تتمة شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( ... وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف فيه وجهه ... ). حفظ
الشيخ : قالت : ( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف فيه وجهه ) .
يعني كان عليه الصلاة والسلام يتأثر بظواهر الطبيعة، لكنه حينما يتأثر بهذه الظواهر إنما يراقب الله من ورائها، فهو عليه الصلاة والسلام دائماً يحيا ويعيش ذاكراً لله عز وجل في كل حال وفي كل مناسبة، ومن ذلك إذا رأى الرسول عليه السلام في السماء غيماً أو ريحاً شديداً اضطرب عليه الصلاة والسلاام وظهر تأثره مما رأى من الغيم والريح على وجهه عليه الصلاة والسلام .
وجاء في رواية أخرى : ( فإذا أمطرت السماء سري عنه ) هذه زيادة في بعض الأحاديث وسيأتي في مكان آخر إن شاء الله في الكتاب إذا أمطرت يعني الرسول عليه السلام كان له حالتان إذا ما امتدت الغيوم في السماء أو لعبت الرياح فكان يضطرب الرسول عليه السلام ويظهر ذلك على وجهه فإذا نزلت الأمطار سري عنه أي زال عنه الكرب والخوف الذي كان يملأ جوفه عليه الصلاة والسلام، كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تراقب هذا في وجه الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: ( يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية ) يعني تقول السيدة عائشة للرسول عليه الصلاة والسلام أنت غير الناس، الناس عادة بس يشوفوا الغيم بيستبشروا بالخير بالمطر بينما أنت يظهر على وجهك الكراهية، فما هو السر وما هو السبب في هذا الاختلاف بينك وبين الناس ؟ الناس يستبشرون ويفرحون إذا رأى الغيم وأنت يظهر على وجهك الخوف والكراهية فقال: ( يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب؟ عذب قوم بالريح، قد رأى قوم العذاب فقالوا: (( هذا عارض ممطرنا )) ) يشير الرسول عليه السلام بهذا إلى الآية: (( فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا )) يعني هذا في الحقيقة أن الرسول عليه السلام هو كما قال بحق في حديث آخر: ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله ) فالرسول عليه السلام بلا شك هو أخشى الناس في الله وأخوفهم من الله تبارك وتعالى، ومن الدليل على ذلك هذا الحديث حيث تقول السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أنه إذا رأى الغيم أو لعبت الرياح رؤي على وجهه وعرف على وجهه الكراهية فلما سألته وقالت له: إن الناس يستبشرون خيراً فما لنا نرى في وجهك الكراهية ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل كان قد عذب قوماً بالريح ) وهؤلاء القوم الذين عذبوا بالريح هم كعامة الناس الذين إذا رأوا الغيم والريح عميلعب لعب بيستبشروا خيراً وهكذا أصاب ذلك القوم قالوا : (( هذا عارض ممطرنا )) وإذا هيك ريح عقيم تستأصل بيوتهم ودورهم وعقارهم فجعلتهم كالأمس الدابر.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم من خوفه من ربه تبارك وتعالى كان يخشى أن تكون هذه الريح ريح عاصف ليست ريحاً ممطرة مبشرة بالخير، ولذلك كان يستولي عليه صلى الله عليه وآله وسلم الخوف، ولذلك جاءت الزيادة الأخرى فإذا أمطرت السماء زال الخوف من رسول الله وتحقق بأنه فعلاً أنه خير، لذلك قالت السيدة عائشة في الرواية الأخرى: ( فإذا أمطرت السماء سري عنه ) أي: ذهب عن وجهه الكراهية التي تبدو في أول الأمر قبل أن تمطر السماء، لأنه كان يخشى عليه الصلاة والسلام من أن تكون ريحاً عاصفاً، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام أيضاً من هديه أنه إذا أرى ريحاً يقول: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ) أي: أن الريح قد تأتي بالخير وقد تأتي بالشر ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يغتر لا يغتر المسلم بخير يراه فقد ينقلب شراً فلا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون، فإذا رأى المسلم ريحاً في السماء فيجب أن يتصور نفسية رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يرى الريح فيخاف المسلم منا ينبغي أن يخاف خشية أن تكون ريحاً عاصفاً تحمل عذاباً لقوم عصوا الله رب العالمين، فإذا انصرفت هذه الريح بسلام وتبعها الأمطار استبشر خيراً .
فحينما لا يدري المسلم هذه الريح هي خير أم شر فعليه أن يسأل رب العالمين أن يسأله خيرها وأن يتعوذ به من شرها.