توضيح سياسة النبي صلى الله عليه وسلم في إذنه لأصحابه في التبرك بآثاره وتعظيمه. حفظ
الشيخ : رآهم عليه الصلاة والسلام وهو يتسابقون إلى التبرك ببعض فضلاته عليه الصلاة والسلام أكثر مِن مرَّة، وكان يسكُت عن ذلك ليس رضًا منه به، وإنما سياسةً شرعية منه لهم -عليه الصلاة والسلام-، وهنا أَهتبلها فرصة لأُنبه إخواننا طلابَ العلم والذين يُرشحون أنفسهم أو قد رشَّحوا وانتهوا أنفسَهم ليكونوا دعاة إلى الله تبارك وتعالى أن يتأسوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيءٍ من سيرته وتصرفاته وبِخاصَّة في سياسته لأصحابه ومُداراته إياهم وإعراضه عن استعمال الشِدَّة والقسوة في هدايتهم، فهذه القصة مِن هذا الباب، فقد كان يراهم -عليه الصلاة والسلام- فلعلمه يقينًا أنهم إنما يفعلون ذلك به حبًا وإكرامًا وإجلالًا وتوقيرًا، ما رأى مِن السياسة الشرعية أن يبادر إلى قطع هذه الصلة من المحبة بينهم وبينه -عليه الصلاة والسلام-، وإنما تركهم برهة من الزمن إلى أن رأى بأنه قد آن الأوان أن يُلفت نظرهم إلى أنَّ هذا الشيء ليس من مكارم الأخلاق، وليس من فضائل الأعمال، ذلك أَنَّه رآهم ذاتَ يومٍ وهم هكذا يتسابقون إلى التَّبرك بوَضوئِه -عليه الصلاة والسلام- فقال لهم: ( ما يحملكم على ذلك؟ قالوا: حب الله ورسولِه ): يحملنا على ذلك حب الله ورسوله، قال -وهنا الشاهد من سياسته عليه السلام-: ( إن كنتم تحبون الله ورسولَه فأدُّوا الأمانة واصدقوا في الحديث ):
فحب الله ورسولِه حقيقةً هو أن يتخلق المسلم بالأخلاق الإسلامية، كمثل قوله عليه السلام: ( أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك ولا تخن من خانك ) أَدُّوا الأمانة واصدقوا إذا تحدثتم وتكلمتم.
ولذلك فلم يتتابع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على التبرك بآثاره إلا أفرادًا قليلين قليلين جدًّا، أما هذه التظاهرة التي أقرهم -عليه الصلاة والسلام- عليها برهة مِن الزمن فلم تعد تتكرر من بعد هذا التوجيه النبوي الكريم.