" باب ما لا يجوز من اللعب والمزاح "
شرح حديث : ( لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها إليه ). حفظ
الشيخ : الباب الواحد والعشرين بعد المئة .
" باب ما لا يجوز من اللعب والمزاح " .
روى بإسناده الحسن عن عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها إليه ) .
في هذا الحديث تعليم من الرسول عليه الصلاة والسلام للمؤمنين بما يجب عليهم من الالتزام حينما يريد أحدهم أن يمزح مع أخيه المسلم فيأمره بأن يلتزم أمراً ليس فيه إضرار أو تخويف لأخيه المسلم باسم كونه مازحاً، فالمزح يجوز بشرط أن لا يترتب من ورائه إضرار بل ولا إزعاج ما لأخيه المسلم، ففي هذا الحديث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها إليه ) ( لا يأخذ متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً ) المتاع هنا كما ترين وتسمعن نص عام يشمل أي شيء مما يتمتع به الإنسان، فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شيئاً من متاع أخيه لا لاعباً ولا جاداً، والفرق بين أخذ ذلك المتاع لاعباً وبين أخذه إياه جاداً هو أنه حينما يأخذه لاعباً لا يأخذه ليتمتع هو به لنفسه أي سرقة لأنه أخذه ملاعبة منه لأخيه المسلم، أي أنه يعني أن يزعجه أن يرعبه ثم يعيد المتاع إليه، فهذا هو قوله عليه السلام : ( لاعباً ) أما أخذه إياه جاداً فهو أن يأخذ ذلك المتاع على سبيل الاستملاك، فهو حينئذٍ يعتبر سارقاً فالرسول عليه السلام ينهى المسلم أن يأخذ متاع أخيه المسلم لاعباً بقصد تخويفه ثم إعادته إليه، ولا جاداً أي سرقة فأخذ متاع المسلم جاداً معناه أنه يسرقه منه وهذا طبعاً أمر لا يجوز وإن أخذ المتاع لاعباً مازحاً مداعباً لأخيه المسلم، ففيه أنه قد يدخل على قلب أخيه المسلم شيئاً من الانزعاج، وقد قيل في مناسبة هذا الحديث أو سبب وروده أن رجلاً من الصحابة في بعض الغزوات خلا أخاه المسلم نائماً ثم جاء إلى متاعه وفيه سيفه الذي يقاتل به فأخذه وانصرف إلى مكان ما، فلما استيقظ النائم ولم يجد المتاع بما فيه السيف الذي يقاتل به بلا شك أنه انزعج انزعاجاً كثيراً، وسرعان ما عاد اللاعب الآخر للمتاع فسلمه لصاحبه ضاحكاً مازحاً فهو يظن أنه يمزح لكنه لا يشعر أبداً بالأسى والحزن والخوف الذي داخل قلب ذلك المسلم الذي استيقظ من نومه فوجد متاعه قد سرق منه ، ثم فوجئ بذلك الذي أخذ المتاع فقدمه إليه مازحاً، فمثل هذا المزح لا يجوز لما فيه من إدخال الرعب في قلب أخيه المسلم، ولذلك فقد جاء في السنة في شمائل الرسول عليه الصلاة والسلام وأخلاقه أنه كان لا يمزح وإذا مزح فلا يقول إلا حقاً، وهذه صفة يجب أن يتخلق فيها المسلم وهي صفة تنقسم إلى قسمين إما أن لا يمزح مطلقاً وهذا هو الأسلم، وإما إذا مزح فليمزح وليقل حقاً، وليس من الحق أبداً أن يدخل بسبب مداعبته ومزاحه رعباً أو خوفاً في قلب أخيه المسلم.
وقلنا إن الأولى أن لا يمزح مطلقاً لأن المزاح الذي يدخل به المازح الفرح إلى قلوب أصحابه دون أن يزعجهم ودون أن يحزنهم مثل هذا المزاح لا يتقنه إلا قليل وقليل من الناس جداً، وإذا كان الأمر كذلك فالأولى أن لا يمزح مطلقاً، ولذلك وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه كان يمازحنا وكان يداعبنا ولكن كان لا يقول إلا حقاً .
ومن أمثلة مداعبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وممازحته لأصحابه ما جاء في السنة ( أن النبي عليه الصلاة والسلام جاءه ذات يوم امرأة عجوز فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال : إن العجائز لا تدخل الجنة ) فرجعت وهي آسفة أو كادت أن ترجع لكن سرعان ما أعادها الرسول عليه السلام فأفهمها بأن العجائز لا تدخل الجنة في حالة شيخوختهن، والمعنى أن المرأة العجوز إذا دخلت الجنة تعود شابة ولا تدخل الجنة وهي في حالة العجز، وهذا الحديث بالذات في سنده شيء من الضعف.
ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة أخرى جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام تذكر له شيئاً عن زوجها فقال لها عليه السلام : زوجك الذي في عينه بياض؟ فركضت إلى البيت تنظر هكذا في عين زوجها قال لها مالك ؟ قالت : قلت للرسول عليه السلام عنك فيما هو كذا وكذا قال لي زوجك الذي في عينه بياض ، بدها تشوف هذا البياض وهو طبيعي فمن هذا النوع كانت مداعبة الرسول عليه الصلاة والسلام .
لكن المداعبة التي يترتب منها إزعاج المسلم وإدخال الخوف في قلبه فهذا لا يجوز لهذا الحديث ( لا يأخذ أحدكم عصا أو متاع أخيه لا مازحاً ولا جاداً ) لأن المزح المؤذي لا يجوز ( ولا جاداً ) لأنه سرقة، ( ومن أخذ عصا صاحبه فليردها إليه ) لأنها إن كان أخذها سرقة فهي محرمة واضحة فعليه أن يعيد الحق إلى صاحبه وإن أخذها مازحاً مداعباً فهو بالأولى والأحرى يجب عليه أن يعيدها وفي هذه الحالة إنما المقصود حينذاك في النهي عن أخذ العصا التي سيردها لما في ذلك من إدخال الإزعاج على قلب هذا المسلم الذي أخذ عصاه أو متاعه مزاحاً.
ففي هذا الحديث إذن تنبيه لكل مسلم ومسلمة أن لا يتعاطى المزح لأنه فيه ولا بد شيء من الانحراف عن أحكام الشرع ومن ذلك إزعاج الأخ المسلم.
" باب ما لا يجوز من اللعب والمزاح " .
روى بإسناده الحسن عن عبد الله بن السائب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها إليه ) .
في هذا الحديث تعليم من الرسول عليه الصلاة والسلام للمؤمنين بما يجب عليهم من الالتزام حينما يريد أحدهم أن يمزح مع أخيه المسلم فيأمره بأن يلتزم أمراً ليس فيه إضرار أو تخويف لأخيه المسلم باسم كونه مازحاً، فالمزح يجوز بشرط أن لا يترتب من ورائه إضرار بل ولا إزعاج ما لأخيه المسلم، ففي هذا الحديث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً فإذا أخذ أحدكم عصا صاحبه فليردها إليه ) ( لا يأخذ متاع صاحبه لاعباً ولا جاداً ) المتاع هنا كما ترين وتسمعن نص عام يشمل أي شيء مما يتمتع به الإنسان، فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شيئاً من متاع أخيه لا لاعباً ولا جاداً، والفرق بين أخذ ذلك المتاع لاعباً وبين أخذه إياه جاداً هو أنه حينما يأخذه لاعباً لا يأخذه ليتمتع هو به لنفسه أي سرقة لأنه أخذه ملاعبة منه لأخيه المسلم، أي أنه يعني أن يزعجه أن يرعبه ثم يعيد المتاع إليه، فهذا هو قوله عليه السلام : ( لاعباً ) أما أخذه إياه جاداً فهو أن يأخذ ذلك المتاع على سبيل الاستملاك، فهو حينئذٍ يعتبر سارقاً فالرسول عليه السلام ينهى المسلم أن يأخذ متاع أخيه المسلم لاعباً بقصد تخويفه ثم إعادته إليه، ولا جاداً أي سرقة فأخذ متاع المسلم جاداً معناه أنه يسرقه منه وهذا طبعاً أمر لا يجوز وإن أخذ المتاع لاعباً مازحاً مداعباً لأخيه المسلم، ففيه أنه قد يدخل على قلب أخيه المسلم شيئاً من الانزعاج، وقد قيل في مناسبة هذا الحديث أو سبب وروده أن رجلاً من الصحابة في بعض الغزوات خلا أخاه المسلم نائماً ثم جاء إلى متاعه وفيه سيفه الذي يقاتل به فأخذه وانصرف إلى مكان ما، فلما استيقظ النائم ولم يجد المتاع بما فيه السيف الذي يقاتل به بلا شك أنه انزعج انزعاجاً كثيراً، وسرعان ما عاد اللاعب الآخر للمتاع فسلمه لصاحبه ضاحكاً مازحاً فهو يظن أنه يمزح لكنه لا يشعر أبداً بالأسى والحزن والخوف الذي داخل قلب ذلك المسلم الذي استيقظ من نومه فوجد متاعه قد سرق منه ، ثم فوجئ بذلك الذي أخذ المتاع فقدمه إليه مازحاً، فمثل هذا المزح لا يجوز لما فيه من إدخال الرعب في قلب أخيه المسلم، ولذلك فقد جاء في السنة في شمائل الرسول عليه الصلاة والسلام وأخلاقه أنه كان لا يمزح وإذا مزح فلا يقول إلا حقاً، وهذه صفة يجب أن يتخلق فيها المسلم وهي صفة تنقسم إلى قسمين إما أن لا يمزح مطلقاً وهذا هو الأسلم، وإما إذا مزح فليمزح وليقل حقاً، وليس من الحق أبداً أن يدخل بسبب مداعبته ومزاحه رعباً أو خوفاً في قلب أخيه المسلم.
وقلنا إن الأولى أن لا يمزح مطلقاً لأن المزاح الذي يدخل به المازح الفرح إلى قلوب أصحابه دون أن يزعجهم ودون أن يحزنهم مثل هذا المزاح لا يتقنه إلا قليل وقليل من الناس جداً، وإذا كان الأمر كذلك فالأولى أن لا يمزح مطلقاً، ولذلك وصف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه كان يمازحنا وكان يداعبنا ولكن كان لا يقول إلا حقاً .
ومن أمثلة مداعبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وممازحته لأصحابه ما جاء في السنة ( أن النبي عليه الصلاة والسلام جاءه ذات يوم امرأة عجوز فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال : إن العجائز لا تدخل الجنة ) فرجعت وهي آسفة أو كادت أن ترجع لكن سرعان ما أعادها الرسول عليه السلام فأفهمها بأن العجائز لا تدخل الجنة في حالة شيخوختهن، والمعنى أن المرأة العجوز إذا دخلت الجنة تعود شابة ولا تدخل الجنة وهي في حالة العجز، وهذا الحديث بالذات في سنده شيء من الضعف.
ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة أخرى جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام تذكر له شيئاً عن زوجها فقال لها عليه السلام : زوجك الذي في عينه بياض؟ فركضت إلى البيت تنظر هكذا في عين زوجها قال لها مالك ؟ قالت : قلت للرسول عليه السلام عنك فيما هو كذا وكذا قال لي زوجك الذي في عينه بياض ، بدها تشوف هذا البياض وهو طبيعي فمن هذا النوع كانت مداعبة الرسول عليه الصلاة والسلام .
لكن المداعبة التي يترتب منها إزعاج المسلم وإدخال الخوف في قلبه فهذا لا يجوز لهذا الحديث ( لا يأخذ أحدكم عصا أو متاع أخيه لا مازحاً ولا جاداً ) لأن المزح المؤذي لا يجوز ( ولا جاداً ) لأنه سرقة، ( ومن أخذ عصا صاحبه فليردها إليه ) لأنها إن كان أخذها سرقة فهي محرمة واضحة فعليه أن يعيد الحق إلى صاحبه وإن أخذها مازحاً مداعباً فهو بالأولى والأحرى يجب عليه أن يعيدها وفي هذه الحالة إنما المقصود حينذاك في النهي عن أخذ العصا التي سيردها لما في ذلك من إدخال الإزعاج على قلب هذا المسلم الذي أخذ عصاه أو متاعه مزاحاً.
ففي هذا الحديث إذن تنبيه لكل مسلم ومسلمة أن لا يتعاطى المزح لأنه فيه ولا بد شيء من الانحراف عن أحكام الشرع ومن ذلك إزعاج الأخ المسلم.