هل الأحاديث الواردة في كون المدينة تنفي خبثها عامة أم خاصة بزمن الدجال ؟ حفظ
السائل : بعض الأحاديث الواردة في المدينة كـ ( المدينة تنفي خبثها ) والأحاديث الواردة في الصبر على لأوائها ، ما أدري بعض العلماء يقول : بعضهم يخصصها بعهد النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يجعلها في آخر الزمان مثل ( المدينة تنفي خبثها ) عندما يأتي الدجال، وبعضهم يجعلها عامَّةً في كلِّ زمان ، فما أدري يعني الراجح ؟
الشيخ : أما العموم فلا مجال للقول به لمصادمته للواقع ، أما التخصيص بزمن الرسول عليه السلام فهذا تخصيص بغير مخصِّص، لكن .
الطالب : الأولاد خليهم يجو هنا الكبار هدول.
الشيخ : ينبغي أن يترك الحديث على عمومه ، ولا نستثني منه إلا ما دلَّ الدليل القاطع على الاستثناء الذي قلته آنفًا ، وأعني بإيجاز أنه ليس خاصّاً بزمنه ولا مطَّردًا في كل زمان، وهذا له أمثلة في نصوص كثيرة ، مثلاً : ( إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ) هذا من البداهة في مكان لأنه لا يمكن أن يُقال فيه إنه خاص في زمن الرسول أو زمن آخر ، لكن لا مجال للقول بأنه يشمل كل الأزمان ، وكذا الأمثلة تتكرر ، مثلاً في الحديث المعروف المشهور بل المتواتر: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ) إلى آخره ، جاء في * صحيح البخاري * في رواية معاوية لهذا الحديث المرفوع ، يقول هذا معاوية يقول : وهذا معاذ يقول معاوية الذي روى الحديث مرفوعا يقول : " وهذا معاذ يقول : هم في الشام ".
السائل : معاذ الذي قال.
الشيخ : كيف ؟
السائل : يحكي عن معاذ .
الشيخ : يقول لمعاذ ؟
السائل : يحكي عن معاذ .
الشيخ : يحكي عن معاذ ، نعم ، معاذ هو الذي يقول : " هم في الشام " ، فليس من الضروري أن يكونوا هم في الشام في كل لحظة ، في كل دقيقة ، في كل ساعة ، في كل يوم ، في كل أسبوع ، وهكذا طرد ، على ما يشاء الله عز وجل، لكن بلا شك الغالب أنهم في الشام ، مع استحضار أن معنى الشام أوسع مما يدور في أذهان كثير من الناس اليوم بسبب حياتهم وغفلتهم عن التقسيمات السياسية الكافرة ، فالشام سوريا والأردن وفلسطين وما أدري إذا كان .
السائل : لبنان .
الشيخ : ولبنان نعم ، فبهذا المعنى الواسع يكون الحديث ماشياً ، لكن ليس بهذا المعنى الضيق أنه في كل لحظة ، ممكن مثلًا أن يأتي زمن كما هو الزمن الحاضر الآن كما كان في زمن بعض الفتن ، المغول مثلا حينما هجموا على هذه البلاد ، فيفرُّ المسلمون بدينهم إلى بلاد أخرى ، فلا يقال أن الحديث اختل صدقه وتطبيقه إنما نقول هذا لا يعني الاطِّراد الدقيق الذي ذكرته آنفًا في اللحظة في الدقيقة إلى آخره .
فعلى هذا النوع من المعنى الواسع من جهة الضَّيِّق من جهة أخرى يمكن أن نفسِّر الأحاديث الذي ذكرتها آنفًا ، والله أعلم .