شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا ) . حفظ
الشيخ : وهو أيضًا صحيح وهو .
عن أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا ) .
من هنا جاء هذا الشرط : ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا ) مطلقاً ولو كان جاهلا لا يعرف في الإسلام شيئاً ؟ الجواب : لا ، ( إذا فقهوا ) أي إذا عرفوا أحكام الشريعة التي تلزمهم من الفرائض والواجبات والمحرّمات حتى يكون في دينه على بصيرة منه كما قال تعالى : (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )).
فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الثاني : ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا ) دلّ على أن فضيلة حسن الخلق التي في الحديث الأول وهو أن له درجة قائم الليل وصائم النهار إنما هو بشرط أن يكون متفقّها في الدين ، فإذن في هذا الحديث الثاني حض لكل مسلم على وجوب التفقه في الدين وألا يعيش في يومه جاهلا لا يعرف ما يجب عليه وما يحرم عليه .
وبيت القصيد من هذين الحديثين اللذين أوردهما المصنف في هذا الباب إنما هو حض المسلمين رجالا ونساء على أن يحسّنوا أخلاقهم، الرجل مع زوجته ، والزوجة مع زوجها ، والرجل الوالد مع ولده ،و الوالدة مع ولدها وهكذا ، الجار مع جاره والتاجر مع زبائنه كل هؤلاء وهؤلاء في هذا الأحاديث حض لهم على أن يحسنوا أخلاقهم وتحسينهم لأخلاقهم يستلزم أن يحسّنوا معاملاتهم بعضهم مع بعض ، فمن كان خيرهم خلقاً كان أفضلهم عند الله تعالى وأعلاهم منزلة لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل ) أي: درجة قائم الليل وصائم النهار وإن كان لفظ الحديث ظاهره خاص بالرجال حيث قال : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل وصائم النهار ) فليس المقصود حصر هذه الفضيلة وحصر هذه المنقبة بالرجال فقط لما علمنا مرارا وتكرارا في دروس مضت قوله عليه الصلاة والسلام : ( النساء شقائق الرجال ) ، وفي لفظ : ( إنما النساء شقائق الرجال ) أي كل حكم ترتّب على الرجال فمثله يترتّب على النساء، كل ما حرم على الرجال حرم على النساء، كل ما شرع للرجال شرع للنساء وهكذا كل أحكام الشريعة ( إنما النساء شقائق الرجال ) إلا ما استثني من أحكام، والأحكام المستثاة هي قليل جدا وكلنا يعلم ذلك من النساء والرجال فحينما يأتي الحديث يقول : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار ) فينبغي أن نتذكر والحالة هذه الحديث السالف : ( إنما النساء شقائق الرجال ) فنعلم من ذلك أن المرأة أيضًا إذا حسّنت خلقها سبقت المتعبّدة القائمة في الليل الصائمة في النهار بحسن خلقها وحسن معاملتها لمن تعاملها، ذلك بالطبع إذا كانت تلك المتعبّدة سيئة الخلق، والواقع مع الأسف الشديد أننا نجد كثيرا من الرجال وكثيرا من النساء ممن إذا تُرجم تُرجم بأنه رجل مسلم ورجل صالح ولكنّه إذا ما ابتلي بأمر يفصح عن خلقه فسرعان ما يظهر للناس سوء خلقه، وحينذاك يكون ذلك الرجل الذي يقتصر على الإتيان بما فرض الله تبارك وتعالى عليه من الأحوال والابتعاد عما حرم الله عليه مع حسن خلقه يتميّز هذا على ذاك الإنسان الذي يشهد له بأنه صالح وأنه قائم الليل وصائم النهار ولكنه سيء الخلق مع الناس، من هنا نعرف مبلغ وأهمية حسن الخلق في الإسلام فعلينا أن نتعظ بهذا الحديث رجالاً ونساءً وأن يحسّن كل منا خلقه مع الاخر لا سيما الزوج مع الزوجة ، والزجة مع زوجها لوثيق الرباط الذي ربط الله تبارك وتعالى بينهما بين الزوج والزوجة .