ما رأيكم في توثيق الحافظ ابن حجر لأم عبد الله بن أبي مليكة مع أنه لم يرو عنها غير ابنها ؟ حفظ
السائل : أحسن الله إليكم توثيق الحافظ ابن حجر -رحمه الله- لأم عبد الله ابن أبي مُليكة ومع أنه لم يرو عنها غير ابنها عبد الله، كيف يقال فيه، لما جاء في * التقريب * قال: " ثقة من الثانية "، ولم نجد راويًا آخر غير ابنها عبد الله بن أبي مليكة ؟!
الشيخ : هذا معروف وهو أنَ الحافظ له بعض التوثيقات وبعض التجهيلات وهيَ غير مقبولة، فإننا نجد في * تقريبه * عكسَ هذا تمامًا، نجد من قال فيه: مجهول أو مستور مع أنه في أصل * تقريبه * ألا وهو * التهذيب * قد ذكر توثيق بعض الأئمة المتقدمين، مع ذلك لم يعتدَّ بهذا التوثيق وقال فيه: إنه مستور، لا نستطيع نحن أن نعلل كل خطأ يصدر من أي إمام في أي علمٍ، وقد اعتاد بعض الطلاب حينما يسمع بحثًا فقهيًا وفيه ترجيح قول على قول، والقول الراجح فيه دليل صريح في السنة، والقول المرجوح لا يوجد له دليل سوى أن فلانًا قال كذا، فيبادر بعض الحاضرين فيسأل ما حجته!، مش ضروري أن لكل رأي ثبتت مخالفتُه بالدليل الشرعي أن يكون لدينا حجةً حكاها أصحابُ هذا الرأي عن أنفسهم أو عن إمامهم، يكفينا أن نعرف الصواب لأن الأمر كما قيل: " وبضدها تتبين الأشياءُ "، فإذا رجعنا إلى أم ابن أبي مُليكة ووجدنا في * التقريب * يقول عنها: " ثقة "، مع أنه في * التهذيب * لم يذكر عنها إلا راوياً واحداً، فالقواعد التي هو قعَّدها ومنه تعلمناها يقتضينا أن نقول هذه: مجهولة كما قال في مثيلاتها، وما أكثر النِّسوة اللاتي ذكر * التهذيب * لهن راوياً واحداً فيقول فيهنّ: مقبولة أو يقول: مجهولة، أمّا أن يقال عنها ثقة فهذا خلاف القاعدة، لكن ما الذي دار في ذهنه، هل هناك شيء ما أفصح عنه، أم هو بشر والبشر يُخطئ ويصيب.
على هذا ينبغي أن نتمسك بالقاعدة لكن مع القاعدة يجب أن نتثبَّت لعل بهذه الترجمة سواء كانت امرأة أو رجلًا رواةً آخرين قصُرَ كلام الحافظ في * التهذيب * عن استيعاب الرواة عنها، فلما جاء إلى * التقريب * انكشف له هذا التفصيل فانطلق من هذا الاكتشاف إلى هذا التوثيق، وهذا النوع قد يُوجد له بعض النماذج حينما نبحث بعض التراجِم، نجد مثلًا في * الجرح والتعديل * أكثر من راوٍ واحد بينما الحافظ ذكر راوياً واحداً، وقد نستفيد من * الجرح والتعديل * على الحافظ، الحافظ يذكر راويًا يسميه وفي * الجرح * يسمي راويين آخرين أو أكثر من ذلك فيُضم هؤلاء إلى ذاك فيصبح عندنا جماعة مِن الثقات رووا عن ذاك المترجَم، فحينئذٍ يمكن أن يكون الحافظ ابن حجر في مثل هذه الترجمة قد لاحظ مثل هذه الملاحظة التي لم يتنبَّه لها في * التهذيب * لكن هذا محتمل وواقع في بعض التراجِم، فلكي لا يكون طالب العلم مُتسرعًا في تخطئة الحافظ عليه أن يُجرِي مثل هذا البحث الواسع حتى يقتنع أن هذه المرأة مثلًا فِعلًا ليس لها في ترجمتها إلا هذا الراوي الواحد.