بيان حكم أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية وتوجيه فعل ابن عمر في ذلك. حفظ
الشيخ : ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( حُفُّوا الشوارب وأعفوا اللحى ) هو روى كلمة: ( وأعفوا اللحى ) هنا يرد السؤال:
هل هو نص عام مطلق بحيث لا يأخذ المسلم من لحيته ولو طالت ووصلت إلى ما دون سرته ؟!
إذا أخذنا الحديث هكذا على إطلاقه يكون المعنى هكذا، لا يأخذ منها لأن الإعفاء مطلق.
هنا يأتي البحث بالنسبة للسؤال السابق: ابن عمر رضي الله عنه الذي روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن نلاحظ الآن الحقيقة التالية، أو الحقيقتين التاليتين:
الحقيقة الأولى: أنه رأى الرسول وسمع منه ورأى لحيته، وهو يعلم يقينًا هل كان يأخذ منها أم لا يأخذ منها، بمعنى: هو يعلم يقينًا هل الرسول طبق هذا الحديث على إطلاقه ولم يأخذ من لحيته شيئًا، أم أخذ منها شيئًا دون تحديد الآن، هذه الحقيقة الأولى وهي: أن ابن عمر سمع هذا الحديث ورأى الرسول الذي تحدث بهذا الحديث.
الحقيقة الثانية هي: أن ابن عمر رضي الله عنه كان أشدَّ أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم قاطبةً وأحرَصهم جميعًا على اتباع الرسول عليه السلام، اتّباعه في سنته إلى درجة فوق ما يقول أهل العلم: إنه مِن السنة، أي: إن أهل العلم يقسمون سنة الرسول عليه السلام إلى سنة عبادةٍ وسنة عادة: سنة العبادة هي التي نحن مأمورون يالاقتداء بالرسول عليه السلام فيها ونُثاب على هذه القدوة، أما سنة العادة فهي عادة، لا يترتب من وراء فعلها أو تركها شيء إطلاقًا.
ابن عمر الحريص على اتّباع الرسول عليه السلام كان يتَّبعه حتى في سنن العادة، ولعلكم تعلمون بعض الأمثلة التي تروى عنه في كتاب *الترغيب * للمنذري، و* مجمع الزوائد * للهيثمي وغيرهما.
الآن إعفاء اللحية هل هو من سنن العبادة أم من سنن العادة؟!
لا شك أنها من سنن العبادة، لماذا ؟
لما سبق ذكره من الحديث أولًا، وبخاصة أنه جاء في بعض الروايات الصحيحة: ( وخالفوا اليهود والنصارى )، في رواية: ( وخالفوا المجوس ) والحديث الآخر في * صحيح مسلم *: ( عشرٌ مِن الفطرة: -ذكر منها- قصُّ الشارب وإعفاء اللحية ): فإذن إعفاء اللحية سنة عبادة وليس سنة عادة.
الآن نعود لنقول: تُرى ابن عمر -رضي الله عنهما- المعروف مغالاته في اتباع الرسول عليه السلام حتى في سنن العادة: هل يُعقل أن يرى الرسول عليه السلام لم يأخذ من لحيته ولا " قِيْد شعرة " كما يُقال ثم هو يأخذ منها ما دون القبضة ؟!
أنا أعتبر القول بأن نعم هذا يمكن، هذا قريب يعني من المستحيل، إلَّا أن ننسب ابن عمر إلى أنه كان لا يهتم باتباع سنة الرسول عليه السلام وهذا خلاف المقطوع به عند جميع علماء المسلمين.
يُضاف إلى ذلك ما أشرت إليه آنفًا من أنه لم ينفرد بالأخذ من اللحية بل تابعه على ذلك أبو هريرة ومجاهد وذلك مرويٌ في * تفسير ابن جرير الطبري *.
أضف إلى ذلك أنه لم يُنقل عن أحدٍ من السلف -فيما علمتُ- و (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) لا قولًا ولا فعلًا أنه لا يجوز الأخذ من اللحية، ولو ما أخذ منها عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
إذا عرفنا هذا البيان يأتي الجواب عن سؤال الأخ: ( إن الرسول عليه السلام نهى عن قص اللحية كما تقص الأعاجم ):
فنقول: نعم، قص الأعاجم نص علماء الحنفية في فقههم أنه لا يجوز الأخذ من اللحية كما تفعل -أنا أشك الآن- قالوا: كما تفعل المغاربة يومئذٍ يوم قالوا هذه العبارة، أو قالوا: كما تفعل الأعاحم، وهم يقولون: " السنة أن يأخذ ما دون القبضة استدلالًا بما ذكرنا من فعل ابن عمر رضي الله عنه ".
إذن كما نقول: الإعفاء في الحديث مطلق وليس مرادًا، والقص في الحديث مطلق وليس مرادًا، بل المراد في كل من الأمرين خلاف المطلق، المراد بالإعفاء هو إعفاء ما فوق القبضة أو ما تحت القبضة وليس ما دونها، والمقصود بالنهي عن القص والتشبه بالأعاجم: إذا زاد أن يأخذ خلاف ما أخذ ابن عمر أي: أخذ أكثر مما أخذ ابن عمر، هذا ما عندي في هذه المسألة.
السائل : أقول يا شيخ إذا أجاز ما بعد اللحية ما الذي يمنع ما دون اللحية ؟
الشيخ : سامحك الله! كأنك ما كنت معي، يمنع رؤيته للرسول عليه السلام، نعم.
هل هو نص عام مطلق بحيث لا يأخذ المسلم من لحيته ولو طالت ووصلت إلى ما دون سرته ؟!
إذا أخذنا الحديث هكذا على إطلاقه يكون المعنى هكذا، لا يأخذ منها لأن الإعفاء مطلق.
هنا يأتي البحث بالنسبة للسؤال السابق: ابن عمر رضي الله عنه الذي روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن نلاحظ الآن الحقيقة التالية، أو الحقيقتين التاليتين:
الحقيقة الأولى: أنه رأى الرسول وسمع منه ورأى لحيته، وهو يعلم يقينًا هل كان يأخذ منها أم لا يأخذ منها، بمعنى: هو يعلم يقينًا هل الرسول طبق هذا الحديث على إطلاقه ولم يأخذ من لحيته شيئًا، أم أخذ منها شيئًا دون تحديد الآن، هذه الحقيقة الأولى وهي: أن ابن عمر سمع هذا الحديث ورأى الرسول الذي تحدث بهذا الحديث.
الحقيقة الثانية هي: أن ابن عمر رضي الله عنه كان أشدَّ أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم قاطبةً وأحرَصهم جميعًا على اتباع الرسول عليه السلام، اتّباعه في سنته إلى درجة فوق ما يقول أهل العلم: إنه مِن السنة، أي: إن أهل العلم يقسمون سنة الرسول عليه السلام إلى سنة عبادةٍ وسنة عادة: سنة العبادة هي التي نحن مأمورون يالاقتداء بالرسول عليه السلام فيها ونُثاب على هذه القدوة، أما سنة العادة فهي عادة، لا يترتب من وراء فعلها أو تركها شيء إطلاقًا.
ابن عمر الحريص على اتّباع الرسول عليه السلام كان يتَّبعه حتى في سنن العادة، ولعلكم تعلمون بعض الأمثلة التي تروى عنه في كتاب *الترغيب * للمنذري، و* مجمع الزوائد * للهيثمي وغيرهما.
الآن إعفاء اللحية هل هو من سنن العبادة أم من سنن العادة؟!
لا شك أنها من سنن العبادة، لماذا ؟
لما سبق ذكره من الحديث أولًا، وبخاصة أنه جاء في بعض الروايات الصحيحة: ( وخالفوا اليهود والنصارى )، في رواية: ( وخالفوا المجوس ) والحديث الآخر في * صحيح مسلم *: ( عشرٌ مِن الفطرة: -ذكر منها- قصُّ الشارب وإعفاء اللحية ): فإذن إعفاء اللحية سنة عبادة وليس سنة عادة.
الآن نعود لنقول: تُرى ابن عمر -رضي الله عنهما- المعروف مغالاته في اتباع الرسول عليه السلام حتى في سنن العادة: هل يُعقل أن يرى الرسول عليه السلام لم يأخذ من لحيته ولا " قِيْد شعرة " كما يُقال ثم هو يأخذ منها ما دون القبضة ؟!
أنا أعتبر القول بأن نعم هذا يمكن، هذا قريب يعني من المستحيل، إلَّا أن ننسب ابن عمر إلى أنه كان لا يهتم باتباع سنة الرسول عليه السلام وهذا خلاف المقطوع به عند جميع علماء المسلمين.
يُضاف إلى ذلك ما أشرت إليه آنفًا من أنه لم ينفرد بالأخذ من اللحية بل تابعه على ذلك أبو هريرة ومجاهد وذلك مرويٌ في * تفسير ابن جرير الطبري *.
أضف إلى ذلك أنه لم يُنقل عن أحدٍ من السلف -فيما علمتُ- و (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) لا قولًا ولا فعلًا أنه لا يجوز الأخذ من اللحية، ولو ما أخذ منها عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-.
إذا عرفنا هذا البيان يأتي الجواب عن سؤال الأخ: ( إن الرسول عليه السلام نهى عن قص اللحية كما تقص الأعاجم ):
فنقول: نعم، قص الأعاجم نص علماء الحنفية في فقههم أنه لا يجوز الأخذ من اللحية كما تفعل -أنا أشك الآن- قالوا: كما تفعل المغاربة يومئذٍ يوم قالوا هذه العبارة، أو قالوا: كما تفعل الأعاحم، وهم يقولون: " السنة أن يأخذ ما دون القبضة استدلالًا بما ذكرنا من فعل ابن عمر رضي الله عنه ".
إذن كما نقول: الإعفاء في الحديث مطلق وليس مرادًا، والقص في الحديث مطلق وليس مرادًا، بل المراد في كل من الأمرين خلاف المطلق، المراد بالإعفاء هو إعفاء ما فوق القبضة أو ما تحت القبضة وليس ما دونها، والمقصود بالنهي عن القص والتشبه بالأعاجم: إذا زاد أن يأخذ خلاف ما أخذ ابن عمر أي: أخذ أكثر مما أخذ ابن عمر، هذا ما عندي في هذه المسألة.
السائل : أقول يا شيخ إذا أجاز ما بعد اللحية ما الذي يمنع ما دون اللحية ؟
الشيخ : سامحك الله! كأنك ما كنت معي، يمنع رؤيته للرسول عليه السلام، نعم.