تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( ... ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا ) . حفظ
الشيخ : أما الجملة الأخرى منه وهو قوله عليه السلاة والسلام : ( ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا ) فهذا الحديث ككثير من الأحاديث يجب أن نلاحظ أن لفظة الإيمان إذا أطلقت في الكتاب أو السنّة فالمقصود به الإيمان الكامل، ( فلا يجتمع شحّ والإيمان في قلب عبد مؤمن ) أي إيمان كامل أي أن مؤمناً كاملاً لا يمكن ان يكون من خلقه وطبعه الشح والبخل ، إذا فهمنا هذا القيد : الإيمان الكامل فلا يُشكلنّ حينئذ على أحد أننا نرى كثيراً من المسلمين أشحّة بُخلاء لا يقومون بواجباتهم ومنهم كثير لا يخرج زكاة ماله، منهم كثيرون لا ينفقون على أهلهم وأولادهم بما يجب عليهم من حقوق، فكيف يقال كما جاء في هذا الحديث: ( لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا ) ؟
الجواب: أن المقصود بالإيمان هنا الإيمان الكامل، فإيمان كامل وشح لا يجتمعان قطعاً ، فإذا رأينا رجلاُ مسلما يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويصلي ويصوم ومع ذلك نراه شحيحا فهذا دليل أي شحه دليل على أن إيمانه ليس كاملاً هذا هو بيت القصيد من هذا الحديث، ففي الحديث حض لكل مسلم أن يكون بعيداً كل البعد عن الشحّ والبخل قال عليه السلاة والسلام : ( شر ما في الرجل جبن خالع وشح هالع ) جبن خوف خالع يخلع القلب من شدّته وشح هالع يعني ضائع خائف أن يفقر كما هو شأن كثير من الأغنياء بالرغم من كثرة أموالهم فهم يشحون ويبخلون بأن يخرجوا ما على هذه الأموال من حقوق خشية أن تأتيهم حاجة فيحتاجوا إلى المال، وهذا كله غفلة عن الحقيقة الشرعية وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ( وما نقص مال من صدقة ) ولذلك فالله عز وجل شرع لعباده المؤمنين من التشريعات ما يساعدهم على تزكية نفوسهم، فإذا كان هناك إنسان يشعر بأن في طبعه شحاً وبخلاً فيأتيه الشرع كما قال تعالى : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) فالزكاة سميّت لأنها تزكي النفس من خلق الشح والبخل.
فإذن قوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: ( ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبداً ) إنما المقصود بالإيمان هنا الإيمان الكامل.