باب : " الترغيب في الوصية والعدل فيها والترهيب من تركها أو المضارة فيها وما جاء فيمن يعتق ويتصدق عند الموت " شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين ). حفظ
الشيخ : نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) .
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
" الترغيب في الوصية والعدل فيها والترهيب من تركها أو المضارة فيها وما جاء فيمن يعتق ويتصدق عند الموت ".
الحديث الأول وهو من الأحاديث الصحيحة ما سيعلمكم ذلك تخريجه .
قال عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين ) وفي رواية ( ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عنده ) .
( ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين ) وفي رواية ( ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة عنده )
قال نافع سمعت عبدالله بن عمر يقول ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي مكتوبة ) رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة .
وفي مثل هذا التخريج يختصره بعضهم فيقول رواه مالك والستة أي أصحاب الكتب الستة أصحاب الصحيحين بخاري ومسلم والأربعة أصحاب السنن لكن التوضيح قد يكون لبعض الناس أنفع .
الشاهد في هذا الحديث حض بليغ لكل مسلم ألا يبات على الأقل ليلتين تمضيان عليه فضلا عن أكثر من ذلك وليست وصيته مكتوبة عنده فلابد لكل مسلم أن يكون تحت رأسه في كل ليلتين بالكثير وصية مكتوبة
ولكن ما هذه الوصية قد يتبادر للذهن أن المطلوب أي وصية والحقيقة ليس كذلك وإنما الحض في هذا الحديث يأتي على وصية لإنسان عنده شيء كما قال عنده شيء وفي بعض روايات الحديث في سنن البيهقي بدل لفظة شيء ( مال ) عنده مال ومعنى ذلك أن الوصية حين ذاك تجب على من كان له مال عند أحد أو عليه مال لأحد فحين ذاك لابد من تنفيذ هذه الوصية من أن يكتب وصيته بأنه فلان له عليّ كذا فلان لي عليه كذا في الصورة الأولى فيما إذا كان عليه دين وذمة فواضح أن الأمر بالنسبة إليه هام جدا لأنه سيموت وفي ذمته دين
وقد مضى معنا في بعض الأحاديث خطورة من يتوفى وعليه دين ومن هذه الأحاديث مثلا قوله عليه السلام ( يغفر للشهيد كل ذنب ثم قال إلا الدين جاءني جبريل عليه السلام آنفا فقال إلا الدين ) كل ذنب يغفر للشهيد إلا الدين
كذلك في حديث آخر أن الميت في قبره معلق بدينه وفي حادثة وقعت في عهده عليه السلام ( توفي رجل وبعد يوم أو يومين خطب الرسول عليه السلام فيهم فقال من أهل فلان أو أقارب فلان فكأن القوم سكتوا وخافوا أن يكون فيه شيء فقال لهم إن فلانا مأسورا بدينه في قبره ) كأنه يحضهم أن يتعاهد أحدهم بأن يفي ذاك الدين عن المتوفى ( فقام رجل أظنه أبا قتادة الأنصاري قال علي يا رسول الله بعد يوم أو أكثر سأله هل وفيت قال لا فعجله بالوفاء ثم سأله فقال فعلت قال عليه السلام الآن بردت جلدته ) يعني كان يعذب بسبب إيه بسبب الدين الذي مات وهو عليه لذلك فمن كان عليه دين فمن المهم جدا بالنسبة إليه أن يوصي بأن يبادر أهله وأقاربه بوفاء هذا الدين عنه حتى لا يعيش أسيرا في دينه بقبره وإن كان له على الناس دين فهذا حق الورثة من بعده فإذا كتم ذلك ولم يوص به ذهب هذا الحق عن ورثته فكأنه حرمهم من المال الذي تركه لهم من بعده .
فمثل هذه الوصية واجبة وهذا الحديث ينصب عليه مباشرة لقوله كان له شيء وفي الرواية الأخرى مال.