تتمة شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه : ( أي الأعمال خير ؟ قال : إيمان بالله وجهاد في سبيله ... ). حفظ
الشيخ : نعود إلى إتمام الحديث بعد توضيح كون الإيمان بالله هو من الأعمال القلبية وأن معنى ذلك أن هذا الإيمان القلبي يقبل الزيادة والنقص كعمل الجوارح عمل الجوارح أيضاً معروف أنه يقبل الزيادة والنقص فقال عليه الصلاة والسلام جواب قول القائل أي الأعمال خير ؟ ( إيمان بالله وجهاد في سبيله ) وجاء في بعض الأحاديث أن الرسول عليه السلام ذكر بعد الإيمان بالله تبارك وتعالى أشياء أخرى قبل ما يذكر الجهاد في سبيله ذكر مثلاً الحج إلى بيت الله الحرام فما نجد هنا ذكر الحج وإنما أتبع الإيمان بالله بقوله وجهاد في سبيله، فيقول العلماء بهذه المناسبة أن الجواب يختلف من الرسول عليه السلام باختلاف السائل، فإذا وجد السائل مقصراً في ناحية وقائم بناحية أخرى فهذه الناحية الأخرى لا يتعرض لذكرها وإنما يذكر الناحية التي السائل يحاجة إلى أن يذكر بها وينبه عليها، فيقول هنا مثلاً بعد الإيمان بالله جهاد في سبيله كأن السائل كان الرسول عليه السلام علم أو شعر بأنه بحاجة إلى حض وحث على الجهاد في سبيل الله بينما هو يعلم أنه حج فلم يذكر الحج بعد الإيمان بالله إنما اقتصر على ذكر الجهاد لهذا السبب.
فجاء السؤال عن شيء آخر فقال السائل : ( فأي الرقاب أفضل؟ ) أي أي الرقاب أفضل عتقاً؟ يعني أي نوع من أنواع العبيد هو أفضل أن يعتق فأجار الرسول عليه السلام بقوله : ( أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها ) يعني كلما كان العبد الذي يريد سيده أن يعتقه حراً لوجه الله عز وجل أغلى ثمناً وأنفس وأحب إليه فهو الأفضل أن يتصدق به، هذا كمثل ما وقع لأحد الصحابة من الأنصار المعروف بأبي طلحة حيث جاء يوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله إني أسمع ربنا تبارك وتعالى يقول : الآية الكريمة (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )) وعندي بيرحاء ) هذا اسم بستان له كان يملكه يقول : ( وهو أحب شيء لدي فهو صدقة لله فضعه يا رسول الله حيث أراك الله، فقال عليه الصلاة والسلام: تصدق به على أقاربك، فوزعه أبو طلحة على أقاربه ) فكل واحد أخذ له قسمة وبعد وفاة أبي طلحة بيعت هذه الأقسام بأثمان باهظة جداً، فهذا يوضح الحديث الذي نحن في صدده (( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبيون )) فكما أن أبا طلحة تصدق بأحب شيء لديه من ماله وهو بستان كان له في المدينة اسمه بيرحاء كذلك الرسول عليه السلام يدندن حول الآية حينما يسأل عن أفضل الرقاب تعتق يقول: ( أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها ) فحينذاك يقول الذي يتصدق أو يعتق هذا العبد قد تصدق مما يحبه كما فعل أبو طلحة رضي الله عنه.
الطالبة : ...
الشيخ : إي نعم، قال السائل : ( أفرأيت إن لم أستطع بعض العمل ) يعني بعد أن ذكر الرسول عليه السلام من الأعمال الفاضلة مثل الجهاد في سبيل الله مثل عتق الرقاب سأل سائل بلك أنا لا أستطيع لا أستطيع أن أجاهد لا لأنه لا يرغب الجهاد لأن له ظروف خاصة مثلاً كذاك الرجل الذي جاء إلى الرسول عليه السلام من اليمن قال : ( هاجرت لأجاهد معك وتركت أبوي يبكيان فقال: ارجع إليهم وأضحكهما كما أبكيتهما ) فإذن هذا معذور لا يستطيع أن يجاهد في سبيل الله وقد ذكر الرسول عليه السلام الجهاد في سبيل الله هنا بعد الإيمان بالله ، ما عنده عبد محبوب لديه حتى يعتقه ويحصل على هذا الفضيلة فيتفش هذا السائل عن أعمال هي في مكنته وفي استطاعته فيسأل ويقول : أفرأيت إن لم أستطع بعض العمل أي الصالح الذي تحضنا عليه يا رسول الله فسهل له عليه السلام السبيل فقال له: ( فتعين صانعاً ) يعني رجل صاحب صنعة .
السائلة : ضائعاً ولا صانعاً ؟
الشيخ : صانعاً .
السائلة : ...
الشيخ : صانعاً يعني صاحب صنعة أنت باستطاعتك تعينه فمعونتك له تكون صدقة لك ( فتعين صانعاً أو تصنع لأخرق ) إما أن تعين صانعاً يعني عمله من نوع عملك ومهنته من نوع مهنتك فباستطاعتك أن تقدم له إعانة فافعل فتكون لك صدقة .
( أو تصنع لأخرق ) أي أنت تصنع لإنسان لا مهنة له فالأخرق هنا هو الذي ليس بيده صنعة ولا مهنة يعني أن الرسول عليه السلام ينوع طرق الخير وطرق الصدقة، فإما أن تعين صانعاً يشاركك في مهنتك وفي صناعتك أو أن تصنع لأخرق ليس عنده مهنة عملاً يستفيد منه كما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة السند لكن هي تصلح كمثال للجملة الأخيرة وهي ( أو تصنع لأخرق ) جاء رجل إلى الرسول عليه السلام يسأله يعني يشحد منه قال له عليه السلام : ما عندك في البيت ؟ قال: ما عندي إلا حلث يعني بساط مهري من كنت استعماله جابه قال له هاته جابه نزله بالمزاد فباعه بدرهم وواحد زاد درهم وواحد ثاني باعه بدرهمين بهالدرهمين اشترى له قدوم ... ومعه الحديدة وركب له إياها قال له روح اشتغل واحتطب فراح احتطب وجاء بعد يومين ثلاثة صار صاحب غنى يعني نسبة استغنى بهذا العمل عن السؤال والشحادة فقال له عليه السلام: ( هذا خير لك من أن تسأل الناس أعطوك أو منعوك ) فالشاهد الرسول عليه السلام أعان هذا الأخرق الذي ليس بيده مهنة فقدم له ... وقدوم وركبهم بعضهم ببعض قال له قطع بالغابة وبيع واشتري وهكذا فعل، فإذن طرق الخير كثيرة وكثيرة جداً واحد ما بيتيسر له الجهاد في سبيل الله آخر ما عنده عبد مثل حالتنا اليوم أصبحنا نحن مع الأسف العبيد بدل ما يكون عندنا عبيد من الكفار نتصدق بتحرير رقابهم إذا لم يوجد عندنا مثل هذه الأنواع من الصدقات فعندنا أنواع أخرى أن نعيد صاحب المهنة ومن كان لا مهنة له نصنع له ما يستفيد منه كما في الحديث السابق ثم تابع الرسول عليه السلام إجابة هذا السائل حين قال : ( أفرأيت إن ضعفت؟ ) هذا سائل طامع وحريص لأنه كل ما جاوبه الرسول عليه السلام بجواب بيطمع أن يأخذ جواب ثاني، فهو بعد ما قال له أفضل العمل وخير العمل الجهاد في سبيل الله بعد الإيمان وذكر له عليه السلام بعد ذلك أنه إما أن يعيد صانعاً أو يصنع لأخرق، قال له بلك كنت ضعيف ما أستطيع أن أعين وأن أعمل أي شيء من هذه الأعمال الفاضلة فأجابه عليه السلام بجواب ليس بعدها ما يمكن لإنسان يتلقى عليه الجواب ، قال : ( تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك ) هو سأل عن أعمال الخير قال بلك ضعفت إذن لا تعمل شر وانتهت المشكلة فلا تعمل معناها ولو كنت ضعيف فأنت مانك بحاجة لعمل فالذي بدو يؤذي الناس ويقدم إليهم شر بدو يعمل عمل حركة وأنت عمتدعي بلك أنا كنت ضعيف إذن سلم الناس من شرك فسلامتهم من شرك هي صدقة إليك تتصدق بها على نفسك هذا في الواقع من يسر الله عز وجل وتفضله على عباده حيث جعل نهاية مطاف الإنسان العاجز أن يسلم الناس من شره فيكون ذلك صدقة منه على نفسه ( قال: تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك )
نكتفي اليوم بهذا المقدار لنقرأ أو لنجيب عن سؤال لدينا .