فائدة : بيان تفصيل في مسألة الغيبة , وذكر الأنواع المستثناة من الغيبة المحرّمة . حفظ
الشيخ : فيجب أن نعرف تفصيل القول في الغيبة ، وهذا الحديث يعطينا مثال من أمثلة هذا التفصيل.
الأصل أن الغيبة محرّمة وضابطها : أن المستغيب ليس له مصلحة دينية حينما يستغيب المستغاب، وإنما هو تفشيش خلق أو من باب التسلية أو لت كلام أو غير ذلك ، هذا كله غيب محرّمة ، أما إذا كانت الاستغابة لا يقصد بها الترويح عن النفس بذلك، وإنما يراد بها مصلحة إسلامية هذه تكون غيبة جائزة ، وهذه طبعا تتنوع بصور شتى ، وقد جمعها بعض العلماء في بيت شعر قالوا:
" القدح ليس بغيبة في ستّة *** متظلم ومعرّف ومحذّر
ومجاهر فسقاً ومستفتٍ ومن *** طلب الإعانة في إزالة منكر "
ست أشياء يدخل في كل خصلة من هذه الخصال فروع كثيرة جداً لكن جماع هذه الست خصال مما أبيحت واستثنيت من الغيبة المحرمة ، فقال العالم الشاعر:
" القدح ليس بغيبة في ستّة "
أولها: " متظلم " : متظلم أي مظلوم ، المظلوم له الحق أن يقول فلان ظلمني لماذا ؟ لأنه فعل كل الوسائل الممكنة ليصل إلى حقه من ذلك الظالم فلم يفلح ولم ينجح ، ما بقي إلا أن يشهّره بالناس لعله يتحسس قليلاً فيقدّم الحق بهذا المظلوم ، ولذلك قد صرح الرسول صلوت الله وسلامه عليه لهذا الحكم ولهذا الجواز فقال: ( ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته ).
( ليّ الواجد ) الّي المماطلة ، كما في الحديث الآخر: ( مطل الغني ظلم ) والواجد هو الغني ، ( لي الواجد ) أي مماطلة الواجد أي الغني الذي يجد ما يفي عنه الحق يعتبره الشارع الحكيم ظلماً فقال عليه السلام في الحديث السابق: ( لي الواجد يحل عرضه وعوبته ) يحل عرضه المقصود يحل النيل منه والطعن فيه لكن لا يقال مثلاً فلان كذّاب إذا كان يعرفه صادقاً ، فيتكلم بأمانة يطعن في عرضه بخصوص ما يعتني به على هذا المظلوم ، فقط هذا هو معنى ( لي الواجد يحل عرضه ) ( وعقوبته ) من يعاقبه؟ الحاكم المسلم الحاكم المسلم يحق له أن يستدعي الظالم الذي يمتنع عن أداء الحق الذي له على هذا المظلوم ، فيعاقبه يجلده خمسة عشرة حسب ما يرى تأديبه حتى لا يعود مرّة أخرى إلى الاعتداء على حقوق الناس، فهذا الحديث صريح في إباحة استغابة الظالم لي الواجد يحل عرضه : يعني الطعن فيه وعقوبته من الظالم فأول خصلة مما يستثنى من الغيبة المحرّمة هو المظلوم.
متظلّم : يعني يشكو مظلمته عند الناس يقول : فلان ظلمني ، وهذا الحكم ليس فقط في الحديث بل وفي القرآن الكريم حيث قال الله تبارك وتعالى : (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم )) من ظُلم يجوز له أن يجهر بالكلام السيء بالنسبة لمن ظلمه، هذا أول نوع يستثنى من الغبيبة المحرّمة ، متظلّم.
" ومعرّف " : هذا مثال بين أيدينا الآن من الأمثلة الكثيرة الرسول عليه السلام سأل بعض الصاحبة من بني سلمة : ( من سيّدكم ؟ ) قالوا : " جُدّ بن قيس " هو يسألهم ليتعرّف فهم أجابوه تعريفاُ له عليه السلام فقالوا : " على أنا نبخّله ".
وأوضح من هذا المثال : لما جاءت أمرأة وقد خطبها رجلان جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله فلان وفلان خطباني ، هي قالت أبو جهم بالميم ، وليس أبو جهل باللام ، أبو جهم من الصحابة ومعاوية بن أبي سفيان ، كل منهما خطبني ، فكأنها تقول : أنا محتارة أوافق على هذا أو على هذا وكأنها تقول : انصحني يا رسول الله أوافق على هذا أو على هذا ؟ الرسول عليه السلام لم يقل لها لا خذي هذا ولا خذي هذا لأن المسألة حساسة النساء مقاصدهم وغاياتهم مختلفة، فما كان من الرسول عليه السلام غير أن يصف كلا من الخاطبَين للمرأة المخطوبة من كل منهما لذلك قال عليه السلام : ( أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه ، وأما معاوية فرجل صعلوك ) فنجد هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عيب كلا الخاطبين لتلك المرأة حتى تكون على بصيرة.
وقد ذكر العلماء في تفسير قوله عليه الصلاة والسلام في أبي جهم وقوله فيه: ( أنه رجل لا يضع العصا عن عاتقه ) بأن معناه أحد شيئين : إما انه كناية على أنه معروف بظلمه للنساء وضربه لهن لأنه لا يضع العصا عن عاتقه كناية عن أنه ميتعد لضرب المرأة لأقل خطيئة ، أو تكاسل أو تهاون ما شابه ذلك، بمعنى آخر أنه قيل : لا يضع العصا عن عاتقه أنه كثير الأسفار لأن العرب كانوا يضعون العصا ويضعون المزودة على طرف العصا ويمشي في البراري ، لكن المعنى الأول هو الأصح الذي قاله العلماء.
أما معاوية رجل صعلوك فمعناه رجل فقير، فنحن إذا تأملنا في هذين الوصفين لوجدنا أن كلاً من الرجلين لا يرضى أن يُذكر من الرسول عليه السلام خاصة برذيلة، فأبو جهم لا يريد أن ينفضح أمام النساء لا سيما أمام خطيبته بأنه رجل ضرّاب للنساء، ومعاوية كمان هو بدوره لا يناسبه أن يقال ويعرف النساء بأنه رجل صعلوك فقير لا جاه له ، ولا قيمة له في المجتمع هذا غيبة وهذا غيبة، ولكن مصلحة النصح كما قال عليه السلام في بيان حق المسلم على المسلم: ( وإذا استنصحك فانصحه ).
فالواحد إذا سأل جاره أو صدقه شو رأيك في فلان؟ خير إن شاء الله ، أريد أن أشاركه ، وهو يعرف أنه خائن وغشاش وأنه كذا وكذا لازم يذكر ما فيه لأن الدين النصيحة ، لا يقول هذا غيبة ؟ لا هذه ليست من الغيبة المحرّمة يا أبا فلان ما رأيك في فلان ؟ خير إن شاء الله ، والله خاطب من عندنا أيضًا يجب أن تبيّن عيوبه حتى إذا صار اتفاق على الخطبة يكونوا على بينة من الأمر لا أن يقول الناس والله هذه غيبة محرمة ، هذا الوصف والتعريف ولوتضمن غيبة فليس حراماً.
" القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلّم ومعرّف ومحذّر ".
الخصلة الثالثة : أنا شايف فلان يعاشر فلان ، يقول له : إياك أن تماشي فلان ، ليه إن شاء الله ؟ هذا أخلاقه كذا وكذا، استغيبه ليه؟ لأن هذا المقصود به التحذير الشاب الصالح يحذّره من أن يخالط الشاب الفاسد، الشاب ذو الخلق الحسن ينهى أن يصاحب الشاب ذو الخلق السيء، ليه؟ لأن طبيعة الناس أنها تنعدي مثل الفواكه الجميلة إذا وضعت بجانب الفاكهة الفاسدة أفسدتها وسرت إليها العدوى، سنة الله في خلقه (( ولن تجد لسنة الله تبديلاً )) ومن أجل ذلك حذّر الرسول عليه السلام من رفقة السوء فقال: ( مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك إما أن يحذيك -يعني يعطيك بالمجان- وإما أن تشتري منه وإما أن تشم منه رائحة طيبة ) فجليس الرجل الصالح على كل حال كسبان مثله كمثل أن يجالس العطار إما أن يعطيه مجاناً وإما أن يشتري منه بمصاري وإما على الأقل أن يشتم الرائحة الطيبة.
أما مثل الجليس السوء فهو قال عليه السلام في تمام الحديث : ( كمثل الحداد إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشتم منه رائحة كريهة ) هذا وذاك مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، فإذا رأينا إنساناً صالحاً يخالط إنساناً طالحاً فنحن نحذّره ونقول له لا تمشي معه يفعل كذا يقول كذا ويعتقد كذا إلخ ، أو نقول نحن لا نريد أن نستغيب الناس ؟ هذه ليست غيبة مكروهة بل هذه غيبة واجبة مو بس جائزة ، هذا التحذير إياك أن تمشي مع فلان لأن صفته كذا وكذا هذا واجب ، إذن صار معنا إلى الآن ست خصال :
" متظلّم ومعرّف ومحذّر ".
الخصلة الرابعة: " ومجاهر فسقاً " : ومجاهر فسقاً واحد يشرب خمراً علنا لا هو يخشى الله ولا هو يستحي من عباد الله هذا هو الفاسق المجاهر بفسقه هذا يُستغاب، يقال هذا إنسان يشرب الخمر ولا يستحي من الناس إطلاقا هذا داخل في النص العام : ( ذكرك أخاك بما يكره ) ؟ من حيث المعنى داخل لكن من حيث الأدلة المخصصة استثننى هذا النوع من هذا النص العام هذا هو الفاسق المعلن لفسقه وفجوره ، فلان فتح مثلاً " بار " فاتح محل خمور هذا ليس من الغيبة المحرمة أبداً هذا مستثنى من الغيبة المحرمة.
النوع الخامس بعد أن قال: " ومجاهر فسقاً " .
قال : " ومستفتٍ " هذا القسم الخامس من الغيبة المستثناة من التحريم ، ومستفتٍ ، المستفتي له أمثلة ووقائع وأنواع كثيرة جداً، يأتي الرجل إلى العالم فيقول زوجتي تفعل كذا وكذا وكذا إيش الحكم ؟، أو المرأة تأتي إلى العالم وتقول زوجي يفعل كذا وكذا ، وكل منهما يصف الآخر بوصف الغيبة هذا جائز أم حرام ؟ هذا جائز ، هذا مستثنى من الغيبة المحرّمة ، والدليل على ذلك قصة هند لما جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت : ( يا رسول الله إن زوجي رجل شحيح ) انظر شلون تبخّلبه ، رجل شحيح اي بخيل ، يعني ليس بقائم في واجب أولاده وزوجته ( أفيجوز لي أن آخذ من ماله ما يكفيني أنا وأولادي؟ فقال عليه السلام : خذي من ماله ). .
الأصل أن الغيبة محرّمة وضابطها : أن المستغيب ليس له مصلحة دينية حينما يستغيب المستغاب، وإنما هو تفشيش خلق أو من باب التسلية أو لت كلام أو غير ذلك ، هذا كله غيب محرّمة ، أما إذا كانت الاستغابة لا يقصد بها الترويح عن النفس بذلك، وإنما يراد بها مصلحة إسلامية هذه تكون غيبة جائزة ، وهذه طبعا تتنوع بصور شتى ، وقد جمعها بعض العلماء في بيت شعر قالوا:
" القدح ليس بغيبة في ستّة *** متظلم ومعرّف ومحذّر
ومجاهر فسقاً ومستفتٍ ومن *** طلب الإعانة في إزالة منكر "
ست أشياء يدخل في كل خصلة من هذه الخصال فروع كثيرة جداً لكن جماع هذه الست خصال مما أبيحت واستثنيت من الغيبة المحرمة ، فقال العالم الشاعر:
" القدح ليس بغيبة في ستّة "
أولها: " متظلم " : متظلم أي مظلوم ، المظلوم له الحق أن يقول فلان ظلمني لماذا ؟ لأنه فعل كل الوسائل الممكنة ليصل إلى حقه من ذلك الظالم فلم يفلح ولم ينجح ، ما بقي إلا أن يشهّره بالناس لعله يتحسس قليلاً فيقدّم الحق بهذا المظلوم ، ولذلك قد صرح الرسول صلوت الله وسلامه عليه لهذا الحكم ولهذا الجواز فقال: ( ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته ).
( ليّ الواجد ) الّي المماطلة ، كما في الحديث الآخر: ( مطل الغني ظلم ) والواجد هو الغني ، ( لي الواجد ) أي مماطلة الواجد أي الغني الذي يجد ما يفي عنه الحق يعتبره الشارع الحكيم ظلماً فقال عليه السلام في الحديث السابق: ( لي الواجد يحل عرضه وعوبته ) يحل عرضه المقصود يحل النيل منه والطعن فيه لكن لا يقال مثلاً فلان كذّاب إذا كان يعرفه صادقاً ، فيتكلم بأمانة يطعن في عرضه بخصوص ما يعتني به على هذا المظلوم ، فقط هذا هو معنى ( لي الواجد يحل عرضه ) ( وعقوبته ) من يعاقبه؟ الحاكم المسلم الحاكم المسلم يحق له أن يستدعي الظالم الذي يمتنع عن أداء الحق الذي له على هذا المظلوم ، فيعاقبه يجلده خمسة عشرة حسب ما يرى تأديبه حتى لا يعود مرّة أخرى إلى الاعتداء على حقوق الناس، فهذا الحديث صريح في إباحة استغابة الظالم لي الواجد يحل عرضه : يعني الطعن فيه وعقوبته من الظالم فأول خصلة مما يستثنى من الغيبة المحرّمة هو المظلوم.
متظلّم : يعني يشكو مظلمته عند الناس يقول : فلان ظلمني ، وهذا الحكم ليس فقط في الحديث بل وفي القرآن الكريم حيث قال الله تبارك وتعالى : (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم )) من ظُلم يجوز له أن يجهر بالكلام السيء بالنسبة لمن ظلمه، هذا أول نوع يستثنى من الغبيبة المحرّمة ، متظلّم.
" ومعرّف " : هذا مثال بين أيدينا الآن من الأمثلة الكثيرة الرسول عليه السلام سأل بعض الصاحبة من بني سلمة : ( من سيّدكم ؟ ) قالوا : " جُدّ بن قيس " هو يسألهم ليتعرّف فهم أجابوه تعريفاُ له عليه السلام فقالوا : " على أنا نبخّله ".
وأوضح من هذا المثال : لما جاءت أمرأة وقد خطبها رجلان جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله فلان وفلان خطباني ، هي قالت أبو جهم بالميم ، وليس أبو جهل باللام ، أبو جهم من الصحابة ومعاوية بن أبي سفيان ، كل منهما خطبني ، فكأنها تقول : أنا محتارة أوافق على هذا أو على هذا وكأنها تقول : انصحني يا رسول الله أوافق على هذا أو على هذا ؟ الرسول عليه السلام لم يقل لها لا خذي هذا ولا خذي هذا لأن المسألة حساسة النساء مقاصدهم وغاياتهم مختلفة، فما كان من الرسول عليه السلام غير أن يصف كلا من الخاطبَين للمرأة المخطوبة من كل منهما لذلك قال عليه السلام : ( أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه ، وأما معاوية فرجل صعلوك ) فنجد هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عيب كلا الخاطبين لتلك المرأة حتى تكون على بصيرة.
وقد ذكر العلماء في تفسير قوله عليه الصلاة والسلام في أبي جهم وقوله فيه: ( أنه رجل لا يضع العصا عن عاتقه ) بأن معناه أحد شيئين : إما انه كناية على أنه معروف بظلمه للنساء وضربه لهن لأنه لا يضع العصا عن عاتقه كناية عن أنه ميتعد لضرب المرأة لأقل خطيئة ، أو تكاسل أو تهاون ما شابه ذلك، بمعنى آخر أنه قيل : لا يضع العصا عن عاتقه أنه كثير الأسفار لأن العرب كانوا يضعون العصا ويضعون المزودة على طرف العصا ويمشي في البراري ، لكن المعنى الأول هو الأصح الذي قاله العلماء.
أما معاوية رجل صعلوك فمعناه رجل فقير، فنحن إذا تأملنا في هذين الوصفين لوجدنا أن كلاً من الرجلين لا يرضى أن يُذكر من الرسول عليه السلام خاصة برذيلة، فأبو جهم لا يريد أن ينفضح أمام النساء لا سيما أمام خطيبته بأنه رجل ضرّاب للنساء، ومعاوية كمان هو بدوره لا يناسبه أن يقال ويعرف النساء بأنه رجل صعلوك فقير لا جاه له ، ولا قيمة له في المجتمع هذا غيبة وهذا غيبة، ولكن مصلحة النصح كما قال عليه السلام في بيان حق المسلم على المسلم: ( وإذا استنصحك فانصحه ).
فالواحد إذا سأل جاره أو صدقه شو رأيك في فلان؟ خير إن شاء الله ، أريد أن أشاركه ، وهو يعرف أنه خائن وغشاش وأنه كذا وكذا لازم يذكر ما فيه لأن الدين النصيحة ، لا يقول هذا غيبة ؟ لا هذه ليست من الغيبة المحرّمة يا أبا فلان ما رأيك في فلان ؟ خير إن شاء الله ، والله خاطب من عندنا أيضًا يجب أن تبيّن عيوبه حتى إذا صار اتفاق على الخطبة يكونوا على بينة من الأمر لا أن يقول الناس والله هذه غيبة محرمة ، هذا الوصف والتعريف ولوتضمن غيبة فليس حراماً.
" القدح ليس بغيبة في ستة *** متظلّم ومعرّف ومحذّر ".
الخصلة الثالثة : أنا شايف فلان يعاشر فلان ، يقول له : إياك أن تماشي فلان ، ليه إن شاء الله ؟ هذا أخلاقه كذا وكذا، استغيبه ليه؟ لأن هذا المقصود به التحذير الشاب الصالح يحذّره من أن يخالط الشاب الفاسد، الشاب ذو الخلق الحسن ينهى أن يصاحب الشاب ذو الخلق السيء، ليه؟ لأن طبيعة الناس أنها تنعدي مثل الفواكه الجميلة إذا وضعت بجانب الفاكهة الفاسدة أفسدتها وسرت إليها العدوى، سنة الله في خلقه (( ولن تجد لسنة الله تبديلاً )) ومن أجل ذلك حذّر الرسول عليه السلام من رفقة السوء فقال: ( مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك إما أن يحذيك -يعني يعطيك بالمجان- وإما أن تشتري منه وإما أن تشم منه رائحة طيبة ) فجليس الرجل الصالح على كل حال كسبان مثله كمثل أن يجالس العطار إما أن يعطيه مجاناً وإما أن يشتري منه بمصاري وإما على الأقل أن يشتم الرائحة الطيبة.
أما مثل الجليس السوء فهو قال عليه السلام في تمام الحديث : ( كمثل الحداد إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشتم منه رائحة كريهة ) هذا وذاك مثل الجليس الصالح والجليس السوء ، فإذا رأينا إنساناً صالحاً يخالط إنساناً طالحاً فنحن نحذّره ونقول له لا تمشي معه يفعل كذا يقول كذا ويعتقد كذا إلخ ، أو نقول نحن لا نريد أن نستغيب الناس ؟ هذه ليست غيبة مكروهة بل هذه غيبة واجبة مو بس جائزة ، هذا التحذير إياك أن تمشي مع فلان لأن صفته كذا وكذا هذا واجب ، إذن صار معنا إلى الآن ست خصال :
" متظلّم ومعرّف ومحذّر ".
الخصلة الرابعة: " ومجاهر فسقاً " : ومجاهر فسقاً واحد يشرب خمراً علنا لا هو يخشى الله ولا هو يستحي من عباد الله هذا هو الفاسق المجاهر بفسقه هذا يُستغاب، يقال هذا إنسان يشرب الخمر ولا يستحي من الناس إطلاقا هذا داخل في النص العام : ( ذكرك أخاك بما يكره ) ؟ من حيث المعنى داخل لكن من حيث الأدلة المخصصة استثننى هذا النوع من هذا النص العام هذا هو الفاسق المعلن لفسقه وفجوره ، فلان فتح مثلاً " بار " فاتح محل خمور هذا ليس من الغيبة المحرمة أبداً هذا مستثنى من الغيبة المحرمة.
النوع الخامس بعد أن قال: " ومجاهر فسقاً " .
قال : " ومستفتٍ " هذا القسم الخامس من الغيبة المستثناة من التحريم ، ومستفتٍ ، المستفتي له أمثلة ووقائع وأنواع كثيرة جداً، يأتي الرجل إلى العالم فيقول زوجتي تفعل كذا وكذا وكذا إيش الحكم ؟، أو المرأة تأتي إلى العالم وتقول زوجي يفعل كذا وكذا ، وكل منهما يصف الآخر بوصف الغيبة هذا جائز أم حرام ؟ هذا جائز ، هذا مستثنى من الغيبة المحرّمة ، والدليل على ذلك قصة هند لما جاءت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت : ( يا رسول الله إن زوجي رجل شحيح ) انظر شلون تبخّلبه ، رجل شحيح اي بخيل ، يعني ليس بقائم في واجب أولاده وزوجته ( أفيجوز لي أن آخذ من ماله ما يكفيني أنا وأولادي؟ فقال عليه السلام : خذي من ماله ). .