فائدة : المعنى الصحيح لحسن الخلق . حفظ
الشيخ : وحسن الخلق هنا المعنى الواسع ليس مقصود بحسن الخلق هنا فقط معاملة الإنسان بما يجب فقط، يعني إنسان مثلاً ترك عندك أمانة فأديت هذه الأمانة ، لا شك أن هذا من حسن خلق لكن هذا حسن الخلق فرض إذا قصّر فيه الإنسان حوسب يوم الحساب وعوقب على ذلك، لأنه خالف قول الله عز وجل : (( أدوا الأمانات إلى أهلها )) خالف أمراً نبوياً لكن المقصود بحسن الخلق ما هو أكثر من حسن الخلق الواجب على الإنسان، أن يعامل الناس بلطف أن يعفو عمن ظلمه وأن يتجاوز كما سمعتن في الحديث السابق عمن قصر في وفاء الدَّين له ، وما هنالك من خصال الأخلاق الحسنة التي لا يمكن للنسان أن يأتي بها كلها لأن ذلك مما خص الله خص الله به بشراً في البشر جميعا ألا وهو الرسول عليه السلام الذي وصفه الله عز وجل في القرآن بقوله: (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ولكن على الإنسان أن يتطبّع وأن يتخلّق بالأخلاق الحسنة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، إذا كان يحس مثلاً من نفسه بأنه طُبع على شح وعلى بخل فيتكلّف بأن يتكرم وأن يتساخى وأن يجود كل بحسبه ، وإذا كان مطبوعا على شيء من الشدّة ومن الغلظة فيحاول أن يلين وأن يتواضع مع الناس وهكذا، من أجل ذلك جاء في الحديث الصحيح قوله عليه السلام : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار ) ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار ) والسبب في هذا أن الذي يحسّن خلقه يحسنه وهو يجاهد نفسه، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وتأكيداً لهذا المعنى الذي ندندن حوله وهو أن المسلم يجب أن يمرن نفسه وأن يدرّبها على حسن الخلق، قال عليه السلام تأكيداً لهذا المعنى بطريق السؤال والجواب لأصحابه يوماً : ( أتدرون من الصرعة ؟ أتدرون من الصرعة ؟ قالوا: الصرعة هو الذي يصارع الناس فيصرعهم -يغالبهم يصرعهم فيغلبهم- قال: لا ليس الشديد بالصرعة ،وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب ) الذي يحاول أن يملك نفسه عند الغضب يتكلّف ذلك ولو بمشقة ، هذا الذي معناه أنه يحسّن نفسه وهذا الذي يطبق أمر النبي عليه السلام حينما قال لمعاذ : ( اتق الله حيثما كنت وخالق الناس بخلق حسن ) خالق الناس بخلق حسن ، فقال لهم : من البطل ؟ قالوا الذي يغالب الناس فيصرعهم قال لهم لا ، البطل هو الذي يملك نفسه عند الغضب، ومن هنا أخذ ابن الوردي قوله في قصيدته المشهورة :
" ليس من يقطع طرقاً بطلا *** إنما من يتق الله البطل "
على هذا الأسلوب من تنبيه الناس إلى ضرورة تحسين الخلق وتمرين النفس على الصبر قال عليه السلام للناس خاصة : ( أتردون من الرقوب ؟ ) قالوا أو قلن: الرقوب فينا هي التي لا تلد، فأجابهن بأن الرقوب هي التي تلد ويموت ولدها، وذلك لأنها إذا ولدت ومات ولدها وصبرت على موته كان لها أجرا كبيرا عند الله عز وجل، بعكس المرأة العقيم التي تعيش ولا ولد لها فهي لا تجد الغضاضة ولا تجد الحساسية خاصة في نفسها كما لو رزقت ولدا وربته تلك التربية ثم الله عز وجل قبضه إليه، فهنا يظهر أهمية الصبر والرضى بالقضاء والقدر.
الخلاصة : أن هذا الحديث يبين لنا أن أكثر الأسباب التي تدخل صاحبها الجنة هي أولا التقوى الواجبة ثم حسن الخلق بأوسع أبوابه.