شرح أثر محمد بن سيرين : " كانوا يقولون: لا تكرم صديقك بما يشق عليه " . حفظ
الشيخ : يقول : " كانوا يقولون " .
يجب أن نفهم هذا الاصطلاح العلمي إذا تابعي قال : كانوا يقولون فما الضمير فيرجع إلى من ؟ ما دام أنه تابعي فيجب أن نفهم أنه يعني الصحابة فهنا محمد بن سيرين يقول : كانوا يقولون إذن يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ماذا كانوا يقول أصحاب النبي عليه السلام ؟ " لا تكرم صديقك بما يشق عليه " هذا أدب هذا أدب من حيث ظن أن خلافه هو أدب ، وهذا يظهر في صور كثيرة ومن أوضحها في أوضاعنا الاجتماعية حينما يحضر ضيف ويوضع له مائدة الطعام وفيها من كل شيء لذ وطاب فيأكل هذا الضيف ما يشتهي سواء كان قليل الأكل أو كثيره فهو يأكل حاجته فيلح عليه صاحب الضيف إلا أن تأكل من هنا هو من هنا ما أكل فيخجل الرجل فيأكل ، طيب ومن هنا ولا يزال ينقله من طعام إلى طعام حتى يكاد الرجل ينفجر، فهذا هو المحظور الذي نقله محمد بن سيرين عن الصحابة أنهم كانوا يقولون: " لا تكرم صديقك بما يشق عليه " فأنت يا أيها الضيف الكريم لما تقول له كل من هنا ومن هنا ومن الفاكهة ومن العنب والبطيخ بلا شك يريد إكرامه لكن هذا يشق عليه، لذلك فيجب ألا نتشدد وألا نتنطع في معاملاتنا كلها ومن ذلك إكرام الضيف ، فقد مرّ بنا أكثر من مرة قول نبينا عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ) ولا شك أن المقصود بالتنطع هنا إنما هو التنطع في الدين، ولا شك أيضًا أن إكرام الضيف كما مر معنا في أحاديث في أول الكتاب فيما أظن جاء فيها : ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) إذن إكرام الضيف من الدين لأنه يقول : ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) كما يقول : ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) فإذن أنت تريد أن تتخلق بهذا الخلق الإسلامي أن تكرم ضيفك تجاوبا مع قوله عليه السلام : ( ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) فتقدم إليه ما لا طاقة له به من الطعام والشراب فهذا ليس من آداب الضيافة أبدا، بل هذا ضد الأدب الإسلامي وإنما هو نفاق إجتماعي شاع في هذا الزمان وعم وطم، ولذلك فنحن نأخذ من هذا الأثر الصحيح عن محمد بن سيرين ألا نكرم ضيفنا بما يشق عليه ، وهذا المثال هو مثال ليس مقصودا لذاته والإنسان العاقل يتوسع في منطلقه في حياته في حدود هذا الأثر الطيب : " لا تكرم ضيفك بما يشق عليه " وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.