شرح حديث ثوبان رضي الله عنه : ( إن حوضي ما بين عدن إلى عمان أكوابه كعدد نجوم السماء ... ). حفظ
الشيخ : ( أكوابه كعدد نجوم السماء ) : اليوم علمنا ما لم يكن يعلم سلفنا ولا فخر لنا في ذلك، علمنا أن عدد نجوم السماء أضعاف أضعاف مما تراه العين المجردة، فإذن الرسول عليه السلام حينما كان يعني بقوله: ( أكوابه كعدد نجوم السماء ) إنما يعني حقيقة الأمر الواقع لكن الناس تختلف نسبة اكتشافهم لعدد نجوم السماء، حتى العلماء منهم فإنهم في كل يوم يكتشفون نجمًا أو نجومًا كثيرة أو مجرات كما يقولون حيث هي تجمع مئات الألوف بل الملايين من النجوم، إذن هذه الجملة تعني أن عدد الأكواب التي يشرب بها المؤمنون من حوض الرسول عليه الصلاة والسلام هي فوق أن يحيط به عقل الإنسان، أو أكثر من أن يحيط به عقل الإنسان.
( من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا ): هذه بشارة إلى أن الذي يُقيّض له أن يشرب شَربة من ماء حوض الرسول عليه السلام وهو الكوثر فهذه بشارة أنه لن يظمأ بعدها أبدًا، أي: إنه سيدخل الجنة فيمر على هذا الحوض ويشرب منه فلا يظمأ بعدها أبدًا أبدًا.
وهذا الحوض هو كما قلت الكوثر، وهو المذكور بالقرآن الكريم بهذا الاسم: (( إنا أعطيناك الكوثر ))، والكوثر في اللغة وإن كان معناه الخير الكثير فذلك لا ينافي أن يكون هو هذا النهر الذي يصب على هذا الحوض وهو نهر الكوثر، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام فسر الكوثر بهذا، فإما أن يكون والحالة هذه في قوله تعالى: (( إنا أعطيناك الكوثر )) أنه هو الخير الكثير كما هو أصله في اللغة ومنه هذا النهر الذي وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بأن حصباءَه الدر، وحافته الجواهر الكريمة التي جاءت في الحديث، فهذا النهر إما أن يُجعل تفسيرًا للكوثر، أو أن يقال هذا جزء من الخير الكثير الذي أُعطيه الرسول عليه الصلاة والسلام، ولعل هذا المعنى هو الأليق لغةً والأنسب لمقام الرسول عليه السلام، لأنه فعلًا أُعطي الخير الكثير فمنه الكوثر ومنه هذا الحوض الذي وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه الصفات وقال: ( من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا ).