فائدة : أمثلة من حديث الرسول تخالف أثر ابن مسعود رضي الله عنهما : ( فإنكم لا تستطيعون أن تغيّروا خُلُقَه حتى تغيروا خلقَه ) . حفظ
الشيخ : خذوا مثلاً على ذلك صريحا قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنما العلم بالتعلم وإنما الحِلم بالتحلّم ) إذا كان الإنسان خُلق غضوباً نشوزا نذقاً ما في فايدة من معالجته ؟ لماذا يقول الرسول عليه السلام : ( وإنما الحِلم بالتحلّم )؟ ثم لماذا يوصي عليه الصلاة والسلام أصحابه بأن يتعودوا وأن يتمرّنوا على مجاهدة النفس الغضوب فيأتيه رجل من الصحابة فيقول له: يا رسول الله أوصني فقال له عليه السلام كلمة جملة مؤلّفة من كلمتين : ( لا تغضب ) بس ( لا تغضب ) يبدو أن الرجل كان عنده شيء من الغفلة حيث أنه لم يشعر بأهمية هذه النصيحة وهي مركّبة على لفظتين: ( لا تغضب ) بس قال له يا رسول الله أوصني قال : ( لا تغضب ) قال له: يا رسول الله أوصني قال : لا تغضب ) قال: فوجدت الخير كله في ترك الغضب ) فإذا كان الإنسان جُبل على الغضب والرسول يقول لا تغضب إذن هو يقول له يأمره بشيء لا سبيل إليه مثل الذي قطعنا رأسه لا سبيل إلى إعادته إليه ؟ لا ليس الأمر كذلك .
كذلك قال عليه الصلاة والسلام تركيزاً لهذا الخلق قال عليه السلام لأصحابه يوماً: ( أتدرون من الصرعة ؟ ) قالوا: الصرعة فينا يا رسول الله الذي يصارع الناس ويصرعهم قال : لا ، ليس الشديد بالصّرعة ، وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ) فهذا وذاك إنما قصد به الرسول عليه السلام تربية النفس التي قد يكون فيها إعوجاج من جانب ويستحيل أن يكون هناك إنسان مفطور على الكمال في كل الخصال مستحيل ، الإنسان طُبع على النقص ليجتهد ويجاهد في سبيل الله عز وجل ، ففي الوقت الذي نجد إنساناً سخيّاً كريماً جواداً قد نجده غضوباً ، والعكس بالعكس وهكذا ، فهذا الكريم يجب أن يعالج غضبه وذاك البخيل والحليم يجب أن يعالج أن يعالج شحّه وبخله ، وهكذا على هذا الأساس من المعالجة وتهذيب النفس قامت الأحكام الشرعية فقال تعالى كما ذكرنا: (( قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها )).