باب " الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية " شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( ما من ميت يصلي عليه ثلة من المسلمين ) . حفظ
الشيخ : يقول المصنف الحافظ المنذري رحمه الله في كتابه الترغيب :
" الترغيب في كثرة المصلين على الجنازة وفي التعزية " .
ونحن على ما جرينا عليه دائما وأبدا منذ بدأنا بالاستفادة من هذا الكتاب إنما نسمعكم ما صح منه وثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على طريقة علماء الحديث .
فالحديث الأول وهو صحيح قال رحمه الله .
عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه ) رواه مسلم والنسائي والترمذي وعنده ( مئة فما فوقها ) .
يعني بدل قوله في رواية مسلم يبلغون مئة فالترمذي قال ( يبلغون مئة فما فوقها ) .
ففي هذا الحديث بيان فضل كثرة المصلين على جنازة المسلم وأن هذه الكثرة إذا بلغت مئة فما فوقها ودعوا لهذا الميت المصلى عليه وشفعوا له عند ربه تبارك وتعالى وأخلصوا في ذلك فالله عز وجل يستجيب دعاءهم ويغفر لميتهم هذا.
أول شيء أريد أن أوضح مما يتعلق بهذا الحديث هو قوله عليه السلام فيه ( وشفعوا فيه ) فإن كلمة الشفاعة مع أنها لفظة أصيلة في اللغة العربية أصبح معناها بعيدا عن أذهان المسلمين ولا أعني العجم منهم وإنما أعني العرب لأنهم يفهمون من الشفاعة كأنها خاصة لناس دون ناس وهي في الحقيقة لا تعني إلا الدعاء من شخص إلى آخر إذا دعا لنفسه لا يقال شفاعة ولكنه إذا دعا لغيره فقد شفّع فيه فإما أن يستجيب الله عز وجل له ويقبل شفاعته وحينئذ يقال شفّع أو شفعوا فيه وهذه اللفظة التي وردت في هذا الحديث وهي كما سمعتم خاصة بالذين يصلون على الميت وبلغ عددهم مئة وشفعوا فيه إلا شفعوا فيه قبلت شفاعتهم فيه أي دعوا فاستجيب دعاؤهم فيه هذه اللفظة هي عينها جاءت في حديث الضرير الذي يلتبس أمره على كثير من المسلمين اليوم ولا يحسنون فهمه فيستدلون به على أمر لا أصل له في الإسلام وإنما هو من محدثات الأمور ألا وهو التوسل بالأولياء والصالحين
حديث الضرير هذا لعله يعرفه كلكم أو على الأقل جلكم وهو من الأحاديث الصحيحة والتي مرت هنا في هذا الكتاب نفسه مما رواه الترمذي وغيره : ( أن رجلا جاء رجلا ضريرا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يعافيني ) فهنا الآن ينبغي أن نفهم كلمة ادع مرادفة لاشفع ادع الله أن يعافيني اشفع لي أن يعافيني المعنى واحد لكني أنبه على هذا سلفا ومقدما لتتنبهوا لبقية الحديث وليفهم فهما صحيحا .
( قال يا رسول الله ادع الله أن يعافيني قال إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير لك قال فادع اشفع يا رسول الله ) أنا لا صبر عندي ( فقال له عليه الصلاة والسلام ائت بميضأة وتوضأ وصل لله ركعتين ثم قل اللهم إني اسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي ليعافيني اللهم فشفّعه فيّ وشفعني فيه ) الشاهد في هذه اللفظة المتكررة اللهم فشفعه فيّ وشفعني أنا فيه فإذا ما تذكرنا أن معنى الشفاعة هو الدعاء حينئذ يتضح لنا أن معنى هذا التعليم النبوي الكريم لهذا الرجل الضرير أن يقول في دعائه ( اللهم فشفعه فيّ وشفعني فيه ) فمعنى ذلك أنه يقول في الدعاء طالبا من الله أن يقبل دعاء النبي فيه أي في هذا الضرير وأن يقبل دعاء الضرير في النبي كيف يقبل دعاء الضرير في النبي أي أن يقبل دعاء النبي في الضرير أن يرجع بصيرا وأن يقبل دعاء الضرير في أن يقبل الله دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الضرير.
إذن كلمة الشفاعة هي بمعنى الدعاء ولا فرق أبدا إنما الفرق يأتي أن الشفاعة تكون بين اثنين أحدهما شافع والآخر مشفوع فيه أما الدعاء فيدعو لنفسه ولا يسمى شفاعة فهنا لما دعا الرسول عليه السلام للضرير فهي شفاعة كذلك تماما لما دعا الضرير أن يقبل الله دعاء النبي فيه فقد أيضا شفّع فيه لذلك علمه عليه السلام أن يقول ( اللهم فشفعه فيّ وشفعني فيه ) .
شفعه فيّ اقبل دعاءه فيّ شفعني فيه اقبل دعائي فيه طبعا رسول الله ليس بحاجة إلى دعاء الضرير له لكن الحقيقة هذا الضرير لا يدعو للرسول نفسه كما دعا الرسول للضرير نفسه وإنما هذا الدعاء من الضرير للرسول عليه السلام عائد إليه نفسه فهذا تأكيد لاستجابة الدعاء من الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الضرير الذي جاء متوسلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم متوسلا به إلى الله .