خلاصة القول في بيان حكم تقبيل يد العالم أو الشيخ. حفظ
الشيخ : خلاصة القول: ينبغي على أهل العلم وطلاب العلم ألَّا يهتموا بتقبيل اليد، وإنما بالمصافحة، وأن يفرضوا أنفَسَهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشتان ما بينهم وبينهم، وليفرضوا شيخهم هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشتان ما بينهما، فماذا كانوا يفعلون به ؟!
فليفعلوا بشيخهم ولا يزيدوا على ذلك، ماذا كانوا يفعلون؟!
عرفتم أنهم كانوا يصافحونه ولا يقبلون يده، وإنما تلك الروايات التي أشرنا إليها آنفًا ما فيها أنَّ أحدًا من أصحاب النبي العارفين بخلقه والمتشبعين بتواضعه عليه السلام ما أحدٌ منهم قبَّل يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما قد يكون المقبل أعرابياً جاء مِن البادية وسمع بعظمة الرسول عليه السلام وفضله ومنزلته فجاء مشتاقًا إليه فقبل يده، وبدهيٌّ جدّاً أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة لا يصدُّه، بل كانت سياسته عليه الصلاة والسلام أبعدَ من هذا الصدّ، وكانت هي الحكمة بعينها في بعض ما كان يصدرُ مِن أصحابه عليه الصلاة والسلام مما لا يُحب هو في نفسه أن يفعلوه به، ولكنه يعلمُ في الوقت نفسه أنَّ الذي كان يفعلونه معه إنما كان يدفعهم إلى ذلك حبُّهم الشديد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك فقد أقرهم برهة من الدهر ثم صرفهم عن ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، أعني: جاءت أحاديث كثيرة بأن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يتبركون ببعض آثاره بل ببعض فضلاته، وبعبارة أوضح بوَضوئه، وبخاصة في قصة الحديبية التي لا تخفى -إن شاء الله- على طالب علم حيثُ لما جاء رسولُ المشركين واسمه سهيل بن عمرو، لما جاء رسولًا مِن قِبل المشركين ليسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما الذي يريده فوقع عينه على ظاهرة لم تقع عينه على مثلها في الأمم الأخرى مع ملوكها وأمرائها، ذلك أنه رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتبادرون ويتسابقون إلى التبرك بوَضوء النبي صلى الله عليه وسلم الماء الذي يتوضأ به، بل وبفضلات أنفه وبُصاقه، فكان ذلك مدعاةً وسببًا قويًا ليعود سهيلٌ هذا إلى أصحابه لينصحهم ألَّا يقاتلوا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم لأنه رأى كسرى وقيصر ورأى أصحابهم، فما رأى أحدًا من هؤلاء يعظمون ملوكهم كما رأى أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم يعظمون محمدًا فليس لكم سبيل إلى محاربة هؤلاء، هذه القصة وقعت وكان فيها حكمة بالغة كما يدل على ذلك قول سهيل ونُصحه لكفار قريش.