كيف الجمع بين حديث ( إذا تقابل المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) وما حصل بين الصحابة من القتال ؟. حفظ
السائل : سؤال يرُد بعضهم الحديث الصحيح ( إذا تقابل المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) بالشبهة التالية فقد اقتتل الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان منهم بعض المبشرين بالجنة فكيف التوفيق بين الحديث وبين اقتتال بعض الصحابة زمن علي رضي الله عنه ؟
الشيخ : الحديث محمول على الذيَن يقتتلان لا في سبيل الله وإنما في سبيل الانتصار النفس أو الحرص على المال او نحو ذلك وهذا الحمل الحديث لابد منه والسؤال يرد في الواقع من عدم تذكر السائل على الأقل ولا أقول من عدم علمه بمثل قول الله عز وجل (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) فنحن نجد في هذه الآية تصريح رب العالمين عز وجل بإطلاق كلمة المؤمنين على كل من الطائفتين الصالحة والباغية (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) فحينما يحكم ربنا عز وجل على كل من الطائفتين المتقاتلتين بأنهما من المؤمنين فحينئذ لا نستطيع أن نجمع بين الآية وبين هذا الحديث إلا بأن يحمل الحديث على تقاتل في سبيل الدنيا لا في سبيل المطالبة بالحق كما هو المقصود بالآية السابقة فكلاهما في النار هنا لأن كل منهما أراد قتل صاحبه بغير حق أما حينما يكون كل منهما يقاتل صاحبه فيما يعتقد أنه يقاتله في سبيل الله فهذا الحديث لا يحمل على مثل هذه الصورة وإنما الآية تحمل على هذه الصورة وحين ذاك لابد من حمل الحديث على التقاتل في سبيل الدنيا .
وكل من الصورتين يوجد في هذه الأرض فتقاتل علي مع معاوية تقاتل علي مع جيش عائشة ونحو ذلك كله داخل في عموم آية (( وإن طائفتان من المؤمنين )) إلى آخرها هذا نقوله للتوفيق بين الآية والحديث ولكن كل طائفة مؤمنة يمكن أن تصور وجود أفراد فيهم ليسوا بمؤمنين أصلا وإنما هم أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر فظهروا مسلمين ولكنهم في أنفسهم شرعا هم منافقون وهم كما قال تعالى (( في الدرك الأسفل من النار )) .
فالجيشان المتقاتلان جيش علي وجيش معاوية أنا شخصيا لا أستبعد أن يكون هناك أفراد في كل من الجيشين لا ينطبق عليهم الآية لكن ينطبق عليهم الحديث يعني أفراد أخذوها حمية جاهلية في كل من الطائفتين بينما الجمهور تصور فيهم أنهم قاتلوا قاتل بعضهم بعضا في سبيل إحقاق الحق الذي يعتقده فالخلاصة أن الحديث يحمل على من كانت نيته سيئة والآية على من كانت نيته صالحة لكن قد يكون في عمله مخطئ وغير مصيب .