والطحال، من أين أخذنا هذا الاستثناء ؟
(( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم )) أخذنا إذن هذا الاستثناء من بيانه عليه السلام ألا وهي السنة.
وهكذا عمومات القرآن ومطلقات القرآن ومجملات القرآن كلُّ ذلك لا بد من تفسيره بما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام، فردُّ الحديث أحيانًا لتعارضه بزعمهم لعموم القرآن هذا لا يقوله مسلم على وجه الأرض، وإلا كان متناقضًا أشد التناقض، وربما أودى به هذا التناقض إلى الخروج عن الملة.