تتمة لباب : " الترغيب في حفر القبور وتغسيل الموتى وتكفينهم " شرح حديث رافع رضي الله عنه قال : ( من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة ومن حفر لأخيه قبرا حتى يجنبه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث حفظ
الشيخ : وهنا شيء لا بأس به من التنبيه عليه وهو تعليقا على قوله عليه السلام : ( من حفر لأخيه قبرا ) إن النبي عليه الصلاة والسلام كما ذكرنا لكم مرارا وتكرارا قد وضع للمسلمين مبادئ وقواعد أمرهم أن يلتزموها لكي يحتفظوا بذلك إذا ما حافظوا عليها على شخصيتهم المسلمة وأن يمتازوا ليس فقط بعقائدهم وأخلاقهم وإنما أيضا بمظاهرهم وأعمالهم من ذلك أنه جعل قبر المسلم يختلف وهو شيء باطني غير الشيء الظاهري لأننا نتكلم عن حفر القبر لقد جعل الرسول عليه السلام حفر قبر المسلم ينبغي أيضا أن يختلف في صورته عن قبر الكافر فقال عليه الصلاة والسلام ( اللحد لنا والشق لغيرنا ) ( اللحد لنا والشق لغيرنا ) أو في رواية أخرى ( لأهل الكتاب ) .
فما هو اللحد وما هو الشق ؟
الحفرة التي تحفر على شكل المستطيل وإلا إيش نسميه نعم
الطالب : متوازي المستطيلات
الشيخ : متوازي
الطالب : المستطيلات
الشيخ : المستطيلات الحفرة هذه التي تحفر هكذا هذه حفرة سوانا معشر المسلمين أما اللحد الذي هو لنا في الحديث الذي ذكرناه آنفا فهو هذه الحفرة التي لابد منها أولا ثم يحفر حفرة في جدار تلك الحفرة الأولى الجدار القبلي منها هذه القبلة قبلتنا وهذه الحفرة المستطيلة كما ذكرنا وهذه الواجهة وهذا الجدار هو الجدار الذي يستقبل القبلة فيحفر من الداخل حفرة بمقدار جسد الميت كبيرا كان أو صغيرا بحيث تتسع هذه الحفرة الثانية لجسد هذا الميت فيودع فيه ووجهه إلى القبلة وظهره إلى الحفرة الكبيرة والسر في ذلك أنه إذا أهيل التراب عليه جاء التراب من خلفه ولم يتساقط التراب على وجهه كما هو الشأن في الحفرة في الشق الذي هو لغيرنا .
فحينما يقول الرسول عليه السلام في هذا الحديث ( من حفر لأخيه قبرا ) فإنما يعني الحفرة المشروعة لدينا وليس كل حفرة ولو كانت تلك من عادة غيرنا من أهل الكتاب ومع الأسف إن هذه السنة أي ما سماه الرسول عليه السلام باللحد أصبح أمرا منسيا في كثير لا أقول في كل البلاد الإسلامية فقد رأيت في بعض البلاد التي لا تزال أقرب من بلادنا إلى السنة من يحافظون على اللحد.
وأنا شخصيا أنعم الله تبارك وتعالى عليّ أن شاركت ولا أقول حفرت لأني ما أستطيع ذلك مع الأسف لكنني شاركت أولا بالتوجيه إلى حفر اللحد ثم شاركت بالتعاون معهم في حفر هذا اللحد في بعض البلاد العربية ولذلك فالمسلم يجب أيضا أن يلاحظ هذه القضية ولا يهملها ولا شك أن ذلك في حدود (( اتقوا الله ما استطعتم )) لأنه مع الأسف الشديد اليوم أصبح المسلم لا يستطيع أن يؤمن بنفسه قبره الذي سيكون مصيره إليه وإنما ذلك راجع إلى من اتخذ ذلك مهنة وتسلط على الناس بأن يأخذ ثمن القبر أثمانا بالغة باهظة وقد يعجز عن القيام بهذا الثمن كثير من الناس إلا أن يستقرضوا أو أن يسألوا بينما كانت المسألة فطرية بدهية كل من مات فسرعان ما سيجد من يهيئ له القبر بدون أي ثمن وبدون أي منة لأنه من الأمور التي كانوا يتقربون بها إلى الله تبارك وتعالى.
فإن كنا لا نستطيع مع الأسف أن نحقق مثل هذه الأمور عمليا للأمور التي تحيط بنا مع الأسف الشديد فعلى الأقل يجب أن يبقى هذا في أذهاننا لكي لا ننسى شريعتنا مع مضي الأيام والسنين فيعود أمرنا إلى الضلال الذي وقع فيه النصارى .
والذين وصّفوا في سورة الفاتحة بقوله تعالى (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) أي المغضوب عليهم هم كل جنس من البشر عرفوا الحق وحادوا عنه أما الضالون فهم الذين جهلوا الحق فحادوا عنه بطبيعة الحال فمثال الفريق الأول من المغضوب عليهم اليهود ومثال الفريق الآخر النصارى وهذا أصح ما قيل في تفسير هذه الآية (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ولا يظنن ظان أن الحديث الذي جاء في تفسير هذه الآية قائلا (( غير المغضوب عليهم )) اليهود (( ولا الضالين )) النصارى لا يظنن ظان أن هذا التفسير هو على سبيل الحصر أي المغضوب عليهم هم اليهود فقط والضالين هم النصارى فقط ليس الأمر كذلك وإنما جاء الحديث على سبيل التمثيل وليس على سبيل التحديد.
لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إن لكثير من علماء المسلمين شبها بالمغضوب عليهم والضالين فالذين عرفوا الحق وحادوا عنه مثلهم مثل اليهود والذين جهلوا الحق وحادوا بطبيعة الحال عنه فمثلهم مثل النصارى
فعلينا نحن أن نعرف شريعتنا ولا ننساها لكي نعمل بها حينما يتيسر لنا سبيل العمل والتطبيق هذا ما أردت لفت النظر إليه بمناسبة قوله عليه السلام ( ومن حفر لأخيه قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث ) .