ما هو الجمع بين حديث : ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ) يعني أيام العشر ، وبين ما روي عن عائشة رضي الله عنها ( أن الرسول عليه السلام ما صام أيام العشر قط ) ؟ حفظ
الشيخ : هنا سؤالان بعد بسم الله الرحمن الرحيم .
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام )
... القاعدة وتأسيسها والتدليل لها بأمثلة كثيرة جداً من ذلك أنه يوجد لدينا حديث آخر في فضل عشر ذي الحجة يدخل في عمومه فضل صيام عشر ذي الحجة حيث جاء هذا الحديث صريحاً في ذكر الصيام وفضله في عشر ذي الحجة فهناك حديث في * صحيح البخاري *: ( ما العمل في يوم بأفضل من العمل في عشر ذي الحجة ) فهنا لم يذكر صياماً لكنه يقول بنص عام أنه لا يوجد يوم العمل الصالح فيه خير من العمل في عشر ذي الحجة، فإذن هذا بعمومه يدل على فضيلة صيام عشر ذي الحجة أي باستثناء يوم العيد فيأتي الآن السؤال : السيدة عائشة تروي أن الرسول عليه السلام ما صام أيام العشر قط فهل يقدم القول الذي ثبت في * صحيح البخاري * بعمومه أم الفعل الذي ثبت في * صحيح مسلم * عن عائشة ؟ الجواب من القواعد الأصولية: " القول مقدم على الفعل "
مثاله : من نفس الباب الذي تضمنه السؤال وهو الصيام ، لقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أفضل الصيام صيام داوود عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وكان لا يفر إذا لاقى ) وفي رواية أن الرسول عليه السلام لما روى هذا الحديث رواه جواباً لابن عمرو حينما رغب أن يزيده في الصيام أن يصوم أكثر من يوم إي ويوم لا ، ( قال: يا رسول الله إني أريد أفضل من ذلك فقال عليه الصلاة والسلام : لا أفضل من ذلك ) فأفضل الصيام هو صوم داود عليه السلام ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، ترى هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم هكذا ، يصوم يوماً ويفطر يوماً ؟ الجواب: لا ، يعني هذا الصيام الأفضل الذي نص عليه الرسول عليه السلام في قوله : لم ينقل مطلقاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان عمله يجري عليه بل ثبت عن السيدة عائشة نفسها خلاف ذلك، فقد قالت السيدة عائشة : ( ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً إلا رأيناه صائماً وما كنا نشاء أن نراه مفطراً إلا رأيناه مفطراً ) إذن لم يكن الرسول عليه السلام منهاج وخطة عملية في الصيام ، لم هذا وهو يقول : ( أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ) ؟ لأنه كان لا يتيسر للرسول عليه السلام هذا النهج في الصيام أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، لأنه كان بالإضافة إلى صفة النبوة فقد كان رجل دولة ومثل هذا الرجل لا يتسنى له أن يحافظ على النوافل من العبادات والطاعات كما يتسنى ذلك للمتعبد المتفرغ بمثل هذه الطاعة والعبادة.
إذن أفضل الصيام بشهادة قول الرسول عليه السلام صوم يوم وإفطار يوم ، لكن هو ما كان يفعل ذلك بل كان يفعل خلاف ذلك، فأيهما المقدم آلقول أم الفعل؟ القول مقدم على الفعل ولهذا أمثلة كثيرة وكثيرة جداً ولا أطيل القول بها، وإنما أختم هذا الكلام بمثال من واقع حياتنا اليوم المنحرف فيها أكثر الناس عن قول الرسول عليه الصلاة والسلام وأعني بذلك الشرب قائماً، فقد ثبت في غير ما حديث ( نهي الرسول عليه السلام عن الشرب قائماً ) بل لما رأى رجلاً يشرب قائماً قال له متلطفاً في بيان مبلغ خطأ الشرب قائماً ، قال له : ( يا فلان أترضى أن يشرب معك الهر؟ قال: لا يا رسول الله ، قال : فقد شرب معك من هو شر منه الشيطان ، قئ قئ ) يعني استفرغ ما شربت في حالة القيام إلى هذه الدرجة بالغ الرسول عليه الصلاة والسلام في النهي عن الشرب من قيام، ومع هذا فقد ثبت أيضاً في * صحيح البخاري * ( أن الرسول عليه السلام شرب قائماً ) وخاصة حينما أتى زمزم في حجة الوداع شرب قائماً فما العمل؟ هل نشرب قياماً أم نشرب قاعدين؟ الجواب: نشرب قاعدين ولا يجوز أن نشرب قائمين وإن كان ثبت هذا عن الرسول فقد نهى الرسول عن الشيء الذي ثبت عنه، لأن القول مقدم عن الفعل قاعدة مضطردة، ومن حفظ هذه القاعدة وقاعدة المثبت مقدم على النافي وكثير من القواعد الأصولية بمثلهما تيسر له التوفيق بين كثير من الأحاديث التي يتبادر إلى ذهن بعض الضعفاء في العلم أنها متنافرة متناقضة، والحقيقة أن لا تنافر ولا تناقض، لأن القاعدة الأصولية تسهل لنا التوفيق بين هذه النصوص فهو شرب قائماً صحيح ، لكن ترى لم شرب قائماً؟ يحتمل أن هذا الشرب كان قبل النهي عن الشرب قائماً فإذن كان ذلك في وقت إباحة، يحتمل أن الرسول شرب من قيام لشدة الزحام لا يتيسر له الجلوس، يحتمل أخيراً شربه قائماً خصوصية له كما اختص بأن يتزوج بأكثر من أربع، فكما لا يجوز لمسلم مؤمن بالله ورسوله أن يقول أخي (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) فهو تزوج بأكثر من أربعة فنحن نتزوج بأكثر من أربعة، كذلك لا يجوز أن يقول شرب الرسول قائماً فأنا أشرب قائماً، لأن الجواب في كل من هاتين المسألتين ومثيلاتها أنه تزوج بأكثر من أربع ولكن نهى عن التزوج بأكثر من أربع، شرب قائماً ولكن نهى عن الشرب قائماً، وهذا آخر الأمثلة التي أردت أن أوضح أن القول مقدم على الفعل في كل شيء على الإطلاق.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من أيام )
... القاعدة وتأسيسها والتدليل لها بأمثلة كثيرة جداً من ذلك أنه يوجد لدينا حديث آخر في فضل عشر ذي الحجة يدخل في عمومه فضل صيام عشر ذي الحجة حيث جاء هذا الحديث صريحاً في ذكر الصيام وفضله في عشر ذي الحجة فهناك حديث في * صحيح البخاري *: ( ما العمل في يوم بأفضل من العمل في عشر ذي الحجة ) فهنا لم يذكر صياماً لكنه يقول بنص عام أنه لا يوجد يوم العمل الصالح فيه خير من العمل في عشر ذي الحجة، فإذن هذا بعمومه يدل على فضيلة صيام عشر ذي الحجة أي باستثناء يوم العيد فيأتي الآن السؤال : السيدة عائشة تروي أن الرسول عليه السلام ما صام أيام العشر قط فهل يقدم القول الذي ثبت في * صحيح البخاري * بعمومه أم الفعل الذي ثبت في * صحيح مسلم * عن عائشة ؟ الجواب من القواعد الأصولية: " القول مقدم على الفعل "
مثاله : من نفس الباب الذي تضمنه السؤال وهو الصيام ، لقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أفضل الصيام صيام داوود عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وكان لا يفر إذا لاقى ) وفي رواية أن الرسول عليه السلام لما روى هذا الحديث رواه جواباً لابن عمرو حينما رغب أن يزيده في الصيام أن يصوم أكثر من يوم إي ويوم لا ، ( قال: يا رسول الله إني أريد أفضل من ذلك فقال عليه الصلاة والسلام : لا أفضل من ذلك ) فأفضل الصيام هو صوم داود عليه السلام ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ، ترى هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم هكذا ، يصوم يوماً ويفطر يوماً ؟ الجواب: لا ، يعني هذا الصيام الأفضل الذي نص عليه الرسول عليه السلام في قوله : لم ينقل مطلقاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان عمله يجري عليه بل ثبت عن السيدة عائشة نفسها خلاف ذلك، فقد قالت السيدة عائشة : ( ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً إلا رأيناه صائماً وما كنا نشاء أن نراه مفطراً إلا رأيناه مفطراً ) إذن لم يكن الرسول عليه السلام منهاج وخطة عملية في الصيام ، لم هذا وهو يقول : ( أفضل الصيام صيام داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ) ؟ لأنه كان لا يتيسر للرسول عليه السلام هذا النهج في الصيام أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، لأنه كان بالإضافة إلى صفة النبوة فقد كان رجل دولة ومثل هذا الرجل لا يتسنى له أن يحافظ على النوافل من العبادات والطاعات كما يتسنى ذلك للمتعبد المتفرغ بمثل هذه الطاعة والعبادة.
إذن أفضل الصيام بشهادة قول الرسول عليه السلام صوم يوم وإفطار يوم ، لكن هو ما كان يفعل ذلك بل كان يفعل خلاف ذلك، فأيهما المقدم آلقول أم الفعل؟ القول مقدم على الفعل ولهذا أمثلة كثيرة وكثيرة جداً ولا أطيل القول بها، وإنما أختم هذا الكلام بمثال من واقع حياتنا اليوم المنحرف فيها أكثر الناس عن قول الرسول عليه الصلاة والسلام وأعني بذلك الشرب قائماً، فقد ثبت في غير ما حديث ( نهي الرسول عليه السلام عن الشرب قائماً ) بل لما رأى رجلاً يشرب قائماً قال له متلطفاً في بيان مبلغ خطأ الشرب قائماً ، قال له : ( يا فلان أترضى أن يشرب معك الهر؟ قال: لا يا رسول الله ، قال : فقد شرب معك من هو شر منه الشيطان ، قئ قئ ) يعني استفرغ ما شربت في حالة القيام إلى هذه الدرجة بالغ الرسول عليه الصلاة والسلام في النهي عن الشرب من قيام، ومع هذا فقد ثبت أيضاً في * صحيح البخاري * ( أن الرسول عليه السلام شرب قائماً ) وخاصة حينما أتى زمزم في حجة الوداع شرب قائماً فما العمل؟ هل نشرب قياماً أم نشرب قاعدين؟ الجواب: نشرب قاعدين ولا يجوز أن نشرب قائمين وإن كان ثبت هذا عن الرسول فقد نهى الرسول عن الشيء الذي ثبت عنه، لأن القول مقدم عن الفعل قاعدة مضطردة، ومن حفظ هذه القاعدة وقاعدة المثبت مقدم على النافي وكثير من القواعد الأصولية بمثلهما تيسر له التوفيق بين كثير من الأحاديث التي يتبادر إلى ذهن بعض الضعفاء في العلم أنها متنافرة متناقضة، والحقيقة أن لا تنافر ولا تناقض، لأن القاعدة الأصولية تسهل لنا التوفيق بين هذه النصوص فهو شرب قائماً صحيح ، لكن ترى لم شرب قائماً؟ يحتمل أن هذا الشرب كان قبل النهي عن الشرب قائماً فإذن كان ذلك في وقت إباحة، يحتمل أن الرسول شرب من قيام لشدة الزحام لا يتيسر له الجلوس، يحتمل أخيراً شربه قائماً خصوصية له كما اختص بأن يتزوج بأكثر من أربع، فكما لا يجوز لمسلم مؤمن بالله ورسوله أن يقول أخي (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) فهو تزوج بأكثر من أربعة فنحن نتزوج بأكثر من أربعة، كذلك لا يجوز أن يقول شرب الرسول قائماً فأنا أشرب قائماً، لأن الجواب في كل من هاتين المسألتين ومثيلاتها أنه تزوج بأكثر من أربع ولكن نهى عن التزوج بأكثر من أربع، شرب قائماً ولكن نهى عن الشرب قائماً، وهذا آخر الأمثلة التي أردت أن أوضح أن القول مقدم على الفعل في كل شيء على الإطلاق.