بيان أنواع النسك في الحج ووجوب الإتيان بالعمرة في الحج. حفظ
الشيخ : وأريد أن أذكر بهذه المناسبة ببعض الأمور التي لم يجر عادة المذكرين أو الكاتبين أو المؤلفين بالتذكير بها .
فمن المعتاد مثلا أن يذكر من أشرنا إليهم بأنه يجب على المسلم أن يحج بالمال الحلال وهذا أمر طبعا واجب
وأن يتحلل من الحقوق التي للناس عليه وأن يقوم بأدائها إليهم وهذا أيضا أمر واجب لكن هذه الأشياء لا تخلو رسالة في مناسك الحج إلا وفيها التنبيه بمثل هذه الأمور وهذا أمر جيد ولكن هناك أمور أخرى بحاجة أن يذكر بها الحاج ومع ذلك فقلّ من نجد ممن يذكر بها.
فمن ذلك أن الحج ثلاثة أنواع تمتع وقران وإفراد فيجب أن نعلم بأن الحج المفرد هذا لا يجوز أن يتقصده المسلم في حجه بل يجب عليه أن يصرف نظره عنه ذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة حجة الوداع المعروفة والتي منها فيها رسالة أيضا نذكرها ( قال وقد خطبهم بعد أن سعى بين الصفا والمروة فوقف على المروة وقام فيهم خطيبا ) وقال في جملة ما قال ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) وشبك بين أصابعه هكذا دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة هذا النص يعني أن المسلم لا يجوز أن يحج حجة بغير عمرة لأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة يعني ربنا عز وجل جعل العمرة في الحج من الحج وهذا النص يشعر بأن العمرة في الحج جزء لا يتجزأ يعني يشعر بأن العمرة ركن من أركان الحج ولولا أنني لا أعلم أن أحدا ذهب إلى هذا ولذلك لولا أنني لا أعلم أن أحدا تمسك بظاهر هذه الدلالة لقلت بها لكن لا أحد سبقني بهذا التصريح فنقول بأن العمرة واجبة هذا النص أقل ما يفيد وجوب العمرة في الحج لأنها صارت جزءا من هذه العبادة فقد يكون هذا الجزء ركنا من أركان العبادة وقد يكون فرضا غير ركن هذا محتمل فأقل ما يقال أن العمرة في الحج فرض من فروض الحج لكن لا نستطيع أن نقول بأن العمرة في الحج ركن من أركان الحج بمعنى إذا ترك العمرة في الحج بطل حجه لا نستطيع أن نقول هذا لأننا لا نعلم أحدا سبقنا إلى ذلك لكن سبقنا كثير كثير من كبار العلماء من الصحابة وغيرهم إلى القول بوجوب العمرة في الحج لذلك ينبغي على كل من أراد الحج في هذه السنة أو في السنين الآتية أن يعتمر بين يدي الحج في أشهر الحج لتكون حجته كما قال عليه الصلاة والسلام ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) ولا فرق ولا فرق بين أن يكون هذا الحاج يحج لنفسه أو يحج عن غيره فقد سمعنا مرارا في كل سنة تقريبا أن بعض المشايخ الذين اعتادوا أن يحجوا حجة بدل يحجون حجة إفراد وجعلوها نظاما بحيث قام في أذهان بعض الناس ممن لا علم عندهم وممن لا يتمكنون من الاستيضاح من الذين يلقنونهم هذه المسائل صار عرفا عندهم أن حجة الإنسان عن نفسه شيء وحجته عن غيره شيء آخر فهو يحج عن نفسه حج تمتع أما عن الغير حج البدل يحج حجة مفرد هذا التفصيل هذا التفصيل لا أصل له في الشريعة .
العلماء لا شك اختلفوا في هذه الأنواع الثلاثة من المنسك أيها أفضل فالحنفية يذهبون إلى إن القران أفضل والشافعية إلى أن الإفراد أفضل والحنابلة إلى أن التمتع أفضل وبعض الحنابلة يجعلون هذه الأفضلية للواجبات التي لا يجوز التهاون بها فهؤلاء الذين اختلفوا كل منهم ما ذهب إليه يتبناه لنفسه سواء حج عن نفسه أو عن غيره لكن الحقيقة إن الذين يذهبون اليوم يحجون حجة بدل يرمون من وراء جعل الحجة هذه حجة البدل حج الإفراد إلى أمر من أمرين يختلف تعلق أحد الأمرين بهذا الحاج يختلف اختلاف نية هذا الحاج فإذا أحسنا الظن به فهو إنما يقصد أن يحج حجة بدل ليخفف من نفقات هذه الحجة عن الذي أنابه أو كلفه بأن يحج حجة البدل هذا إذا حسّنا الظن به .
أما إذا أسأنا الظن وهذا طبعا خلاف الأصل فمجال القول واسع هو يريد أن يقضي حجة البدل بأقل الثمن ليستفيد مما زاد مما أعطي له كتكاليف لهذه الحجة أما أن يكون هناك في الشرع تفريق بين من يحج عن نفسه وبين من يحج عن غيره فهذا لا أصل له.
هذه الأنواع الثلاثة لا نستطيع نحن أن نفرض على الناس رأيا معينا ولكن الذي تبين لنا من دراسة الكتاب والسنة المبينة للكتاب هو أن حج التمتع أفضل الأنواع بلا شك ولا ريب بل هو واجب من واجبات المتعلقة بمنسك الحج ولذلك نذكر أن من حج عن غيره فكما لو حج عن نفسه يجب أن يجعل حجته حجة تمتع على كل حال.