باب : " باب من زار قوما فطعم عندهم " . شرح حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أهل بيت من الأنصار فطعم عندهم طعاما فلما خرج أمر بمكان من البيت فنضح له على بساط فصلى عليه ودعا لهم ). حفظ
الشيخ : الآن يعقد بابا فيقول :
" باب من زار قوما فطعم عندهم " .
ويروي البخاري بإسناده الصحيح .
عن أنس بن مالك، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أهل بيت من الأنصار، فطعم عندهم طعاما، فلما خرج أمر بمكان من البيت، فنُضح له على بساط، فصلى عليه ودعا لهم ).
في هذا الحديث فوائد منها : ما عقد له المؤلف رحمه الله باب " من زار قوما فطعم عندهم " فالرسول صلى الله عليه وسلم زار جماعة من الأنصار في بيتهم ثم لم تقتصر هذه الزيارة على مجرد زيارة وإن كانت هذه فضيلة من الفضائل كما ذكرنا في الدرس الماضي، وإنما اقترن مع الزيارة أن قدّموا له عليه السلام طعاما فطع من طعامهم وشرب من شرابهم ، وهذا فيه جمع بين فضيلتين : فضيلة الزيارة التي تحقق نوعا من الصحبة ، والفضيلة الأخرى أن يأكل من طعام أهل البيت ، ذلك لأن في كل من الأكل ومن الإطعام فضيلة ، أي أهل البيت قدّموا طعاما ، فهذا فضل ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث الصحيحة : ( خيركم من أطعم الطعام وقام في الليل والناس نيام ) خيركم من أطعم الطعام فإذن أهل البيت قدموا الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن هذا من تزكية النفس وتطهيرها من درن الشح والبخل والآكل هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهم حققوا لتقديمهم الطعام للرسول عليه السلام فضيلتين اثنيتن : الفضيلة الأخرى ذكرناها آنفا ( خيركم من أطعم الطعام ) الفضيلة الثانية في حديث آخر وهو قوله عليه السلام : ( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ومن أتقى من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فإذن هم أطعموا الطعام من جهة لأن هذه الفضيلة مرة أخرى أطعموها لسيد الأتقياء عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك أدب إلى أنه يستحب لمن ضاف عليه رجل وزاره أن يكرمه بشيء مما تيسر عنده من طعام أو شراب ،وهذا أدب لا يزال هذا معمولا به ولكن الناس بين مكثر ومقل ، ثم في هذا الحديث قضية في اعتقادي لا يُشرع أن تتكرر بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذلك أنه صلى لهم في بيتهم في مكان نضحوه بالماء ونظفوه وصلى هناك في ذلك المكان كأنه جعل لهم مصلى في بيتهم ليصلوا هم بدورهم في هذا المكان حينما يشاؤون الصلاة نفلا أو فرضا كل بحسبه، المرأة كما نعلم جميعا الأفضل لها أن تصلي في البيت وعكسها الرجل يصلي في المسجد، فإذا فاتت الصلاة في المسجد يصلي في البيت جماعة مع أهله، فهذا المكان الذي صلى فيه الرسول عليه السلام صلى هناك ليصلي أهل البيت فيه، وهذا معناه التبرك بعمل الرسول عليه السلام وباختيار مكانا مناسبا في البيت ليصلي أهل البيت فيه، قلت هذا ينبغي ألا يعاد بعده عليه السلام لأن هذا نوع من التبرك به صلى الله عليه وسلم ولا يجوز لأحد من اهل العلم والفضل أن يفعل فعله لأن هذا العالم وهذا الفاضل لا يمكن أن يكون في مكان العصمة التي كان فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما جرى عليه المتأخرون اليوم من المشايخ والعلماء من تساهلهم وتسامحهم مع أتباعهم وتلامذتهم ومريديهم من تبرك هؤلاء بهم هذا نوع من الاغترار بأنفسهم لا يجوز للعالم التقي الخائف من الله عز وجل والذي يبتعد عن وساوس الشيطان أن يجعل نفسه وينصبها في منصب الرسول عليه السلام الذي لا يغلبه الشيطان، إذن في هذا الحديث فضيلة زيارة أهل البيت وفضيلة تقديم هؤلاء الطعام للزائر.