شرح حديث عبد الله مولى أسماء رضي الله عنها : ( أخرجت إلى أسماء جبة من طيالسة عليها لبنة شبر من ديباج وان فرجيها مكفوفان به فقالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها للوفود ويوم الجمعة ) . حفظ
الشيخ : أورد من أجل هذا حديثين صحيحين أحدهما يرويه بإسناده الصحيح .
عن عبد الله مولى أسماء قال: ( أخرجت إلي أسماء جبة من طيالسة عليها لبنة شبر من ديباج وإن فرجيها مكفوفان به ، فقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها للوفود ويوم الجمعة ) .
هذا هو الحديث الأول ، والحديث الآخر يرويه أيضا بإسناده الصحيح .
عن عبد الله بن عمر قال: ( وجد عمر حلة استبرق، فأتى بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: اشتر هذه والبسها عند الجمعة أو حين تقدم عليك الوفود فقال عليه السلام : إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة، وأتي رسول الله -تمام الحديث- وأتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحلل فأرسل إلى عمر بحلة وإلى أسامة بحلة وإلى علي بحلة فقال عمر : يا رسول الله أرسلت بها إلي لقد سمعتك تقول فيها ما قلت، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : تبيعها أو تقضي بها حاجتك ) .
انتهى الحديث الثاني.
نعود إلى تفسير غريب الحديث الأول ثم التعريج عليه وعلى الثاني بعد تفسير ما يحتاج من تفسير من جمل.
عبد الله مولى أسماء، أسماء هي بنت أبي بكر الصديق، يقول مولاها أي عبدها الذي كانت هي أعتقته، قال عبد الله : ( أخرجت إلي أسماء جبة من طيالسة ) .
الطيالسة : ثياب معروفة يومئذ يلبسونها، هذه الجبة تقول أسماء: ( عليها لبنة ) يعني قطعة بالطول اللبني وهذا الطول هو شبر، من ديباج يعني من حرير، جبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أخرجتها السيدة عائشة وأرت هذه الجبة لمولاها عبد الله، تقول هذه جبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي كان يلبسها، وإذا به يرى عليها لبنة أي قطعة شبر من ديباج من حرير، وإن فرجيها يعني كفيها مثل كم القيمص في عرفنا الحاضر له الفتحة هاي، الفتحة هي الفرج ، الظاهر قديما كان القميص لها ... أو الجبة لها شقين شق من قدام وشق من الخلف، هكذا يصف عبد الله أن هذه الجبة كانت عليها قطعة حرير مقدار شبر، ولهذه الجبة فرجين يعني شقين شق من قدام وشق من خلف.
( مكفوفان به ) نستطيع نقول مكفوفين بهذه القطعة من الحرير، فقالت أسماء لمولاها عبد الله : ( هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يلبسها للوفود ويوم الجمعة ) .
فدل هذا الحديث على شيئين اثنين:
الشيء الأول : وهو الذي له علاقة بالأثر السابق الذي قال أبو العالية: إن المسلمين كانوا يتجملون إذا زار بعضهم بعضا، فأتبع المؤلف ذلك الأثر بهذا الحديث ليدعم معنى الأثر الذي قبله يعني أبو العالية ما بيجيب شيء من عنده، هذا هو الحديث الثالث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول هذا الحديث أنه كان له جبة مكفوف كفيها بقطعة من حرير مقدار الشبر، وكانت هذه الجبة لا يلبسها الرسول صلوات الله وسلامه عليه دائما وأبدا وإنما هي مخصصة لاستقبال الوفود الذين يأتون إليه من أطراف البلاد يباعوه على الإسلام .
وأيضا كانت هذه الجبة يلبسها صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة، فدل هذا الحديث على ما صرح به أبو العالية في الأثر السابق في الدرس الماضي أنهم كانوا يستحبون أن يتزينوا إذا زار بعضهم بعضا، هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتزين للوفود الذين يأتون لزيارته، وكان أيضا يخرج يوم الجمعة بهذه الجمعة التي لها شقين شق أمامي وشق من خلف وطرفيها من داخل مكفوفين من حرير.
هذا ما دل عليه الحديث أولا ألا وهو استحباب التزين باللباس الحسن لزيارة إخوانه المسلمين أو لاستقبال من قد يزوره في بيته.
الشيء الثاني الذي يدل عليه هذا الحديث فيه تخصيص الحديث التالي الثاني الذي قرأته عليكن آنفا .
وفيه أن لباس الحرير من يلبسه من الرجال فلا خلاق له في الآخرة .
في هذا الحديث وعيد شديد للرجال الذين يتزينون بلباس الحرير، ذلك لأنه قد ثبت في الأحاديث الكثيرة جدا أن الحرير محرم على الرجال مباح للنساء، فلا يجوز للرجل فإن كان يستحب له أن يتزين فلا يجوز له أن يتزين بما حرم الله عليه ومن ذلك لباسه لباس الحرير.