ما هو الصواب في تحديد السن في مسألة الرضاع ؟ وضرب أمثلة معاصرة تشبه صورة سالم مولى أبي حذيفة في إرضاع الكبير . حفظ
الشيخ : هنا سؤال بعد بسم الله الرحمن الرحيم .
روى مسلم عن عائشة قال : ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال: انظرن إخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة )، وروى مسلم عن عائشة، قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير ).
السؤال: لقد اختلف العلماء في مسألة الرضاع بالنسبة لتحديد السن، فما هو الصواب أو الحكم الذي نعتمد عليه في مسألة الرضاع ؟
الجواب : هذه المسألة فعلا اختلف فيها العلماء كثيرا، والذي ينبغي ذكره باختصار في هذا الوقت الضيق، والكلام المناسب لما جاء في السؤال أن نذكر مذهبين اثنين .
المذهب الأول : مذهب الحنفية الذي يقول بأن من رضع في سن الرضاعة وهو حولان كاملان ولو مصة يصبح هذا الرضيع بهذه المصة ابنا للمرضعة وابنا لزوجها الذي كان حليبها بسببه .
مذهب آخر يقابله تماما يقول : الرضعة والثنتين والثلاثة والأربعة ما بيحرموا وإنما خمس رضعات مشبعات، وهذا هو القول الصحيح الذي جاء في * صحيح مسلم * أنه إنما يحرم خمس رضعات شبعات .
إذا عرفنا هذا التفصيل يسهل علينا أن نفهم الحديث الأول، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل على عائشة وجد رجلا كبيرا عندها فرأيت في وجهه الكراهة كأنه أشعر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن هذا رجل غريب شو بيعمل عندك ؟ لا هو أخوكي ولا هو مثلا خالك من المحارم، فكان لما رأت هي الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، والواقع أنه إذا ثبت أن هذا الرجل أخوها في الرضاعة ما لازم يغضب الإنسان أو يتأثر لأنه الرسول عليه السلام يقول : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) فهذا أخوها من الرضاعة ولا شك في ذلك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يلفت النظر إلى أن الرضاعة مطلق الرضاعة لا يحرم مو مجرد ما واحد قال رضع، فهذا الأخ لعائشة رضع رضعة واحدة من أم عائشة فصار هو أخوها بهذه الرضاعة ؟ لا .
لذلك قال عليه السلام: ( انظرن إخوتكن من الرضاعة ) ليه ( فإنما الرضاعة من المجاعة ) بمعنى أن الرضاع الذي يحرم هو المشبع للطفل حينما يرضع يكون جائعا فيرضع ويرضع، أما هذا الطفل الذي مص مصة واحدة ما بيأثر لا بيغذيه ولا بينميه لا عظمه ولا لحمه وإنما الرضاعة من المجاعة يعني الرضاعة التي تحرم هي التي تشبع الرضيع، ففي هذا الحديث تنصيص صريح جدا لإبطال قول من يقول إن الرضعة مهما كانت ولو كانت قليلة تحرم، لا الرسول يقول: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وقد أكد ذلك عليه الصلاة والسلام في حديث آخر وهو الوارد في السؤال وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان ) وإن اللي بيقول الرضعة الواحدة تحرم خالف حديث عائشة هذا: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وخالف هذا الحديث الآخر: ( لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان ) .
الحديث الثالث وهو في * صحيح مسلم * ولذلك لم يأخذ به أكثر العلماء، لكن الحقيقة أن لهذا الحديث محلا من الفقه عظيما جدا حيث تحل به بعض المشاكل التي يحاول بعض الناس حلها بطريق الاحتيال على الشرع، هذا الحديث يقول: جاءت سهلة بنت سهيل صحابية جليلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة أي زوجها من دخول سالم أي عبدهما، وهذا هو المقصود من قوله في الرواية: وهو حليفه، يعني مولاه عبده وقد أعتقه، زوج أبي حذيفة تأتي إلى الرسول عليه السلام تشكو وضع عائلي، هذه العائلة مؤلفة من زوجين وهذا العبد، حيث هذا العبد كلما دخل على سهلة هذه يتغير وجه زوجها أبي حذيفة، فهي تشكو هذا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هي لا تريد أن ترى في وجه زوجها أثر هذا الغضب والزعل كما يقال اليوم، فتريد أن تذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحل لها هذه المشكلة، فكان الجواب لحل هذه المشكلة جوابا غريبا بالنسبة لهذه المرأة بل بالنسبة لكل النساء حينما قال لها: ( أرضعيه ) على التعبير الثاني بكون الجواب يختلف ... هكذا كان ( أرضعيه، قالت: فكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير ) انتهى، شو معنى هذا ؟ كأنه يقول لها: أنا بشوف مثل بتشوفي أنت أن هذا رجل كبير ! لكن الآن الحكم الشرعي، أنا أعني ما أقول، هذا الرجل الكبير أرضعيه تحرمي عليه فيزول ما تشعرين به من زعل وغضب زوجك هذا فيزول بعد أن ترضعيه .
جاء في حديث آخر هذه الرواية مختصرة أنها فعلت ذلك وأرضعت الرجل الكبير فزال ما في نفس أبي حذيفة مما كان يشعر به إن هذا رجل غريب عنا .
وتفصيل هذه المسألة أن سالما هذا كان عبدا لهذين الزوجين في الجاهلية، فلما أسلما وعرفا الأحكام الشرعية التي منها أنه يجب على المرأة أن تحتجب من الرجل الغريب فلا تظهر أمامه مطلقا إن كان ولا بد قرص وجهها فقط وكفيها ليس إلا، لكن هذا الرجل أصبح كأنه جزء من هذا البيت ليس من السهل أن يفارق هذا البيت، كما أنه ليس من السهل أنه كلما دخل تحتجب سهلة، فوقعوا في مشكلة حينما نزل الحجاب على النساء، فكانت كلما دخل هذا الرجل الغريب تتحرج فقد يرى سالم هذا مولى أبي حذيفة قد يرى منها شيء لا يجوز عادة وشرعا، فحل المشكلة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أمرها أن ترضعه ففعلت ذلك فزال ما كان في نفس أبي حذيفة .
إذن هذا الحل في إرضاع الرجل الكبير في صورة معينة يختص بهذا الحديث السابق هنا أيضا يقال عموم وخصوص حينما قال: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وهذه سهلة أرضعت الرجل الكبير الذي هو سالم، ترى هل شبع هذا الرجل من هذه الرضعات وإن كانت عشر رضعات رجل كبير ما يفيه بد طعام مشبع ، إذن قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) قاعدة والقاعدة تمامها أيضا في حولين كاملين لمن أحب أن يتم الرضاعة، لكن هذه القاعدة سواء في الخمس رضعات مشعبات من المجاعة أو في حولين كاملين يستثنى منها إرضاع الرجل الكبير لحل مشكلة عائلية، هذه المشكلة العائلية كانت يومئذ لأنهم كانوا يستقدمون الأرقاء العبيد وكانوا لا يتحجبن النساء، فلما فرض الله الحجاب صار من الصعوبة أن المرأة لا تحتجب كلما دخل عليها مولاها السابق، وصار تأخذ الغيرة زوج سهلة وهو أبو حذيفة إنه كيف هذا الرجل الغريب يدخل عليها ؟ الرسول عليه السلام قال هذا: ( أرضعيه تحرمي عليه ).
اليوم هل تقع مثل هذه الصورة ؟
أنا أقدم صورة يمكن استغلال هذا الحديث والاستفادة منه لإزالة المشكلة التي نتصورها الآن وهي تقع .
كلنا يسمع بأن كثيرا من الأروبيين والأمريكيين وغيرهم يسلمون في كل سنة يسلم ما شاء الله من المئات أو الألوف، يكون مثلا الرجل يعيش مع أخيه وأحدهم له زوجة والآخر ليس له زوجة، على عادة هؤلاء الأقوام الذين وصفهم الله تبارك وتعالى في القرآن فقال : (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله )) هؤلاء ما في عندهم شيء اسمه حرام فيعيش الرجل مع أخيه وأحدهما له زوجة وكأن هذه الزوجة زوجة للرجلين الأخوين، فما في عندهم يعني كلفة ولا عندهم حرج إنه والله أخي عم يطلع على عورة زوجتي ... وإذا بهذه العائلة تدخل في الإسلام، وإذا بهذه العائلة تفاجأ إنه أنت يا أخانا ما يجوز لك أن ترى من زوجتي إلا ما يرى أي رجل غريب ... إذن هل يخرج من هذا البيت ويعيش لوحده ؟ في حرج شديد أين يذهب ؟ لا سيما وقد أسلم، أيعيش مع المتعريات مع المتبرجات فقد يفتن ؟ إذن هو يصبح ضرورة ... فكيف تحل المشكلة ؟ من الصعوبة بمكان أنه كلما دخل هذا الأخ على بيت أخيه تحتجب، ويريدها تستر وهي لا تريد تستر إلى آخره فيقال لها استتري صعب، فأحدهما لازم يحتجب عن الآخر، إما المرأة تحتجب على أخيها أو العكس هو يبتعد عنها، ففي كل من الصورتين حرج ، فقد حلل أو أزال الحرج الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الصورة بأن ترضع المرأة أخا زوجها فيزول الإشكال .
هذه تلفت النظر إلى قضية هامة جدا لا يجوز للمسلم والمسلمة أن تتفلسف على هذا النص ويقول أو تقول: كيف هذا وهو رجل كبير ؟ قال عليه السلام: ( إني لأعرف أنه رجل كبير ) لكن هذا حكم الله الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم المشاكل التي تقع في مثل هذه الصور الخاصة وقد جعل لها حلا بإرضاع الرجل الكبير على خلاف القاعدة .
انظرن الآن معي كيف يحتال بعض الناس لإزالة هذه المشكلة بحيل شرعية ، يظهر فيها تماما أنها لا تحل المشكلة .
رجل في مثل هذه الصورة مضطر إنه يعيش مع مين ؟ مع أخيه، أو مع رجل غريب آخر لأنه عاشوا هكذا إيش يعملوا ؟ بدوا يعيش مثلا مع زوجة أخيه وله هذا الأخ من زوجته ابنة صغيرة يمكن لساتها بترضع، فيكلفوا الأخ إنه يعقد على مين ؟ على هذه البنت، تصبح أمها حماته فهو بيدخل عليها من ناحية أنها حماته، هل هذا الحل صحيح ؟ لا، هذا لف ودوران، بدليل إن هذا الذي عقد على هذه البنت الصغيرة فلو رضي أبوها أو رضيت أمها لما تكبر وتصبح يعني في سن الزواج ما بدو إياها، إنما الأعمال بالنيات، لكن ليش عقدت عليها ؟ وقد كان يدخل على أمها ، قال : عشان أرفع الحرج ، هذا احتيال لا يليق بالإسلام، والحل هو هذا: ( أرضعيه تحرمي عليه ) .
وبهذا القدر كفاية .
والحمد لله رب العالمين.
روى مسلم عن عائشة قال : ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، قالت: فقال: انظرن إخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة )، وروى مسلم عن عائشة، قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أرضعيه، قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير ).
السؤال: لقد اختلف العلماء في مسألة الرضاع بالنسبة لتحديد السن، فما هو الصواب أو الحكم الذي نعتمد عليه في مسألة الرضاع ؟
الجواب : هذه المسألة فعلا اختلف فيها العلماء كثيرا، والذي ينبغي ذكره باختصار في هذا الوقت الضيق، والكلام المناسب لما جاء في السؤال أن نذكر مذهبين اثنين .
المذهب الأول : مذهب الحنفية الذي يقول بأن من رضع في سن الرضاعة وهو حولان كاملان ولو مصة يصبح هذا الرضيع بهذه المصة ابنا للمرضعة وابنا لزوجها الذي كان حليبها بسببه .
مذهب آخر يقابله تماما يقول : الرضعة والثنتين والثلاثة والأربعة ما بيحرموا وإنما خمس رضعات مشبعات، وهذا هو القول الصحيح الذي جاء في * صحيح مسلم * أنه إنما يحرم خمس رضعات شبعات .
إذا عرفنا هذا التفصيل يسهل علينا أن نفهم الحديث الأول، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل على عائشة وجد رجلا كبيرا عندها فرأيت في وجهه الكراهة كأنه أشعر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن هذا رجل غريب شو بيعمل عندك ؟ لا هو أخوكي ولا هو مثلا خالك من المحارم، فكان لما رأت هي الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، والواقع أنه إذا ثبت أن هذا الرجل أخوها في الرضاعة ما لازم يغضب الإنسان أو يتأثر لأنه الرسول عليه السلام يقول : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) فهذا أخوها من الرضاعة ولا شك في ذلك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يلفت النظر إلى أن الرضاعة مطلق الرضاعة لا يحرم مو مجرد ما واحد قال رضع، فهذا الأخ لعائشة رضع رضعة واحدة من أم عائشة فصار هو أخوها بهذه الرضاعة ؟ لا .
لذلك قال عليه السلام: ( انظرن إخوتكن من الرضاعة ) ليه ( فإنما الرضاعة من المجاعة ) بمعنى أن الرضاع الذي يحرم هو المشبع للطفل حينما يرضع يكون جائعا فيرضع ويرضع، أما هذا الطفل الذي مص مصة واحدة ما بيأثر لا بيغذيه ولا بينميه لا عظمه ولا لحمه وإنما الرضاعة من المجاعة يعني الرضاعة التي تحرم هي التي تشبع الرضيع، ففي هذا الحديث تنصيص صريح جدا لإبطال قول من يقول إن الرضعة مهما كانت ولو كانت قليلة تحرم، لا الرسول يقول: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وقد أكد ذلك عليه الصلاة والسلام في حديث آخر وهو الوارد في السؤال وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان ) وإن اللي بيقول الرضعة الواحدة تحرم خالف حديث عائشة هذا: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وخالف هذا الحديث الآخر: ( لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الإملاجة ولا الإملاجتان ) .
الحديث الثالث وهو في * صحيح مسلم * ولذلك لم يأخذ به أكثر العلماء، لكن الحقيقة أن لهذا الحديث محلا من الفقه عظيما جدا حيث تحل به بعض المشاكل التي يحاول بعض الناس حلها بطريق الاحتيال على الشرع، هذا الحديث يقول: جاءت سهلة بنت سهيل صحابية جليلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفة أي زوجها من دخول سالم أي عبدهما، وهذا هو المقصود من قوله في الرواية: وهو حليفه، يعني مولاه عبده وقد أعتقه، زوج أبي حذيفة تأتي إلى الرسول عليه السلام تشكو وضع عائلي، هذه العائلة مؤلفة من زوجين وهذا العبد، حيث هذا العبد كلما دخل على سهلة هذه يتغير وجه زوجها أبي حذيفة، فهي تشكو هذا الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، هي لا تريد أن ترى في وجه زوجها أثر هذا الغضب والزعل كما يقال اليوم، فتريد أن تذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحل لها هذه المشكلة، فكان الجواب لحل هذه المشكلة جوابا غريبا بالنسبة لهذه المرأة بل بالنسبة لكل النساء حينما قال لها: ( أرضعيه ) على التعبير الثاني بكون الجواب يختلف ... هكذا كان ( أرضعيه، قالت: فكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير ) انتهى، شو معنى هذا ؟ كأنه يقول لها: أنا بشوف مثل بتشوفي أنت أن هذا رجل كبير ! لكن الآن الحكم الشرعي، أنا أعني ما أقول، هذا الرجل الكبير أرضعيه تحرمي عليه فيزول ما تشعرين به من زعل وغضب زوجك هذا فيزول بعد أن ترضعيه .
جاء في حديث آخر هذه الرواية مختصرة أنها فعلت ذلك وأرضعت الرجل الكبير فزال ما في نفس أبي حذيفة مما كان يشعر به إن هذا رجل غريب عنا .
وتفصيل هذه المسألة أن سالما هذا كان عبدا لهذين الزوجين في الجاهلية، فلما أسلما وعرفا الأحكام الشرعية التي منها أنه يجب على المرأة أن تحتجب من الرجل الغريب فلا تظهر أمامه مطلقا إن كان ولا بد قرص وجهها فقط وكفيها ليس إلا، لكن هذا الرجل أصبح كأنه جزء من هذا البيت ليس من السهل أن يفارق هذا البيت، كما أنه ليس من السهل أنه كلما دخل تحتجب سهلة، فوقعوا في مشكلة حينما نزل الحجاب على النساء، فكانت كلما دخل هذا الرجل الغريب تتحرج فقد يرى سالم هذا مولى أبي حذيفة قد يرى منها شيء لا يجوز عادة وشرعا، فحل المشكلة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن أمرها أن ترضعه ففعلت ذلك فزال ما كان في نفس أبي حذيفة .
إذن هذا الحل في إرضاع الرجل الكبير في صورة معينة يختص بهذا الحديث السابق هنا أيضا يقال عموم وخصوص حينما قال: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) وهذه سهلة أرضعت الرجل الكبير الذي هو سالم، ترى هل شبع هذا الرجل من هذه الرضعات وإن كانت عشر رضعات رجل كبير ما يفيه بد طعام مشبع ، إذن قوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما الرضاعة من المجاعة ) قاعدة والقاعدة تمامها أيضا في حولين كاملين لمن أحب أن يتم الرضاعة، لكن هذه القاعدة سواء في الخمس رضعات مشعبات من المجاعة أو في حولين كاملين يستثنى منها إرضاع الرجل الكبير لحل مشكلة عائلية، هذه المشكلة العائلية كانت يومئذ لأنهم كانوا يستقدمون الأرقاء العبيد وكانوا لا يتحجبن النساء، فلما فرض الله الحجاب صار من الصعوبة أن المرأة لا تحتجب كلما دخل عليها مولاها السابق، وصار تأخذ الغيرة زوج سهلة وهو أبو حذيفة إنه كيف هذا الرجل الغريب يدخل عليها ؟ الرسول عليه السلام قال هذا: ( أرضعيه تحرمي عليه ).
اليوم هل تقع مثل هذه الصورة ؟
أنا أقدم صورة يمكن استغلال هذا الحديث والاستفادة منه لإزالة المشكلة التي نتصورها الآن وهي تقع .
كلنا يسمع بأن كثيرا من الأروبيين والأمريكيين وغيرهم يسلمون في كل سنة يسلم ما شاء الله من المئات أو الألوف، يكون مثلا الرجل يعيش مع أخيه وأحدهم له زوجة والآخر ليس له زوجة، على عادة هؤلاء الأقوام الذين وصفهم الله تبارك وتعالى في القرآن فقال : (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله )) هؤلاء ما في عندهم شيء اسمه حرام فيعيش الرجل مع أخيه وأحدهما له زوجة وكأن هذه الزوجة زوجة للرجلين الأخوين، فما في عندهم يعني كلفة ولا عندهم حرج إنه والله أخي عم يطلع على عورة زوجتي ... وإذا بهذه العائلة تدخل في الإسلام، وإذا بهذه العائلة تفاجأ إنه أنت يا أخانا ما يجوز لك أن ترى من زوجتي إلا ما يرى أي رجل غريب ... إذن هل يخرج من هذا البيت ويعيش لوحده ؟ في حرج شديد أين يذهب ؟ لا سيما وقد أسلم، أيعيش مع المتعريات مع المتبرجات فقد يفتن ؟ إذن هو يصبح ضرورة ... فكيف تحل المشكلة ؟ من الصعوبة بمكان أنه كلما دخل هذا الأخ على بيت أخيه تحتجب، ويريدها تستر وهي لا تريد تستر إلى آخره فيقال لها استتري صعب، فأحدهما لازم يحتجب عن الآخر، إما المرأة تحتجب على أخيها أو العكس هو يبتعد عنها، ففي كل من الصورتين حرج ، فقد حلل أو أزال الحرج الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الصورة بأن ترضع المرأة أخا زوجها فيزول الإشكال .
هذه تلفت النظر إلى قضية هامة جدا لا يجوز للمسلم والمسلمة أن تتفلسف على هذا النص ويقول أو تقول: كيف هذا وهو رجل كبير ؟ قال عليه السلام: ( إني لأعرف أنه رجل كبير ) لكن هذا حكم الله الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم المشاكل التي تقع في مثل هذه الصور الخاصة وقد جعل لها حلا بإرضاع الرجل الكبير على خلاف القاعدة .
انظرن الآن معي كيف يحتال بعض الناس لإزالة هذه المشكلة بحيل شرعية ، يظهر فيها تماما أنها لا تحل المشكلة .
رجل في مثل هذه الصورة مضطر إنه يعيش مع مين ؟ مع أخيه، أو مع رجل غريب آخر لأنه عاشوا هكذا إيش يعملوا ؟ بدوا يعيش مثلا مع زوجة أخيه وله هذا الأخ من زوجته ابنة صغيرة يمكن لساتها بترضع، فيكلفوا الأخ إنه يعقد على مين ؟ على هذه البنت، تصبح أمها حماته فهو بيدخل عليها من ناحية أنها حماته، هل هذا الحل صحيح ؟ لا، هذا لف ودوران، بدليل إن هذا الذي عقد على هذه البنت الصغيرة فلو رضي أبوها أو رضيت أمها لما تكبر وتصبح يعني في سن الزواج ما بدو إياها، إنما الأعمال بالنيات، لكن ليش عقدت عليها ؟ وقد كان يدخل على أمها ، قال : عشان أرفع الحرج ، هذا احتيال لا يليق بالإسلام، والحل هو هذا: ( أرضعيه تحرمي عليه ) .
وبهذا القدر كفاية .
والحمد لله رب العالمين.