ما صحة حديث : ( إذا سببت شخصاً أو شتمته فلتكن كفارة له يوم القيامة ) ؟ و كيف يمكن أن يسب الرسول شخصاً وقد ورد أنه لم يكن فظاً وكان على خلق كريم ؟ حفظ
الشيخ : قرأت في كتاب * فتح العذب مختصر الزبيدي * حديث عن أنس بن مالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال بما معناه : إذا سببت شخصاً أو شتمته فلتكن له كفارة يوم القيامة )، فكيف ذلك ولم يكن فظاً وكان على خلق كريم ، ثم كيف أن تكون ... كفارة يوم القيامة ... يوم القيامة لله وحده فهل هذا حديث ضعيف ؟
الشيخ : ما فهمت هذا كلام عربي مو مفهوم ؟
السائلة : ...
الشيخ : نعم إذا سببت شخصاً أو شتمته فلتكن كفارة يوم القيامة شو يعني ؟
السائلة : ...
الشيخ : آه فهمت هلأ عليك ، هذا كان مر معنا الحديث في كتاب هنا في *الأدب المفرد* للإمام البخاري، وذكرنا يومئذٍ أن الرسول عليه السلام وإن كان أفضل البشر فهو لم يخرج عن طبيعته البشرية، فهذه الطبيعة البشرية تغلب عليه في نادر أحيانه، فقد يتوجه طريقة مستعجلة بكلمة يجرح بها شعور إنسان لديه لكنه ليس كأمثالنا مطلقاً أمثالنا ماذا يفعل؟ يسب المسلم ويتهمه بما ليس فيه ثم لا يباله مبالاة، أما الرسول عليه السلام فكان سرعان ما ينتبه إلى أنه قد تكلم بهذه الكلمة التي كان الأفضل أن لا يتكلم بها وأن لا يوجهها إلى المسلم، لكنه قد وقعت منه في بعض الأحيان يعني لقد عاش الرسول عليه السلام ثلاثاً وستين سنة، فلو أحصيت مثل هذه الكلمات التي توجه بها الرسول عليه السلام إلى بعض الناس وهم ليسوا أهلاً لها لربما لم تبلغ في هذه الألوف المؤلفة من السنين عشر كلمات فهذا لا يخل بمقام الرسول عليه السلام في نبوته ورسالته ما دام أنه بشر بنص القرآن: (( قل إنما أنا بشر مثلكم )) ولكن يجب أن لا نأخذ طرفاً من هذا الحديث أي نتساءل كيف صدر من الرسول عليه السلام مثل هذه الكلمة في حق هذا الإنسان الذي سبه بغير حق فهنا يجب أن نأخذ تمام الحديث، فآنفاً مر بنا أن من صفاته أنه عليه السلام كان لا يتبع السيئة السيئة ولكن يعفوا ويغفر، فالرسول عليه السلام حينما كان يسبت إنساناً وهو غير أهل لهذه المسبة فهل كانت تمشي هكذا؟ لا إنه يرفع يديه إلى ربه تبارك وتعالى فيقول : ( أيما رجل سببته أو لعنته وهو ليس لها بأهل فاجعلها مغفرة له وزكاة ورحمة يوم القيامة ) وهذه حسنة قضت على تلك السيئة لذلك ما في استنكار في هذا إلا حينما ننظر إلى الرسول عليه السلام نظرة شعرية خيالية يعني نتصور أنه ليس بشراً وأنه كملائكة الرحمن (( لا يعصون الله ما أمرهم يفعلون ما يؤمرون )) حينما ننظر إلى الرسول عليه السلام هذه النظرة الشعرية الخيالية يرد الاستشكال، أما حينما ننظر إليه بعين الواقع بعين كونه بشراً مصطفاً مختاراً عند الله تبارك وتعالى وأن كونه بشراً مصطفى لا ينافي أن يصدر منه بعض الأخطاء، ومن أجل ذلك قال تعالى : (( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر )) هل يصح أن يقال في حق الملائكة أن الله غفر لهم ما تقدم وما تأخر؟ لا لأن الله خلق الملائكة وفطرهم على أنهم (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) أما البشر بما فيهم سيد البشر المصطفى عليه الصلاة والسلام فلم يفطر على الطاعة وإنما فطر على الجهاد في سبيل الطاعة، ولذلك فهو كان بحق سيد المجاهدين، لكن هذا لا ينافي أن يصدر منه بعض الأمور الزهيدة القليلة التي لا تخدش بمقام كونه سيد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لعل في هذا بيان وإزالة الإشكال إن شاء الله.