ما معنى قول الذهبي : " لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشَّأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة " ؟ حفظ
السائل : السؤال الثاني : ما معنى قول الذهبي : " لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشَّأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة " ؟
الشيخ : الحقيقة أنا قرأت هذا الكلام وما هضمته ، لكن هو يعني والله أعلم استنباطًا واقتباسًا من قوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، من ملاحظتنا لهذا الحديث بعد فهمه فهمًا صحيحًا يمكن أن نفهم كلمة الذهبي ، كثير من الناس في اعتقادي وفي علمي لا يفهمون هذا الحديث الصحيح : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) فهمًا صحيحًا ، هم يقولون هؤلاء الذين لم يفهموا الحديث فهمًا صحيحًا ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) أي : لا تجتمع أكثر أمتي على ضلالة ، ويعنون بذلك الاحتجاج بالأكثرية ، يعنون بذلك الاحتجاج بما عليه الجمهور ، فهم يفهمون من الحديث أن الحديث يؤيِّد مذهب الجمهور ، وهذا خطأ واضح جدًّا ، لنضرب على ذلك مثلًا يفرِّق بين هذا الفهم الخاطئ والفهم الصحيح الذي سيتبيَّن بعد ضرب المثل ، إذا افترضنا أن الأمة عددها عشرة أشخاص ، تسعة منهم كانوا في رأي ، وواحد منهم وهو العاشر كان في رأي مخالف للرأي الأول ، على هذا المفهوم الخاطئ للحديث فالخطأ مع الواحد والصواب مع التسعة ، لكننا نحن نقول يعني الحديث أن هذه الأمة التي هي في فرضيَّتنا عشرة أشخاص لم تجتمع على ضلالة ، لأن واحدًا منهم قال بقول ، والتسعة قالوا بقول آخر ، فيمكن أن يكون الحق مع الواحد ، فحينئذٍ يصدق قوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ويمكن أن يكون الحق مع التسعة ، فأن يصدق الحديث في هذه الحالة أولى وأولى ، لكن حمل الحديث دائمًا وأبدًا على أنه دليل أن الجمهور الصَّواب معه دائمًا أبدًا ، هذا خطأ في فهم الحديث أولًا ، وفهمٌ في تطبيق هذا الفهم عمليًّا على الأقوال التي نجدها قد اختلف فيها العلماء ، أعني لن تستطيع أن تجد عالما أو طالبَ علم أو ما دون ذلك من الطَّبقات من هو جمهوري في كلِّ مسألة ، لن تجد هذا ، إذن إذا كان فهمك الأول للحديث صحيحًا ، فيجب أن تكون جمهوريًّا في كل مسألة ، وهذا لا يوجد ، فكم وكم من عالم خالف الجمهور ، كم وكم من مذهب خالف المذاهب الأخرى ، كم وكم من مقلِّد خالف أقوال الجمهور في المذهب الواحد ، وهكذا ، لذلك فعمليًّا التمسك برأي الجمهور غير واقع ، فحينئذٍ كيف تفهمون الحديث على فهم خطأ أولًا ، ثم لا يوافق ما أنتم عليه تطبيقًا ثانيًا، هذا خطأ ، فإذن لا يمكن أن تجتمعَ الأمة على توثيق إنسان وهو في واقع أمره غير ثقة ، والعكس بالعكس ، لا بد أن يختلف هؤلاء ، فمن موثِّقٍ ومن مضعِّفٍ ، وحينذاك لا بد من الوزن بالقسطاس المستقيم ، وذلك بالرجوع إلى علم مصطلح الحديث .