تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( ... فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق ... ) حفظ
الشيخ : وكان عند أبي التيهان أم التيهان امرأة صالحة عاقلة، كثير من النساء يكن قانتات صالحات ولكن القليلات منهن من يكن عاقلات رشيدات أصحاب رأي رأي سديد، ومن هذه القلة كما يشعرنا هذا الحديث زوج أبي التيهان هذا فإنها لما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر زوجها بأن يستوصي بهذا العبد خيراً ماذا قالت لزوجها ؟ ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن تعتقه، يعني يا أبا التيهان إنك لن تستطيع بلوغ تنفيذ هذه الوصية التي أوصاك الرسول عليه السلام بهذا العبد حيث قال: ( فاستوص به خيراً ) لن تصل إلى تنفيذ هذه الوصية فيه هذا العبد إلا بأن تعتقه لوجه الله تبارك وتعالى، هذا رأي امرأة وهو رأي عظيم ورشيد جداً، وكان الرجل بلا شك متجاوزاً متفاهماً مع زوجته وهكذا شأن الأزواج الصالحين دائماً وأبداً، ولذلك أجاب على الفور قال : ( فهو عتيق ) وهاهنا عبرة وهي عبرة بالغة حيث تدلنا على أن الصحابة رضي الله عنهم في الوقت الذي كانوا يشعرون بالحاجة إلى الشيء فسرعان ما يجودون به لوجه الله تبارك وتعالى وهذا هو من معاني الزهد في الدنيا، ولكن الزهد الحقيقة أنه إذا جاءت الدنيا حلالها لا حرامها إذا جاءت الدنيا بحلالها وأقبلت على الرجل الصالح لم تسترقه ولم تستعبده فكان هو مالكاً لها ولم تكن هي مالكاً له، كان هو المتصرف بها ولم تكن هي المتصرف به هذا هو الزهد الخالص، ولذلك نجد أبا التيهان هذا حينما سأله الرسول عليه السلام هل عندك من خادم يقوم بخدمة البيت ؟ قال: لا ، فلما جاء الخادم وأصبح في يده ولكن الرسول عليه السلام قال له: ( استوص به خيرا ) فنبهته زوجه الصالح بأنك لن تستطيع أن تنفذ وصية الرسول عليه السلام في هذا العبد تنفيذاً جامعاً صادقاً إلا بأن تعتقه فسرعان ما قال : فهو عتيق.
إذن ما الذي استفاده من حيث التمتع بالحياة الدنيا من هذا العبد الذي قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي التيهان؟ أما من حيث الحياة الدنيا فلم يستفد شيئاً لأنه ما كاد يدخل في ملكه إلا أعتقه لوجه ربه، هكذا يكون الرجال المسلمون حقاً الذين لا تستعبدهم الدنيا، وهكذا يجب على المسلم أن يكون إن كان غنياً فلا يسترق هو بنفسه لهذا الغنى ولهذه الثروة، وإنما تكون هذه الثروة في يده ليستعين بها على زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى فلا يكون المال وزراً عليه في الآخرة وإنما يكون له أجراً.
بهذه المناسبة بمناسبة أن السيدة أم التيهان أشارة على زوجها بأن تعتق هذا العبد ... نذكر أن في هذه المرأة شيء آخر من الكمال لأن هذا العبد سيقوم بمؤنة خدمة بيتها في الوقت الذي كانت هي تقوم بهذه الخدمة، فلو أن بعض النساء اليوم قيض لها مثل هذا العبد يخدمها ما خرجت عنه إلا بروحها، فهي على العكس من ذلك هي نصحت السيد أن يبادر إلى عتق هذا العبد وإن كان هذا ليس من صالحها، لأن العبد سيقوم بخدمة البيت بدل قيام الزوجة بخدمة البيت فهذا بالإضافة إلى رجاحة عقلها فيه أيضاً إشعار بأنها حقيقة كانت زاهدة في الدنيا راغبة فيما عند الله تبارك وتعالى، لأنها تعلم أن المسلم إذا أعتق عبداً لوجه الله تبارك وتعالى أعتق الله كل عضو من أعضائه عضواً من أعضائه من النار وهذا كناية عن أن الله عز وجل يعتق المعتق للعبد يعتقه من النار فيحرمه على النار فهي تعلم هذه الحقيقة والعبد وإن كان ملكاً للزوج فهي تعلم في الوقت نفسه أن من دل على خير فهو كفاعله فهي التي دلت زوجها على أن يبادر إلى تنفيذ أمر الرسول عليه السلام به وهو قوله : ( فاستوص به خيراً ) فهي إذن إنما فعلت إنما أعرضت عن أن تتمتع بفائدة خدمة هذا العبد لها حرصاً منها أيضاً أن يكون لها مثل ما يكون لزوجها من الثواب لهذا العبد وما هو هذا الثواب إلا أن يعتقه الله عز وجل من النار، وإذا كان الدال على الخير كفاعله فهي أيضاً ترجوا من ربها تبارك وتعالى أن يعتقها من النار لقاء أنها أشارت على زوجها أن تعتق العبد الذي بعتقه إياه يعتقه الله من النار.
إذن ما الذي استفاده من حيث التمتع بالحياة الدنيا من هذا العبد الذي قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي التيهان؟ أما من حيث الحياة الدنيا فلم يستفد شيئاً لأنه ما كاد يدخل في ملكه إلا أعتقه لوجه ربه، هكذا يكون الرجال المسلمون حقاً الذين لا تستعبدهم الدنيا، وهكذا يجب على المسلم أن يكون إن كان غنياً فلا يسترق هو بنفسه لهذا الغنى ولهذه الثروة، وإنما تكون هذه الثروة في يده ليستعين بها على زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى فلا يكون المال وزراً عليه في الآخرة وإنما يكون له أجراً.
بهذه المناسبة بمناسبة أن السيدة أم التيهان أشارة على زوجها بأن تعتق هذا العبد ... نذكر أن في هذه المرأة شيء آخر من الكمال لأن هذا العبد سيقوم بمؤنة خدمة بيتها في الوقت الذي كانت هي تقوم بهذه الخدمة، فلو أن بعض النساء اليوم قيض لها مثل هذا العبد يخدمها ما خرجت عنه إلا بروحها، فهي على العكس من ذلك هي نصحت السيد أن يبادر إلى عتق هذا العبد وإن كان هذا ليس من صالحها، لأن العبد سيقوم بخدمة البيت بدل قيام الزوجة بخدمة البيت فهذا بالإضافة إلى رجاحة عقلها فيه أيضاً إشعار بأنها حقيقة كانت زاهدة في الدنيا راغبة فيما عند الله تبارك وتعالى، لأنها تعلم أن المسلم إذا أعتق عبداً لوجه الله تبارك وتعالى أعتق الله كل عضو من أعضائه عضواً من أعضائه من النار وهذا كناية عن أن الله عز وجل يعتق المعتق للعبد يعتقه من النار فيحرمه على النار فهي تعلم هذه الحقيقة والعبد وإن كان ملكاً للزوج فهي تعلم في الوقت نفسه أن من دل على خير فهو كفاعله فهي التي دلت زوجها على أن يبادر إلى تنفيذ أمر الرسول عليه السلام به وهو قوله : ( فاستوص به خيراً ) فهي إذن إنما فعلت إنما أعرضت عن أن تتمتع بفائدة خدمة هذا العبد لها حرصاً منها أيضاً أن يكون لها مثل ما يكون لزوجها من الثواب لهذا العبد وما هو هذا الثواب إلا أن يعتقه الله عز وجل من النار، وإذا كان الدال على الخير كفاعله فهي أيضاً ترجوا من ربها تبارك وتعالى أن يعتقها من النار لقاء أنها أشارت على زوجها أن تعتق العبد الذي بعتقه إياه يعتقه الله من النار.