ما حكم الأحاديث التي أخرج لها الشيخان لرواة اتُهموا بالتدليس كالمقدمي ؟ حفظ
السائل : المــــُقدَّمي اتهمه ابن سعد بتدليس القطع.
الشيخ : نعم.
السائل : عِلمًا بأن البخاري ومسلم أخرجا له في الصحيح، فإنه يقول: حدثنا وينوي القطع، فهل يردُّ حديثه كله، عِلمًا بأن ابن سعد تفرد في اتهامه بهذه المسألة ؟
الشيخ : الجواب عن مثل هذا كالجواب عن إخراج الشيخين لكثيرٍ من الثقات الذين وُصِفوا بالتدليس، فبعضُ هؤلاء المدلسين الذين روى لهم الشيخان ليس من الضروري أن يقوم في ذهن أحدنا أنَّ الشيخين أخرجا لهما وهم معتقدون بتدليسِهما، فقد يكون الأمر هذا والعكس، أي: قد يكون المدلس المتهم بالتدليس من غير البخاري ومسلم وهو كذلك عندهما، ولكنهما أخرجا لذاك المدلِّس لسببٍ أو آخر مذكور في علم المصطلح، مِن ذلك مثلاً أن يكون الإمام قد وقع لديه تصريح المدلِّس بالتحديث في غير رواية الصحيح، وإنما آثرها على تلك الرواية لأن الشرط الذي التزمه فيما أخرجه في صحيحه لم يتحقق في تلك الرواية التي صرَّح فيها المدلس بالتحديث، قد يكون هكذا، وقد يكون الأمر الآخر وهو المهم في موضوعنا وفي جوابنا عن سؤالك:
قد يكون المدلس مدلسًا عند غير البخاري ومسلم، فالبخاري أقلُّ ما يُقال في مثل هذا المقدَّمي أقل ما يقال: إن البخاري ومسلمًا كان ذهنهما خاليًا عن من رمى هذا الراوي الثقة بالتدليس، تدليس السكوت فرويا له ما دام أنه قال: حدثنا وهذا حجة بالاتفاق، ولذلك فلا يرد على البخاري أقوال المخالفين له، كل ما يمكن أن يقال: هل يرجَّح صنيعُهما وإخراجهما لمثل هذا المدلِّس أم يُرجح قول من اتهم الراوي بالتدليس، أيَّ نوعٍ كان هذا التدليس.
إذا عُرف ذلك فكل مسألة يخالَف فيها الإمام البخاري فليس ينبغي أن يقال: كيف روى عن فلان مثلًا وقد تكلم فيه فلان وفلان؟!
لأن الجواب: أنَّ البخاري ليس هذا الكلام إن كان بلغه مؤثرًا في ثقةِ ذلك الراوي الذي روى هو عنه، وهكذا، فلا ينبغي أن نقف عند مثل هذه الأقوال، لأن مثل هذه الأقوال موجودة في كثير مِن رواة الصحيحين وغيرهما، وإنما على طالب العلم إن كان وصل منزلةً تُمكنه من الترجيح لقول على قول أن يرجح ما كان عليه البخاري أو ما خالفه غيره، هذا هو الجواب بالنسبة لهذا السؤال.