تتمة لباب : " الترغيب في الصبر سيما لمن ابتلي في نفسه أو ماله وفضل البلاء والمرض والحمى وما جاء فيمن فقد بصره "
شرح حديث شداد رضي الله عنه قال : ( إن الله يقول: إذا ابتليت عبداً مؤمناً فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ... ). حفظ
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً )) .
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لا نزال في باب " الترغيب في الصبر على البلاء " من كتاب * الترغيب والترهيب * للحافظ المنذري، وقد وصل بنا الدرس السابق إلى الحديث السادس والأربعين من نسختي وهو حديث حسن وهو قوله .
وعن أبي الأشعث الصنعاني : ( أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر ما راح فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه فقلت : أين تريدان يرحمكما الله تعالى ؟ فقالا : نريد هاهنا إلى أخ لنا من مضر نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل، فقالا له : كيف أصبحت ؟ فقال أصبحت بنعمة، فقال شداد: أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن الله يقول إذا ابتليت عبداً مؤمناً فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب عز وجل أنا قيدت عبدي وابتليته فأجروا له كما كنتم ترجرون له وهو صحيح ) رواه أحمد من طريق إسماعيل بن عياش، عن راشد الصنعاني، والطبراني في الكبير والأوسط، وله شواهد كثيرة .
قبل التعليق على هذا الحديث أريد أن أذكر بأن في نسختي سقطا عجيباً فمن كان عنده نسخة من الترغيب فلينظر إن كان هذا السقط فيها أيضاً فليستدركه.
هذا السقط يبدأ بعد قوله في نسختي هنا: ( فحمدني على ما ابتليته ) الزيادة الآن: ( فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل : أنا قيدت عبدتي وابتليته ) كل هذا سقط من نسخة الترغيب طبع منير الدمشقي، وما أظن النسخ الأخرى إلا مثلها .
نعود الآن إلى الحديث: راوي هذا الحديث رجل ثقة من التابعين هو أبو الأشعث الصنعاني وهو من ثقات رجال مسلم، والآن لو يحسن التنبيه أن الصنعاني هنا ليس نسبة لصنعاء اليمن وإنما هنا في الشام بلدة تعرف أيضاً بصنعاء ، هذا أبو الأشعث دمشقي صنعاني ، يقول أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر الرواح يعني بكر في الذهاب إلى مسجد دمشق، فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه وهذا رجل من التابعين وقيل إن له صحبة الصنابحي هذا، أما شداد فهو صحابي مشهور ، قال أبو الأشعث الصنعاني : فقلت أين تريدان يرحمكما الله تعالى فقالا : نريد هاهنا إلى أخ لنا من مضر نعوده، قال: فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل فقالا له : كيف أصبحت ؟ فقال : أصحبت بنعمة، فنلاحظ بأن هذا الرجل المريض الذي عاده شداد بن أوس ومن معه من صاحبيه لم يشك ولم يتضجر من مرضه، وإنما قال : أصحبت بنعمة وهذه حقيقة، لأن الإنسان مهما أصيب بمصيبة ومهما ابتلي ببلاء فما أبقى الله عز وجل له من نعم أكثر وأكثر كما أشار إلى ذلك قول ربنا عز وجل: (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) فمن أجل ذلك أي من أجل قول هذا المريض جواباً لمن سأله كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بنعمة بشره شداد بهذا : أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا فإن سمعت رسول الله صلىى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن الله يقول : إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته ) هنا الشاهد من الحديث يعني أنه صبر على بلواه وحمد الله عز وجل على ما أبقى فيه من نعم أخرى بما يدل على أنه راض بقضاء الله عز وجل وقدره عليه.
يقول في الحديث وهو حديث قدسي كما سمعتم: ( إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ) أي إن مرضه المقرون بالصبر والحمد لله عز وجل يكون سبباً لتكفير ذنوبه كلها ويعود بسبب ذلك كيوم ولدته أمه.
هذا من فضل المرض الذي يبتلى به الإنسان فيصبر عليه ، وليس هذا فقط بل إن الله عز وجل يقول كما في تمام الحديث يقول الرب عز وجل : أنا قيدت عبدي وابتليته أنا أسرته وأنا ابتليته قيدته منعته من الانطلاق من أن يتصرف في أموره الدينية والدنيوية، ولكن الله عز وجل لفضله الذي لا منتهى له يقول لملائكته : ( أجروا له كما كنتم ترجون له وهو صحيح ) قد مر أحاديث معنا في الدروس السابقة ما يشهد لهذه الجملة بصورة خاصة، أي أن الله عز وجل إذا ابتلى عبداً بمرض أو سافر عبد من عباده فالله عز وجل يتفضل على هذا العبد بأن يكتب له ما كان يفعله من الأعمال الصالحة في صحته وفي حال إقامته، فقوله عز وجل : ( فأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح ) أيضاً يؤكد هذا المعنى، وهذا من فضائل الابتلاء الذي يبتلى به الإنسان فيصبر عليه فهو بالإضافة إلى أنه يرجع مغفوراً له كيوم ولدته أمه بالإضافة إلى ذلك أنه تكتب له أجور الأعمال الصالحة التي كانت يأتي بها قبل مرضه وفي حال صحته.
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً )) .
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لا نزال في باب " الترغيب في الصبر على البلاء " من كتاب * الترغيب والترهيب * للحافظ المنذري، وقد وصل بنا الدرس السابق إلى الحديث السادس والأربعين من نسختي وهو حديث حسن وهو قوله .
وعن أبي الأشعث الصنعاني : ( أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر ما راح فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه فقلت : أين تريدان يرحمكما الله تعالى ؟ فقالا : نريد هاهنا إلى أخ لنا من مضر نعوده، فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل، فقالا له : كيف أصبحت ؟ فقال أصبحت بنعمة، فقال شداد: أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن الله يقول إذا ابتليت عبداً مؤمناً فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب عز وجل أنا قيدت عبدي وابتليته فأجروا له كما كنتم ترجرون له وهو صحيح ) رواه أحمد من طريق إسماعيل بن عياش، عن راشد الصنعاني، والطبراني في الكبير والأوسط، وله شواهد كثيرة .
قبل التعليق على هذا الحديث أريد أن أذكر بأن في نسختي سقطا عجيباً فمن كان عنده نسخة من الترغيب فلينظر إن كان هذا السقط فيها أيضاً فليستدركه.
هذا السقط يبدأ بعد قوله في نسختي هنا: ( فحمدني على ما ابتليته ) الزيادة الآن: ( فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الرب عز وجل : أنا قيدت عبدتي وابتليته ) كل هذا سقط من نسخة الترغيب طبع منير الدمشقي، وما أظن النسخ الأخرى إلا مثلها .
نعود الآن إلى الحديث: راوي هذا الحديث رجل ثقة من التابعين هو أبو الأشعث الصنعاني وهو من ثقات رجال مسلم، والآن لو يحسن التنبيه أن الصنعاني هنا ليس نسبة لصنعاء اليمن وإنما هنا في الشام بلدة تعرف أيضاً بصنعاء ، هذا أبو الأشعث دمشقي صنعاني ، يقول أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر الرواح يعني بكر في الذهاب إلى مسجد دمشق، فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه وهذا رجل من التابعين وقيل إن له صحبة الصنابحي هذا، أما شداد فهو صحابي مشهور ، قال أبو الأشعث الصنعاني : فقلت أين تريدان يرحمكما الله تعالى فقالا : نريد هاهنا إلى أخ لنا من مضر نعوده، قال: فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل فقالا له : كيف أصبحت ؟ فقال : أصحبت بنعمة، فنلاحظ بأن هذا الرجل المريض الذي عاده شداد بن أوس ومن معه من صاحبيه لم يشك ولم يتضجر من مرضه، وإنما قال : أصحبت بنعمة وهذه حقيقة، لأن الإنسان مهما أصيب بمصيبة ومهما ابتلي ببلاء فما أبقى الله عز وجل له من نعم أكثر وأكثر كما أشار إلى ذلك قول ربنا عز وجل: (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) فمن أجل ذلك أي من أجل قول هذا المريض جواباً لمن سأله كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بنعمة بشره شداد بهذا : أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا فإن سمعت رسول الله صلىى الله عليه وآله وسلم يقول : ( إن الله يقول : إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته ) هنا الشاهد من الحديث يعني أنه صبر على بلواه وحمد الله عز وجل على ما أبقى فيه من نعم أخرى بما يدل على أنه راض بقضاء الله عز وجل وقدره عليه.
يقول في الحديث وهو حديث قدسي كما سمعتم: ( إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا ) أي إن مرضه المقرون بالصبر والحمد لله عز وجل يكون سبباً لتكفير ذنوبه كلها ويعود بسبب ذلك كيوم ولدته أمه.
هذا من فضل المرض الذي يبتلى به الإنسان فيصبر عليه ، وليس هذا فقط بل إن الله عز وجل يقول كما في تمام الحديث يقول الرب عز وجل : أنا قيدت عبدي وابتليته أنا أسرته وأنا ابتليته قيدته منعته من الانطلاق من أن يتصرف في أموره الدينية والدنيوية، ولكن الله عز وجل لفضله الذي لا منتهى له يقول لملائكته : ( أجروا له كما كنتم ترجون له وهو صحيح ) قد مر أحاديث معنا في الدروس السابقة ما يشهد لهذه الجملة بصورة خاصة، أي أن الله عز وجل إذا ابتلى عبداً بمرض أو سافر عبد من عباده فالله عز وجل يتفضل على هذا العبد بأن يكتب له ما كان يفعله من الأعمال الصالحة في صحته وفي حال إقامته، فقوله عز وجل : ( فأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح ) أيضاً يؤكد هذا المعنى، وهذا من فضائل الابتلاء الذي يبتلى به الإنسان فيصبر عليه فهو بالإضافة إلى أنه يرجع مغفوراً له كيوم ولدته أمه بالإضافة إلى ذلك أنه تكتب له أجور الأعمال الصالحة التي كانت يأتي بها قبل مرضه وفي حال صحته.