تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( ... فأتي النبي صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث فأتاه أبو الهيثم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اختر منهما قال: يا رسول الله اختر لي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي واستوص به خيراً ... ) حفظ
الشيخ : فهذا العبد الذي اختاره الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي التيهان كان من أولئك الأسرى الذين حين أسروا أسلموا فجاء إلى الرسول عليه السلام أسيراً وهو يصلي، فلما استنصحه أبو التيهان وقال : اختر لي يا رسول الله قال عليه السلام : ( إن المستشار مؤتمن خذ هذا فإني رأيته يصلي ) وهذا الحديث ( إن المستشار مؤتمن ) هو من معاني قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) فهذا تطبيق للشطر الأخير من هذا الحديث ( ولعامتهم ) فأبو التيهان من عامة المسلمين فلما استنصحه الرسول عليه السلام بأن يختار له أحد الرأسين أي العبدين نصحه عليه السلام بقوله :( خذ هذا فإني رأيته يصلي ) وبين له لماذا اختار له هذا ، لأنه أولاً المستشار مؤتمن يا أبا التيهان كأن الرسول عليه السلام يقول : يا أبا التيهان أنت استشرتني ومثل ما بيقول العوام اليوم دخلت في حظي يعني في ذمتي وفي أمانتي فعلي أن أنصحك بعدما استشرتني فإن المستشار مؤتمن أي عليه أن يؤدي الأمانة ولا يخون من استشاره فقال له : ( خذ هذا فإني رأيته يصلي )
ولم يكتف الرسول عليه الصلاة والسلام بأمر أبي التيهان بأن يأخذ هذا البعد بحجة أنه يصلي بل أتبع ذلك بنصيحة وجهها إلى أبي التيهان وقال له : ( واستوص به خيراً ) ما دام أنه من المصلين فيجب على الرسول عليه الصلاة والسلام أن ينصح أبا التيهان نصيحة أخرى ، هو نصحه فيما يتعلق باختيار أصلح الرأسين العبدين، لكن بقي على الرسول عليه السلام أن ينصح أبا التيهان بخصوص هذا العبد الصالح الذي اختاره لأبي التيهان خادماً له فقال الرسول عليه السلام لأبي التيهان: ( فاستوص به خيراً ) أمره أن يستوصي به خيراً.