شرح حديث أبي سلمة رضي الله عنه قال: ( أتيت أبا سعيد الخدري وكان لي صديقاً فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فخرج وعليه خميصة له ). حفظ
الشيخ : فيروي بإسناده الصحيح .
عن أبي سلمة قال: ( أتيت أبا سعيد الخدري وكان لي صديقاً فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فخرج وعليه خميصة له ).
بهذا المقدار ينتهي هذا الحديث فقد يتسائل المتسائل ما هي الغاية وما هي الحكمة من إيراد المصنف لهذا الحديث الذي ليس فيه إلا أن أبا سعيد الخدري خرج مع صاحبه وصديقه أبي سلمة إلى الضيعة يعني إلى النخيل، فأي شيء في هذا الخبر؟ الذي يبدو لي والله أعلم أن المصنف يشير بهذا الباب الذي عقده وهو الخروج إلى الضيعة إلى جواز اتخاذ ما به يعتاش المسلم من الزرع والنخيل، ولذلك ساق هذا الحديث الذي تضمن خروج الصحابي الجليل ألا وهو أبو سعيد الخدري إلى نخيله وضيعته أي التي يتخذها سبباً لمعاشه، فقد يقال فكيف التوفيق بين ما دل عليه هذا الأثر من جواز اتخاذ الضيعة أي المهنة سواء كانت زراعة نخيل أو غيره من الشجر أو أي مهنة أخرى كيف التوفيق بين هذا الذي دل عليه الأثر من جواز اتخاذ الضيعة وبين الحديث المشهور ألا وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا )؟ فقد يبدو أن هذا الحديث المرفوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ينافي تعاطي مهنة الزراعة ليعتاش بها كما دل عليه تبويب المصنف لباب الخروج إلى الضيعة واستدلاله على ذلك بأثر أبي سلمة مع صديقه أبي سعيد الخدري الصحابي المشهور الذي خرج وصاحبه إلى النخيل .
كيف التوفيق بين هذا الأثر وبين نهي الرسول عليه السلام عن اتخاذ الضيعة ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ) ؟
والجواب: فيما يبدوا لي والله أعلم أن النهي عن اتخاذ الضيعة هو كمثل قوله عليه السلام في الحديث الآخر: ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فهذا الحديث الأخير يفسر الحديث الذي قبله: ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ) ووجه التفسير أن نفهم الحديث هكذا : لا تتخذوا الضيعة بحيث أنها تلهيكم عن القيام بما فرض الله عليكم من الواجبات والحقوق التي من أبرزها الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، فهذا الاتخاذ الذي يؤدي إلى إهمال ما يجب على المسلم أي واجب كان هذا هو الذي نهى الرسول عليه الصلاة والسلام أو هذا الذي عناه الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله : ( لا تتخذوا الضيعة فرغبوا في الدنيا ) أي: لا تتخذوا الضيعة فتتكالبون عليها وتهتمون بها اهتماماً يصرفكم عن القيام بما أوجب الله عليكم فهذا هو المنهي عنه وبهذا المعنى أيضاً يفسر حديث آخر يشكل على كثير من الناس وفعلاً قد اتخذه بعض الألمان المستشرقين مطعناً في المسلمين بل في دينهم، ذلك الحديث هو ما رواه البخاري في صحيحه ( أنه عليه الصلاة والسلام رأى سكة -يعني المحراث الذي يشق به الأرض للزرع- فرأى سكة في أرض أو في نخيل فقال عليه السلام : ما دخل هذا بيت قوم إلا ذلوا ) أو كما قال عليه السلام ، فاتخذ هذا الحديث بعض المستشرقين الألمان فقالوا هذا هو الإسلام يريد من المسلمين أن لا يعملوا لدنياهم فهو يجعل اتخاذ السكة يعني آلة الحرب سبباً للذل فكيف تتفاخرون بهذا الإسلام وتقولون الإسلام يأمر بالعمل ويأمر بالعمل حتى يبالغ بعض الناس فيروي حديثاً لا أصل له في سبيل إظهار الإسلام أنه يحض على العمل حضاً بالغاً فيقول قال عليه الصلاة والسلام : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) هذا الحديث لا أصل له، يجب أن نعرف هذا حتى لا ننسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله لأنه قال عليه الصلاة والسلام : ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وليس الإسلام بحاجة إلى أن يظهر كماله وفضله على الناس بمثل هذا الحديث الضعيف الذي لا أصل له، وقريباً قد مر بنا بعض الأحاديث التي تحض المسلم على أن يعمل الخير ونوَّع الرسول عليه السلام أسلوبه في عمل الخير حتى ذكر من ذلك : ( أن تعين أخرق ) وفسرنا الأخرق الذي لا مهنة له ولا صنعة له، فأنت تعينه بصنعتك فالإسلام أسمى وأعلى من أن يكون بحاجة إلى إثبات نوع من أنواع كماله، ومن ذلك أن يحض الناس على العمل في سبيل أن يكف يده على الناس وأن تكون يده هي اليد العليا.
عن أبي سلمة قال: ( أتيت أبا سعيد الخدري وكان لي صديقاً فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فخرج وعليه خميصة له ).
بهذا المقدار ينتهي هذا الحديث فقد يتسائل المتسائل ما هي الغاية وما هي الحكمة من إيراد المصنف لهذا الحديث الذي ليس فيه إلا أن أبا سعيد الخدري خرج مع صاحبه وصديقه أبي سلمة إلى الضيعة يعني إلى النخيل، فأي شيء في هذا الخبر؟ الذي يبدو لي والله أعلم أن المصنف يشير بهذا الباب الذي عقده وهو الخروج إلى الضيعة إلى جواز اتخاذ ما به يعتاش المسلم من الزرع والنخيل، ولذلك ساق هذا الحديث الذي تضمن خروج الصحابي الجليل ألا وهو أبو سعيد الخدري إلى نخيله وضيعته أي التي يتخذها سبباً لمعاشه، فقد يقال فكيف التوفيق بين ما دل عليه هذا الأثر من جواز اتخاذ الضيعة أي المهنة سواء كانت زراعة نخيل أو غيره من الشجر أو أي مهنة أخرى كيف التوفيق بين هذا الذي دل عليه الأثر من جواز اتخاذ الضيعة وبين الحديث المشهور ألا وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا )؟ فقد يبدو أن هذا الحديث المرفوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ينافي تعاطي مهنة الزراعة ليعتاش بها كما دل عليه تبويب المصنف لباب الخروج إلى الضيعة واستدلاله على ذلك بأثر أبي سلمة مع صديقه أبي سعيد الخدري الصحابي المشهور الذي خرج وصاحبه إلى النخيل .
كيف التوفيق بين هذا الأثر وبين نهي الرسول عليه السلام عن اتخاذ الضيعة ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ) ؟
والجواب: فيما يبدوا لي والله أعلم أن النهي عن اتخاذ الضيعة هو كمثل قوله عليه السلام في الحديث الآخر: ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فهذا الحديث الأخير يفسر الحديث الذي قبله: ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ) ووجه التفسير أن نفهم الحديث هكذا : لا تتخذوا الضيعة بحيث أنها تلهيكم عن القيام بما فرض الله عليكم من الواجبات والحقوق التي من أبرزها الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، فهذا الاتخاذ الذي يؤدي إلى إهمال ما يجب على المسلم أي واجب كان هذا هو الذي نهى الرسول عليه الصلاة والسلام أو هذا الذي عناه الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله : ( لا تتخذوا الضيعة فرغبوا في الدنيا ) أي: لا تتخذوا الضيعة فتتكالبون عليها وتهتمون بها اهتماماً يصرفكم عن القيام بما أوجب الله عليكم فهذا هو المنهي عنه وبهذا المعنى أيضاً يفسر حديث آخر يشكل على كثير من الناس وفعلاً قد اتخذه بعض الألمان المستشرقين مطعناً في المسلمين بل في دينهم، ذلك الحديث هو ما رواه البخاري في صحيحه ( أنه عليه الصلاة والسلام رأى سكة -يعني المحراث الذي يشق به الأرض للزرع- فرأى سكة في أرض أو في نخيل فقال عليه السلام : ما دخل هذا بيت قوم إلا ذلوا ) أو كما قال عليه السلام ، فاتخذ هذا الحديث بعض المستشرقين الألمان فقالوا هذا هو الإسلام يريد من المسلمين أن لا يعملوا لدنياهم فهو يجعل اتخاذ السكة يعني آلة الحرب سبباً للذل فكيف تتفاخرون بهذا الإسلام وتقولون الإسلام يأمر بالعمل ويأمر بالعمل حتى يبالغ بعض الناس فيروي حديثاً لا أصل له في سبيل إظهار الإسلام أنه يحض على العمل حضاً بالغاً فيقول قال عليه الصلاة والسلام : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) هذا الحديث لا أصل له، يجب أن نعرف هذا حتى لا ننسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله لأنه قال عليه الصلاة والسلام : ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وليس الإسلام بحاجة إلى أن يظهر كماله وفضله على الناس بمثل هذا الحديث الضعيف الذي لا أصل له، وقريباً قد مر بنا بعض الأحاديث التي تحض المسلم على أن يعمل الخير ونوَّع الرسول عليه السلام أسلوبه في عمل الخير حتى ذكر من ذلك : ( أن تعين أخرق ) وفسرنا الأخرق الذي لا مهنة له ولا صنعة له، فأنت تعينه بصنعتك فالإسلام أسمى وأعلى من أن يكون بحاجة إلى إثبات نوع من أنواع كماله، ومن ذلك أن يحض الناس على العمل في سبيل أن يكف يده على الناس وأن تكون يده هي اليد العليا.