باب : " الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمل والمبادرة بالعمل وفضل طول العمر لمن حسن عمله والنهي عن تمني الموت "
شرح حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطاً لي أنا وأمي فقال ما هذا يا عبد الله ... ). حفظ
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا ، مَن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )).
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشرَّ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال : ( مرَّ بي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أُطين حائطاً لي أنا وأُمي، فقال: ما هذا يا عبد الله ؟ فقلت يا رسول الله وهى فنحن نصلحه ، فقال : الأمرُ أسرع من ذلك ).
وفي رواية قال : ( مرَّ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ونحن نعالج خصاً لنا وهى ، فقال : ما هذا ؟ فقلنا خص لنا وهى فنحن نصلحه فقال ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه .
هذا الحديث مِن أحاديث الكتاب الصحيحة ، يقول عبد الله بن عمر : ( مرَّ بيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أُطين حائطاً لي ) :
الحائط هو البستان المحوَّط بجدار ، فهو يطين هذا الجدار في هذه الرواية ، يتعاون هو وأمه .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما هذا يا عبد الله ؟ فقلت : يا رسول الله وهى ) أي : ضعف.
( فنحن نصلحه ، فقال عليه الصلاة والسلام : الأمرُ أسرع من ذلك ) .
وفي الرواية الأخرى قال : ( مرَّ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ونحن نعالج خُصاً لنا ) الخص : ما يشبه الكوخ والبيت الصغير.
( ونحن نعالج خصاً لنا وهى ، فقال ما هذا ؟ فقلنا : خُص لنا وهى فنحن نصلحه ، فقال عليه الصلاة والسلام : ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ) :
في هذا الحديث كما ترون حض الرسول صلوات الله وسلامه عليه المسلمين حضَّاً ناعماً لطيفاً على إبعادهم عن التكالب في الدنيا والانشغال بها عن الآخرة ، فأنتم ترون هنا أنَّ عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- يتعاطى أمراً يسيراً وزهيداً جدّاً لا يكاد نقيم له في هذا الزمان وزناً ، فهو يطين فقط الجدار بالطين لا بشمينتو ولا يعيد بناء الجدار بالباطون المسلح ، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول له : ( ما أرى إلا أن الأمر أعجل من ذلك ) : يعني أن حياة الإنسان في هذه الدنيا قصيرة ، وأنه يجب عليه أن يصرف هذا الوقت القصير في طاعة الله عز وجل وعبادته وألّا ينشغل عن ذلك كله بشيء من الدنيا مهما كان قليلاً وضئيلاً .
أنا أعلم أن أكثر من يسمع هذا الحديث سيُلقى في نفسه : كيف هذا والإسلام يعني هو دين الدنيا والآخرة ، وهو يأمر بالاهتمام بالدنيا كما يأمر بالاهتمام بالآخرة ، فما بالنا نسمع في هذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يصرف ابن عمر عن أن يعالج خُصَّه أو جدار بستانه بالتطيين !
فنحن نقول : ليس المقصود بهذا الحديث هو النهي عن هذا الذي يفعله عبد الله بن عمر من التطيين ، ليس المقصود النهي عن ذلك ، وإنما الواقع هذا الحديث أسلوب من أساليب الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الجمع بين المصلحتين ، لا أقول : بين دفع المفسدة وجلب المصلحة ، فهناك تطيين الجدار لاسيما الجدر القديمة التي كانت إذا لم تطين مِن الخارج وليس عهدنا بمثل هذه الجدر -من كان في سني- ليس عهده بعيداً عن أمثال هذه الجدر التي كانت تُبنى باللبن ، أو الجدار الذي يسمى بالدك يصب قطعة واحدة من الطين الأحمر قطعة قطعة ، فمثل هذا الجدار عادة إذا لم يُطين من الخارج فحينما تهطل الأمطار بغزارة تتخلل بين اللبن وبين الدك الكبير الذي بجانبه فيكون ذلك مدعاةً وسبباً لتسرب التخلل والتشقق بين هذه اللبنات أو هذه الدكوك إذا صح التعبير ، ويكون في هناك تطيين هذه اللبنات من الخارج يكاد يكون أمراً ضرورياً في المحافظة على هذا المال ولو كان قليل القيمة ، لكن المحافظة على الجهد الذي بُذل في سبيل إقامة ذلك الجدار أو الآخر ، التطيين هذا يحافظ على هذا الوقت وعلى ذلك المال.
فأقول : إن الجدر التي كانت تبنى يومئذٍ ولا نزال نجد في المدينة المنورة بعيداً عنها وفي القرى التي نمر عليها بيوتاً متواضعة جدّاً هي عبارة عن جدر قائمة على لبنات ضعيفات ، فإذا لم تطين الشاهد ذوبتها الأمطار ولو في مرة أو مرتين وانتهى كل شيء ، فلذلك فلا ينبغي أن نفهم من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن ينهى ابن عمر عن هذا التطيين ، لا يريد هذا.
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )).
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشرَّ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال : ( مرَّ بي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أُطين حائطاً لي أنا وأُمي، فقال: ما هذا يا عبد الله ؟ فقلت يا رسول الله وهى فنحن نصلحه ، فقال : الأمرُ أسرع من ذلك ).
وفي رواية قال : ( مرَّ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ونحن نعالج خصاً لنا وهى ، فقال : ما هذا ؟ فقلنا خص لنا وهى فنحن نصلحه فقال ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وابن ماجة وابن حبان في صحيحه .
هذا الحديث مِن أحاديث الكتاب الصحيحة ، يقول عبد الله بن عمر : ( مرَّ بيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أُطين حائطاً لي ) :
الحائط هو البستان المحوَّط بجدار ، فهو يطين هذا الجدار في هذه الرواية ، يتعاون هو وأمه .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما هذا يا عبد الله ؟ فقلت : يا رسول الله وهى ) أي : ضعف.
( فنحن نصلحه ، فقال عليه الصلاة والسلام : الأمرُ أسرع من ذلك ) .
وفي الرواية الأخرى قال : ( مرَّ علينا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم ونحن نعالج خُصاً لنا ) الخص : ما يشبه الكوخ والبيت الصغير.
( ونحن نعالج خصاً لنا وهى ، فقال ما هذا ؟ فقلنا : خُص لنا وهى فنحن نصلحه ، فقال عليه الصلاة والسلام : ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ) :
في هذا الحديث كما ترون حض الرسول صلوات الله وسلامه عليه المسلمين حضَّاً ناعماً لطيفاً على إبعادهم عن التكالب في الدنيا والانشغال بها عن الآخرة ، فأنتم ترون هنا أنَّ عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه- يتعاطى أمراً يسيراً وزهيداً جدّاً لا يكاد نقيم له في هذا الزمان وزناً ، فهو يطين فقط الجدار بالطين لا بشمينتو ولا يعيد بناء الجدار بالباطون المسلح ، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول له : ( ما أرى إلا أن الأمر أعجل من ذلك ) : يعني أن حياة الإنسان في هذه الدنيا قصيرة ، وأنه يجب عليه أن يصرف هذا الوقت القصير في طاعة الله عز وجل وعبادته وألّا ينشغل عن ذلك كله بشيء من الدنيا مهما كان قليلاً وضئيلاً .
أنا أعلم أن أكثر من يسمع هذا الحديث سيُلقى في نفسه : كيف هذا والإسلام يعني هو دين الدنيا والآخرة ، وهو يأمر بالاهتمام بالدنيا كما يأمر بالاهتمام بالآخرة ، فما بالنا نسمع في هذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يصرف ابن عمر عن أن يعالج خُصَّه أو جدار بستانه بالتطيين !
فنحن نقول : ليس المقصود بهذا الحديث هو النهي عن هذا الذي يفعله عبد الله بن عمر من التطيين ، ليس المقصود النهي عن ذلك ، وإنما الواقع هذا الحديث أسلوب من أساليب الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الجمع بين المصلحتين ، لا أقول : بين دفع المفسدة وجلب المصلحة ، فهناك تطيين الجدار لاسيما الجدر القديمة التي كانت إذا لم تطين مِن الخارج وليس عهدنا بمثل هذه الجدر -من كان في سني- ليس عهده بعيداً عن أمثال هذه الجدر التي كانت تُبنى باللبن ، أو الجدار الذي يسمى بالدك يصب قطعة واحدة من الطين الأحمر قطعة قطعة ، فمثل هذا الجدار عادة إذا لم يُطين من الخارج فحينما تهطل الأمطار بغزارة تتخلل بين اللبن وبين الدك الكبير الذي بجانبه فيكون ذلك مدعاةً وسبباً لتسرب التخلل والتشقق بين هذه اللبنات أو هذه الدكوك إذا صح التعبير ، ويكون في هناك تطيين هذه اللبنات من الخارج يكاد يكون أمراً ضرورياً في المحافظة على هذا المال ولو كان قليل القيمة ، لكن المحافظة على الجهد الذي بُذل في سبيل إقامة ذلك الجدار أو الآخر ، التطيين هذا يحافظ على هذا الوقت وعلى ذلك المال.
فأقول : إن الجدر التي كانت تبنى يومئذٍ ولا نزال نجد في المدينة المنورة بعيداً عنها وفي القرى التي نمر عليها بيوتاً متواضعة جدّاً هي عبارة عن جدر قائمة على لبنات ضعيفات ، فإذا لم تطين الشاهد ذوبتها الأمطار ولو في مرة أو مرتين وانتهى كل شيء ، فلذلك فلا ينبغي أن نفهم من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن ينهى ابن عمر عن هذا التطيين ، لا يريد هذا.