شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم ... ). حفظ
الشيخ : في الحديث الثاني أو الآتي حديث آخر لأبي هريرة يرويه المصنف بإسناده الصحيح .
عنه قال: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ثم انصرف وأبكى القوم ) .
يعني لما وعظهم الرسول عليه الصلاة والسلام بعد أن رآهم يضحكون ويضحكون في تحدث بعضهم بعض قال لهم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعظهم ويحذرهم من هذا الضحك الذي يميت القلب.
رويدك بأصحابك يعني ترفق بهم تلطف بهم لا تشدد عليهم في وعظك وتذكيرك إياهم لذلك قال لهم الرسول عليه السلام أخيراً: ( أبشروا وسددوا وقاربوا ) هذا في الحقيقة وعظه الأول ووعظه الأخير جامعه كما يقول أهل العلم أن المسلم يجب أن يكون يحيا بين منزلتي الخوف والرجاء، فلا هو خائف من رب العالمين تبارك وتعالى خوفاً ينسيه رحمته ولا هو راغب طامع في رحمته طمعاً ينسيه عذابه وعقابه، وإنما وكان بين ذلك قواماً فهو يعيش راغباً راهباً، هذا الذي يدندن هذا الحديث إليه أو حوله بأوله وآخره أي أن الإنسان لا يكون غافل عن عذاب الله ونقمته وسطوته وجبروته من جهة ولا هو أيضاً ينسى فضله تبارك وتعالى ورحمته بعباده كما جاء في بعض الأحاديث لعله في هذا الكتاب حينما رأى الرسول عليه السلام امرأة من السبايا وهي تركض بين المعسكر لتبحث عن طفلها حتى وجدته فضمته إلى نفسها فقال عليه الصلاة والسلام: ( لله أرحم بعباده من هذه بطفلها أو بولدها ).
فإذن المسلم ينبغي أن يعيش بين الخوف والرجاء، حياته بين الخوف والرجاء يستلزم أن يكون بعيداً عن سفاسف الأمور فلا يضحك إلا نادراً ولكن أيضاً لا ييأس من رحمة الله لأنه كما قال تعالى: (( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )) هذا هو المقصود من هذا الحديث فيما يبدو لي، وبهذا القدر كفاية وبحثنا في الدرس الآتي إن شاء الله في أدب من آداب الرسول عليه السلام في مسيره في انطلاقه وهو " باب إذا أقبل أقبل جميعاً وإذا أدبر أدبر جميعاً " وموعدنا الدرس الآتي إن شاء الله.