جرى كثير من طلبة العلم على مسألة وهيَ: أنهم إذا جلسوا في مجلس ذكر يبدؤون بالتعارف، فهل هذا ورد عن السلف، وإذا لم يأت عن السلف هل يكون من الابتداع في الدين ؟ حفظ
الشيخ : تفضل.
السائل : شيخ جرى على كثير مِن طلاب العلم أنهم إذا جلسوا إلى مجلس ذكر يبدؤون بالتعارف، فهل هذا جاء عن السلف، وإذا لم يأت عن السلف هل يكون من الابتداع في الدينل ؟
الشيخ : نعم هذا التعارف الذي يتعاهده بعض الناس اليوم من أنهم إذا جلسوا في مجلس وكان العدد وفيراً كبيراً يقول: نُجري التعارف، لأن التعارف من السنة، فقلت فلان بن فلان عملوا كذا، مسكنه كذا إلى آخره أي نعم، والثاني يقول: أخوكم فلان:
هذا لا أصل له في السنة ولا أصل له في عمل السلف الصالح، بل هذا من محدثات الأمور، ( وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )، الذي ثبت في السنة جزء بسيط مِن هذا الشيء لعله يقرب منه أو يبعد عنه، ذلك أنك إذا أحببت أخاً لك في الله فيحسن بك أن تخبره بأنك تحبه في الله وهو بدوره يقول لك: أحبك الله الذي أحببتني له، إلى هنا ثابت، وجاء في بعض الروايات الضعيفة أنه يُسمي نفسه، يعرِّفه بنفسه، لا بأس من هذا ولو أنَّ الحديث لم يثبت لديَّ لأن هذا من تمام تحقيق التعارف والود والحب الذي هو لله عز وجل، لأن ذلك يستلزم المواصلة والتوادد والزيارة، كما تعلمون أن من زار أخاه في الله فإنما يخوض في الرحمة، والأحاديث الواردة في هذه الزيارة كثيرة ومعروفة والحمد لله.
تفضل عندك شيء ؟
السائل : ...
الشيخ : هذا الحديث يدل على ما نفيناه ؟!
ليس فيه أي دلالة أبدًا، أولًا: سأل من القوم؟ هل سأل ما اسمك أنت يا فلان ابن فلان ؟!
هذه الأسئلة التي تحتاج إلى أن يكون السائل في حفظه كابن عباس رضي الله عنه لا تفوتُ ذاكرتُه شيء مما يسمع، ليس في الحديث شيء من هذا، وهذا أمر طبيعي جدًّا، هذا أولًا.
وثانيًا: هل كان الرسول عليه السلام في كل مجلس اجتمع فيه أصحابه قد يعرف بعضهم بملامحهم ولا يعرفهم بأنسابهم ولا بأسمائهم وأسماء آبائهم لم يكن شيء من هذا أبدًا.
وبهذه المناسبة أريد أن أذكر بأنه إن وقع شيءٌ في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبحضورٍ منه أو هو فعله فكل ذلك إنما يدل على جواز ما وقع ولا يدل ذلك على أن ذلك سُنة ينبغي للمسلمين أن يعتادوها وأن يلتزموها، لأن الأمر لو كان كذلك لالتزمها أولُّ من التزم هو الذي بيَّن لنا شرعية ذلك وهو رسول الله ثم بالتالي لالتزمها أحرصُ الناس على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ألا وهم الصحابة، ثم التابعون، ثم أتباعهم، فإذ لم يجرِ مثل هذا التعارف فذلك يكفي أن يدل طالب العلم على أن الحديث الذي ذكرتَه لا يتضمن شرعية هذا الذي نحن نقول: إنه من محدثات الأمور.