باب " باب المشورة "
شرح أثر ابن عباس ( قراءة ابن عباس رضي الله عنه: " وشاروهم في بعض الأمر " ). حفظ
الشيخ : ابن دينار قال قرأ ابن عباس: " وشاورهم في بعض الأمر " الآية كما هو معلوم : (( وشاورهم في الأمر )) أما ابن عباس فقرأ مفسراً للآية فقال: " وشاورهم في بعض الأمر "، فزاد في الآية لفظة البعض وفي مثل هذا للعلماء طريقان أحدهما أن يقال : إنها قراءة الآية المقطوع بروايتها هي باللفظ المذكور في القرآن الكريم (( وشاورهم في الأمر ))، أما هذه القراءة وإسنادها صحيح عن ابن عباس ففيها لفظة بعض: " وشارهم في بعض الأمر " فالعلماء لهم قولان في مثل هذه الزيادة أحدهما أنها قراءة أي أن ابن عباس سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ الآية بهذه الزيادة " وشاورهم في بعض الأمر " والقول الآخر للعلماء في مثل هذه الآية أن هذه الزيادة ذكرها ابن عباس في تضاعيف الآية على سبيل التفسير والبيان ولا يعني أنها لفظة ثابتة في القرآن، وعلى كل حال فهذه الرواية عن ابن عباس رواية صحيحة فسواء كانت لفظة بعض جزءاً من هذه الآية كما سمعها ابن عباس أو كانت هذه اللفظة زيادة تفسيرية منه فالمقصود أن الآية فسرها ابن عباس حينذاك بأن الأمر الوارد في هذه الآية (( وشاورهم في الأمر )) إنما هو في بعض الأمر وليس في كل الأمر أي إن الله تبارك وتعالى لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام ، لما أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بأن يشاور أصحابه الكرام فيما يعرض له من أمر فليس هذا الأمر المذكور في القرآن (( وشاورهم )) على سبيل العموم والشمول وإنما هو في بعض الأمور.
وهنا إذن مسألتان المسألة الأولى: هو تحديد الأمر الذي يجب أن يشاور فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلالة هذه الآية أصحابه، وبالتالي أهل الولايات أي الرؤساء والحكام تبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب عليهم اتباعاً منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشاوروا أهل الشورى منهم فما هو هذا الأمر الذي يجب على ولي الأمر أن يشاور فيه أهل الشورى، فيجب أن نعلم أن الأمر الذي ذكر في هذه الآية في الأمر هو قطعاً ليس في الأمور الدينية، يعني ليس ما كان منها منصوصاً في الكتاب والسنة ففي مثل هذا يقال : (( اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم )) ولا يقال: (( وشاورهم في الأمر )) وإنما هذا الأمر الذي أمر الرسول عليه السلام ومن بعده من الحكام بأن يشاوروا أهل الشورى إذن هي الأمور المباحة، أو بتعبير آخر هي الأمور الإدارية التي تعرض للحكام وللأمور التي تعرض تختلف ما بين زمان وزمان ومكان ومكان آخر، ففي مثل هذه الأمور التي ليست مما نص عليه في كتاب الله أو في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي يجب على الحاكم والوالي أن يشاور فيه أهل الشورى، أما مثلاً لنضرب على هذا مثلاً: إذا أراد الحاكم المسلم أن يصدر قراراً بمنع التجارة في الحشيش المخدر فهل يستشير أهل الشورى في مجلسه في هذا الأمر؟ الجواب: لا، لأن هذا أمر محرم معلوم تحريمه من أدلة الشريعة وعلى ذلك فقس، وإنما يستشير مثلاً: عزم الحاكم المسلم على أن يوجه جيشاً ما إلى جهة ما فشاورهم هل يا ترى من صالح الجيش المسلم أن يوجه في فصل الشتاء أم في الخريف أم في الربيع أم في غيره هذا موضع الشورى، لأن تعيين الفصل للجهاد أو للسفر ليس أمراً مقرراً في الشرع ففي مثل هذا الأمر يشاور الحاكم أهل الشورى.
ولذلك فليس الواجب في كل قضية أن يشاور الحاكم أهل الشورى من أهل مجلسه فهذا معنى قول ابن عباس أو قراءة ابن عباس : " وشاورهم في بعض الأمر " أي ليس كله، وعلى ذلك جرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحابه من بعده، أي إنهم ما كانوا يستشيرون في كل صغير وكبير.
وهنا إذن مسألتان المسألة الأولى: هو تحديد الأمر الذي يجب أن يشاور فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلالة هذه الآية أصحابه، وبالتالي أهل الولايات أي الرؤساء والحكام تبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب عليهم اتباعاً منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشاوروا أهل الشورى منهم فما هو هذا الأمر الذي يجب على ولي الأمر أن يشاور فيه أهل الشورى، فيجب أن نعلم أن الأمر الذي ذكر في هذه الآية في الأمر هو قطعاً ليس في الأمور الدينية، يعني ليس ما كان منها منصوصاً في الكتاب والسنة ففي مثل هذا يقال : (( اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم )) ولا يقال: (( وشاورهم في الأمر )) وإنما هذا الأمر الذي أمر الرسول عليه السلام ومن بعده من الحكام بأن يشاوروا أهل الشورى إذن هي الأمور المباحة، أو بتعبير آخر هي الأمور الإدارية التي تعرض للحكام وللأمور التي تعرض تختلف ما بين زمان وزمان ومكان ومكان آخر، ففي مثل هذه الأمور التي ليست مما نص عليه في كتاب الله أو في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي يجب على الحاكم والوالي أن يشاور فيه أهل الشورى، أما مثلاً لنضرب على هذا مثلاً: إذا أراد الحاكم المسلم أن يصدر قراراً بمنع التجارة في الحشيش المخدر فهل يستشير أهل الشورى في مجلسه في هذا الأمر؟ الجواب: لا، لأن هذا أمر محرم معلوم تحريمه من أدلة الشريعة وعلى ذلك فقس، وإنما يستشير مثلاً: عزم الحاكم المسلم على أن يوجه جيشاً ما إلى جهة ما فشاورهم هل يا ترى من صالح الجيش المسلم أن يوجه في فصل الشتاء أم في الخريف أم في الربيع أم في غيره هذا موضع الشورى، لأن تعيين الفصل للجهاد أو للسفر ليس أمراً مقرراً في الشرع ففي مثل هذا الأمر يشاور الحاكم أهل الشورى.
ولذلك فليس الواجب في كل قضية أن يشاور الحاكم أهل الشورى من أهل مجلسه فهذا معنى قول ابن عباس أو قراءة ابن عباس : " وشاورهم في بعض الأمر " أي ليس كله، وعلى ذلك جرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحابه من بعده، أي إنهم ما كانوا يستشيرون في كل صغير وكبير.