ما هو الضابط في ترجيح قول على قول في الجرح والتعديل ؟ حفظ
السائل : ويختمون ذلك بأقوال الأئمة الآخرين كالذهبي والحافظ ابن حجر في * التقريب * ثم يخرجون بخلاصة بعد أن يجرون تحليلًا ومقارنة بين سائر الأقوال، ويجعلون أقوال الأئمة المعتدلين كأحمد هي الأقوال التي يُرجع إليها وهي الضابط، وفي الأخير قد يخرجون بنتيجة موافقة لنتيجة الحافظين الذهبي أو العسقلاني وقد يخالفونها في هذه النتيجة، فما رأيكم في هذه الطريقة ؟
الشيخ : الطريقة إلى ما قبل نهايتها لا بد من سلوكها، ولكن حينما وصلوا إلى الترجيح الذي ختمته بقولك بأنهم أحيانًا قد يوافقون الحفَّاظ المتأخرين كالذهبي والعسقلاني وقد يخالفونهم، ما هو الذي استندوا إليه لترجيح ما رجَّحوه سواء وافقوا الحافظين المذكورين آنفًا أو خالفوهما، ما هي القاعدة، مجرد هذا العرض لا يكفي في ترجيح ما وفقاهما أو ما خالفهما، لو كانوا يوافقونهما دائماً كنا بنقول: أن المتأخر يستدرك على المتقدم، وأنه أملى وأحفظ لأقوال المختلفين أكثر من أولئك المتقدمين، أَمَا وهم تارة يوافقونهما وتارة يخالفونهما، فما هي القاعدة التي لجوؤا إليها حيث رجحوا وفقاً أو خلافاً؟
السائل : يستعملون ما يسمى بتحليل الترجمة، إذا جاؤوا إلى أقوال ابن معين مثلاً وكانت متعارضة يحاولون أن يجمعوا بين هذين القولين، كأن يكون أحد القولين مطلقاً والآخر مقيدًا فيحملون القول المطلق على القول المقيد.
الشيخ : ليس هذا هو المرجح، نفترض أن ابن معين له قول واحد وأحمد له قول واحد والمتشددون لهم قول واحد والمتساهلين والمتوسطين، ما هي القاعدة التي رجعوا إليها واعتمدوا في الترجيح عليها ؟
السائل : استعملوا قواعد ضوابط الجرح والتعديل: إذا تعارض جرح وتعديل كما هو معلوم.
الشيخ : هذا هو، هل طبقوا هذا النظام ؟
السائل : نعم يطبقونه.
الشيخ : هذا هو، فإذن إذا رجعوا إلى القاعدة بعد هذا العرض الذي أشرتَ أنتَ إليه آنفاً، والقاعدة هي التي حملتهم على موافقة الحافظين تارة وعلى مخالفتهما تارة أخرى فهذا هو السبيل العلمي الذي ينبغي أن يلجأ إليه كل طالب، وإلا فكثير مِن المبتدئين في هذا العلم يقولون: أنت مثلاً وثقت فلاناً والحافظ ضعفه أو قال إنه مستور أو ما شابه ذلك، كأنهم يرون أن الباحث يجب أن يتمسك بقول الحافظ، مع أن قول الحافظ قد يخالف قبله كالذهبي مثلاً إلى آخره، فلا بد من الرجوع إلى الميزان، والميزان: " الجرح مقدم على التعديل إذا كان الجرح مفسرًا، ثم إذا كان هذا الجرح بعد تفسيره قدحًا وقد يكون جرحًا مفسَّرًا ولكنه لا يكون قادحاً "، تطبيق هذه القاعدة بهذه الدقة هي المرجع أخيراً في ترجيح قول على قول، سواء كان في ذاك المرجوح هو قول المعتدلين أو قول المتساهلين أو قول المتشددين، فالقاعدة هي الحكم في الموضوع.