شرح حديث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا : ( يَجْتَمعُونَ يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: أَيْن فُقَرَاء هَذِه الْأمة قال فيقال لهم ماذا عملتم ؟ ... ) . حفظ
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو الحديث الثالث عشر، وهو حسن قال:
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم قَالَ: ( يَجْتَمعُونَ يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: أَيْن فُقَرَاء هَذِه الْأمة ؟ فَيُقَال لَهُم: مَاذَا عملتم ؟ فَيَقُولُونَ: رَبنَا ابتليتنا فصبرنا، وَوليتَ السُّلْطَان الْأَمْوَال غَيرنَا، فَيَقُول الله جلّ وَعلا: صَدقْتُمْ.
قَالَ: فَيدْخلُونَ الْجنَّة قبل النَّاس وَتبقى شدَّة الْحساب على ذَوي الْأَمْوَال وَالسُّلْطَان، قَالُوا: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ: توضع لَهُم كراسي من نور، وتظلل عَلَيْهِم الْغَمَائم، يكون ذَلِك الْيَوْم أقصر على الْمُؤمنِينَ من سَاعَة من نَهَار ) .
: في هذا الحديث ما يشير إلى قيد من القيود التي ذكرناها في الدرس الماضي في بيان فضل الفقراء، ولعلكم تذكرون أننا قلنا إن الإسلام لا يحض على الفقر وإنما الغرض من هذه الأحاديث هو كتسلية للمسلمين الذين قد يبتلون بالفقر فعليهم حين ذاك أن يصبروا، فليس الغرض من مدح الفقراء والثناء عليهم الحض على أن يُصبح كل مسلم فقيرًا، وإنما لما كانت الدنيا دار ابتلاء وامتحان فالرسول عليه الصلاة والسلام يذكر في هذه الأحاديث فضائل الفقر والفقراء، لماذا؟ لكي إذا ابتُلي أحدنا بشيء من هذا الفقر أن يصبر، فإذن أجر الفقر والفقراء هو بالنسبة لمن صبر منهم، ففي هذا الحديث إشارة إلى هذا الذي ذكرناه حيث قال: ( فَيُقَال لَهُم: مَاذَا عملتم؟ فَيَقُولُونَ: رَبنَا ابتليتنا ) فإذن الفقر بلاء كما قلنا في الدرس الماضي أيضًا، فلا ينبغي أن يسعى إليه الإنسان، لكن إذا ابتُلي به صبر، ولذلك قلنا في الدرس الماضي أن الرسول عليه السلام استعاذ من الفقر، فاستعاذته من الفقر إشارة إلى أنه بلاء مما يُبتلى به المؤمن فلا ينبغي للمسلم أن يسع إلى البلاء بنفسه بل ذلك مما نهى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كان الحديث الذي جاء في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " أن النبي عليه الصلاة والسلام مر برجل وهو يدعو في دعائه، وقد أصبح جسدًا لا روح فيه مريضًا، يدعو فيقول: اللهم ما ابتليتني أو ما كنت معاقبي في الآخرة فابتليني أو عجل به في الدنيا، فقال له عليه الصلاة والسلام: ( وهل لك طاقة في عذاب الله عز وجل يوم القيامة ؟! هلّا قلتَ: (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) ) "، فكما لا يجوز للمسلم أن يسأل الله أن يبلوه في بدنه فكذلك لا يجوز له أن يبلوه في ماله أي: أن يجعله فقيرًا، بل ينبغي أن يستعيذ من الفقر وشرّه، ولكن إذا ابتلي بمرض في بدنه فعليه أن يصبر وهذا لا ينافي تعاطي الدواء، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( تداووا عباد الله، فإن الله لم ينزل داءً إلا وأنزل له دواءً )، كذلك إن ابتُلي في ماله، إن ابتُلي بأن يقتَّر عليه في رزقه فعليه أن يصبر لعله ينال هذه الفضائل التي جاءت في هذه الأحاديث، فالفقر إذن بلاء والصبر عليه له جزاء وفير عند الله يوم القيامة، وفي هذه الأحاديث بيان شيء من ذلك.
وَعَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم قَالَ: ( يَجْتَمعُونَ يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: أَيْن فُقَرَاء هَذِه الْأمة ؟ فَيُقَال لَهُم: مَاذَا عملتم ؟ فَيَقُولُونَ: رَبنَا ابتليتنا فصبرنا، وَوليتَ السُّلْطَان الْأَمْوَال غَيرنَا، فَيَقُول الله جلّ وَعلا: صَدقْتُمْ.
قَالَ: فَيدْخلُونَ الْجنَّة قبل النَّاس وَتبقى شدَّة الْحساب على ذَوي الْأَمْوَال وَالسُّلْطَان، قَالُوا: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ ؟ قَالَ: توضع لَهُم كراسي من نور، وتظلل عَلَيْهِم الْغَمَائم، يكون ذَلِك الْيَوْم أقصر على الْمُؤمنِينَ من سَاعَة من نَهَار ) .
: في هذا الحديث ما يشير إلى قيد من القيود التي ذكرناها في الدرس الماضي في بيان فضل الفقراء، ولعلكم تذكرون أننا قلنا إن الإسلام لا يحض على الفقر وإنما الغرض من هذه الأحاديث هو كتسلية للمسلمين الذين قد يبتلون بالفقر فعليهم حين ذاك أن يصبروا، فليس الغرض من مدح الفقراء والثناء عليهم الحض على أن يُصبح كل مسلم فقيرًا، وإنما لما كانت الدنيا دار ابتلاء وامتحان فالرسول عليه الصلاة والسلام يذكر في هذه الأحاديث فضائل الفقر والفقراء، لماذا؟ لكي إذا ابتُلي أحدنا بشيء من هذا الفقر أن يصبر، فإذن أجر الفقر والفقراء هو بالنسبة لمن صبر منهم، ففي هذا الحديث إشارة إلى هذا الذي ذكرناه حيث قال: ( فَيُقَال لَهُم: مَاذَا عملتم؟ فَيَقُولُونَ: رَبنَا ابتليتنا ) فإذن الفقر بلاء كما قلنا في الدرس الماضي أيضًا، فلا ينبغي أن يسعى إليه الإنسان، لكن إذا ابتُلي به صبر، ولذلك قلنا في الدرس الماضي أن الرسول عليه السلام استعاذ من الفقر، فاستعاذته من الفقر إشارة إلى أنه بلاء مما يُبتلى به المؤمن فلا ينبغي للمسلم أن يسع إلى البلاء بنفسه بل ذلك مما نهى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كان الحديث الذي جاء في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " أن النبي عليه الصلاة والسلام مر برجل وهو يدعو في دعائه، وقد أصبح جسدًا لا روح فيه مريضًا، يدعو فيقول: اللهم ما ابتليتني أو ما كنت معاقبي في الآخرة فابتليني أو عجل به في الدنيا، فقال له عليه الصلاة والسلام: ( وهل لك طاقة في عذاب الله عز وجل يوم القيامة ؟! هلّا قلتَ: (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )) ) "، فكما لا يجوز للمسلم أن يسأل الله أن يبلوه في بدنه فكذلك لا يجوز له أن يبلوه في ماله أي: أن يجعله فقيرًا، بل ينبغي أن يستعيذ من الفقر وشرّه، ولكن إذا ابتلي بمرض في بدنه فعليه أن يصبر وهذا لا ينافي تعاطي الدواء، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( تداووا عباد الله، فإن الله لم ينزل داءً إلا وأنزل له دواءً )، كذلك إن ابتُلي في ماله، إن ابتُلي بأن يقتَّر عليه في رزقه فعليه أن يصبر لعله ينال هذه الفضائل التي جاءت في هذه الأحاديث، فالفقر إذن بلاء والصبر عليه له جزاء وفير عند الله يوم القيامة، وفي هذه الأحاديث بيان شيء من ذلك.