من أمثلة توسع الحنفية في استعمال القياس: إبطال صلاة من تكلم سهواً قياساً على من تكلم عمداً . حفظ
الشيخ : وبخاصة على طريقة الحنفية الذين حملوا على الناس وضيقوا عليهم في كثير من المسائل الفقهية لسبب توسعههم في استعمالهم للقياس فلا جرم أنهم سموا بأهل الرأي وما ذاك إلا أنه قد ظهر منهم مواقف قدموا الرأي والاجتهاد على النص مثلاً من الأمثلة المشهورة وأتبعه بمثال نادر عادة بيكون
المثال المشهور : أنهم ذكروا إجماعا منهم في مبطلات الصلاة الكلام ناسياً أو خطأً فذلك من مبطلات الصلاة عندهم ورد أحاديث صريحة وصحيحة تدل على أن كلام الناسي وكلام الجاهل ويجمعهما كلام غير المتعمد لا يبطل الصلاة، كمثل حديث مثلاً ذي اليدين وخلاصته حتى ما يطول الجواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى العصر ركعتين وقال له ذو اليدين : أقصرت الصلاة أم نسيت قال عليه السلام : كل ذلك لم يكن وجرى الحديث بينه وبين أصحابه أصدق ذو اليدين ؟ قالوا: نعم، فصلى ركعتين وسجد سجدتي السهو فردو هذا الحديث الصحيح لا ضرورة بنا الآن للولوج فيها لأن البحث كمثال وليس كترجيح رأي على رأي، ونحو ذلك قصة معاوية بن الحكم السلمي الذي تكلم في الصلاة حينما عطس رجل بجانبه فقال له يرحمك الله فنظرو إليه بمؤخرة أعينهم مسكتين له لكن ذلك ما زاده إلا غضباً وصياحاً فقال وهو يصلي : واثكلى أمياه ما لكم تنظرون إلي فأخذوا ضرباً على أفخاذهم مسكتين له قال : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة أقبل إلي فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس : إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة قرآن ، الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجاب معاوية بأن الأصل أن هذا الكلام يبطل الصلاة حيث قال لا يصلح فيها شيء من كلام الناس والشيء الذي لا يصلح فهو فاسد يبطل لكن لما كان الرجل قد تكلم غير عالم بأن هذا الكلام يبطل الصلاة لم يأمره عليه الصلاة والسلام بإعادة الصلاة أما الأحناف فقد غضوا النظر عن كل هذه الأدلة وغيرها وذكروا في متونهم : تبطل الصلاة بالكلام عمداً أو سهواً ، الشراح لما علقوا على كلمة سهواً قالوا بكل صراحة قياساً على العمد وهذا القياس من أفسد قياس على وجه الأرض كما يقول ابن حزم في غير هذه المناسبة لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه قياس الساهي على العامد كما لو قاس قائس قياس القاتل خطأً على القاتل عمداً هذا أبطل قياس على وجه الأرض.