فائدة في بيان أهمية الاخلاص في العمل الصالح. حفظ
الشيخ : إذن هذا الحب للقاء الله المستلزم لحب الموت في تلك اللحظة ليس حبا عاما يعني أن المسلم يحب الموت دائما وأبدا هذا كما ألمحت إليه السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أن الإنسان بطبيعته يكره الموت ثم المسلم يكره الموت ليس لأنه ينخلع وينفك من هذه الحياة الدنيا والتنعم بملذاتها والتلهي بملاهيها وإنما هو يشفق من ذاك اللقاء في الآخرة أن يكون مقصرا مع ربه تبارك وتعالى .
ولذلك كان أيضا من صفات المؤمنين أنهم من لقاء ربهم مشفقون يخافون من لقاء الله عز وجل لماذا لأنهم لا يعيشون في الحياة الدنيا مغترين معجبين بما قد يكونوا قدموا لأنفسهم من أعمال صالحة ذلك لأن الإنسان المسلم المشفق على مستقبل حياته الأبدية لا ينظر إلى عمله نظرة رضا ونظرة قبول لأنه يشترط أن يكون العمل المقبول عند الله عز وجل أن يكون صافيا خالصا لوجه الله تبارك وتعالى وهذا هو الجهاد الأكبر في الواقع .
ليس الجهاد الأكبر أن يعمل المسلم عملا صالحا فها نحن نصلي وها نحن نصوم وقد نحج مرارا وتكرارا ولكن الجهاد الأكبر أولا أن يكون أو أن تكون أعمالنا هذه الصالحة على وجه السنة ولا يكون فيها شيء من البدعة التي تفسد العمل الصالح فمن كان يرجو لقاء ربه (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) .
إذن الجهاد ليس هو بالإتيان أو لمجرد الإتيان بالعمل الذي هو عبادة وطاعة لله عز وجل كالأمثلة التي ذكرناها من صلاة وحج وزكاة ونحو ذلك وإنما أن يتوفر في ذلك العمل الشرطان الأساسيان لأن يكون مقبولا عند الله عز وجل .
الشرط الأول أن يكون على السنة كما ذكرنا وإلا فكل عمل كما قال عليه السلام ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولذلك كم من مصل لم يصل كم من حاج لم يحج كما قيل سابقا " وما حججت ولكن حجت الإبل " كثير من الناس اليوم حينما نلتقي بهم هناك في الحج يتهافتون بعد فوات الوقت وبعد كما يقال أيضا خراب البصرة يتساءلون يا سيدي أنا فعلت كذا وكذا شو يعني فعل يعني ما وقف في عرفة وقف دونها إي والرسول يقول ( الحج عرفة ) فماذا استفاد هذا الإنسان هيأ يمكن يكون من ناحية المعيشة فقيرا أو أحسن من ذلك متوسط الحال عم يقتر على نفسه حتى يجمع له نفقة الحج وإذا به ذهبت نفقته هباء منثورا .
وهكذا كم من مصل كما قال عليه السلام ( ليس له من صلاته إلا التعب ) لذلك فالمسلم يبقى خائفا مشفقا على عمله أن يكون لم يتوفر فيه على الأقل أحد الشرطين فإن كان حريصا أمثالنا نحن مثلا الذين ننتمي إلى السنة ونحرص أن تكون أعمالنا وعبادتنا كلها وفق السنة فقد يفوتنا الإخلاص قد يفوتنا الإخلاص ولذلك فلا يجتمع الركون والاعتداد بعمل الإنسان الصالح إذا كان مشفقا من أولئك المؤمنين الذين وفقهم رب العالمين كما سمعتم في الآية السابقة (( والذين هم من عذاب ربهم مشفقون )) فلذلك لا يغتر الإنسان يقول والله أنا رجل مسلم وأنا أعمل صالحا وأنا بحب لقاء الله هذا الحب يكون كاذبا مدعيه وإنما الحب الحقيقي الذي أراده الرسول عليه السلام هو حينما يلقى ثمرة عمله الصالح حقا حينما يحضره الموت كما سيأتي في حديث ثانٍ بعده .
إذن تقول السيدة عائشة رضي الله عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقلت يا نبي الله أكراهية الموت فكلنا يكره الموت قال ليس ذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه ) رواه البخاري أي تعليقا كما قلنا ومسلم والترمذي والنسائي .