باب : " باب الدال على الخير " شرح حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني أبدع لي فاحملني ، قال: لا أجد ولكن ائت فلاناً فلعله أن يحملك ... ). حفظ
الشيخ : ثم قال المصنف في الباب الذي يليه : " باب الدال على الخير " .
يعني وبيان ما له من الأجر.
ثم روى بإسناده الصحيح .
عن أبي مسعود الأنصاري قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني أبدع لي فاحملني ، قال: لا أجد ولكن ائت فلاناً فلعله أن يحملك فأتاه فحمله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من دل على خير فله مثل أجر فاعله ).
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أبدع بي يعني: هو رجل مسافر وكان راكباً دابته فعرض لها وحدث فيها حادث حمله أو جعله ينقطع عن السفر فقوله : أبدع بي يعني : قطع بي في الطريق، إما أن دابته عيت وتعبت أو أنها ماتت فلم يستطع متابعة السير حتى يتابع طريقه إلى الهدف الذي كان قصده ، أبدع بي انقطع بي في الطريق ، فاحملني : يعني أعطني ما عندك مما يساعدني على متابعة السفر والطريق من الدواب من ناقة أو جمل أو نحو ذلك من المركوبات، فأجابه عليه الصلاة والسلام معتذراً لا أجد ( ولكن ائت فلاناً فعله أن يحملك ) أن يعطيك ما ما يحملك ويوصلك إلى هدفك، فذهب الرجل إلى من دله الرسول عليه فأتاه فحمله فعلاً أركبه على شيء فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره فقال : ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ).
يشير الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث إلى أن الذي يتعاطى السبب فله حكم المسبب المسافر، فلما جاء ذلك الرجل الذي أبدع به وانقطع في الطريق يطلب من الرسول عليه السلام ما يحمله عليه واعتذر له الرسول بأنه لا يجد قال اذهب إلى فلان في ظن الرسول عليه السلام بأنه يجود عنده ما يحمله من الدواب فقال له لعله يحملك، وفعلاً ذهب إليه فحمله عاد الرجل الذي كان قطع به إلى الرسول عليه السلام كأنه يقول له : إن واسطتك ودلالتك قد نفعتني فقد حملني الرجل وأنا استطعت بذلك أن أتابع الطريق وأصل إلى دربي، فقال عليه الصلاة والسلام تعليماً للناس أن يفعلوا مثل فعله وأن يدلوا الناس على الخير مثل دلالته وحضهم على ذلك بقوله : ( من دل على خير فله مثل أجر فاعله ) ومن هنا جاءت العبارة المختصرة والموجزة من هذا الحديث " الدال على الخير كفاعله ".
فإذن هذا قريب من الحديث المشهور الصحيح والذي قد مر بنا في بعض المناسبات : ( تصدقوا ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ) أليس من الكلمة الطيبة أنه إذا جاءني رجل يسألني مساعدة له من مال فقلت له لا أجد ما أقدمه إليك من مال ولكن اذهب إلى فلان فلعله يعطيك ما تستغني به، فذهب إليه وأعطاه فقد صدق في وفي أمثال هذه الأمثلة قول الرسول عليه السلام : ( تصدقوا ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة ) إذا ما عندك صدقة فدل على من يتصدق.
هذا الحديث على نحو هذا الحديث ولكن هذا الحديث الذي ورد معنا في الكتاب يبين لنا أن الدال على الصدقة والدال على الخير مهما كان نوع هذا الخير فأجره مثل أجره فاعله، فهذا الذي دل على الصدقة فله مثل أجر ذلك المتصدق، وهذا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي دل ذلك الذي أبدع به على من يحمله فلرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل أجر ذلك الذي حمله.