باب " باب إثم من أشار على أخيه بغير رشد " شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( من تقول علي ما لم أقل فليتوأ مقعده من النار ... ). حفظ
الشيخ : فقال في الباب الثلاثين بعد المئة:
" باب إثم من أشار على أخيه بغير رشد " .
فروى بإسناده وهو بهذا الاسناد وغيره حسن .
عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من تقول علي ما لم أقل فليتوأ مقعده من النار ، ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ، ومن أفتى فتيا بغير ثبت فإثمه على من أفتاه ).
هذا الحديث تضمن فقرات فيها فوائد علمية جمة، أول هذه الفقرات قوله عليه الصلاة والسلام : ( من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) هذا بمعنى الحديث المشهور المتواتر: ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) من تقول علي ما لم أقل أي : من افترى علي ما لم أقل ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يتوعده بالنار يقول له فليهيئ مكاناً له في النار يعني بالتعبير العامي يسوق حاله للنار لأنه افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والافتراء على رسول الله إنما هو افتراء على الله تبارك وتعالى، ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس كأحدنا، أحدنا ولو افتري عليه وهو إثم بلا شك الافتراء على المسلم هو إثم وإثم كبير ولكن الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إثم أكبر وما ذلك إلا لأنه يتكلم عن رب العالمين وبما أوحى إليه سبحانه وتعالى كما قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم: (( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى )) فإذن الذين يفتري على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو في النتيجة يفتري على الله، لأن الافتراء على رسول الله معناه افتراء على وحي الله ومعنى هذا أنه يفتري على الله تبارك وتعالى، لأن الوحي إنما إنزل على رسول الله من عند الله تبارك وتعالى، فلا جرم أن وعيده أي هذا المفتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شديداً جداً حيث قال له عليه الصلاة والسلام: ( فليتبوأ مقعده من النار ).