تتمة شرح أثر قيس بن عاص وفيه : ( ... وإياكم ومسألة الناس ... )، وفيه التحذير من المسألة من غير حاجة. حفظ
الشيخ : قال : " وإياكم ومسألةَ الناس " :
يُحذر أولاده أن يسألوا الناس أي شيء ، وفي الحقيقة أن هذه الوصية وحدها هي أيضاً من الوصايا التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوصي بها أصحابه ، فقد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة : ( أنه عليه الصلاة والسلام بايع بعض أصحابه على ألا يسأل الناس شيئاً ولو ناولني السوط ) : السوط الكرباج كانت المبايعة بهذه الدقة ، إنه أنت حتبايعني على الإسلام ولكن أنا اشترط عليك ألا تسأل الناس شيئًا مطلقًا، ولو كنت راكباً دابتك فرسك ناقتك فسقط منك السوط وواحد مارر بجنب السوط لا تقول له: من فضلك ناولني السوط، وإنما برّك الناقة وانزل وخذ السوط بيدك، أوقف الفرس وانزل منها وتناول السوط بيدك ، لماذا ؟
لأن هذا في الواقع من تمام العبودية لله عز وجل حينما المسلم يسعى ألَّا يسأل الناس شيئاً هو يحقق منزلة : (( إياك نعبد وإياك نستعين )) بأوسع مدى ، هذا بالطبع لا يعني أنه حرام الإنسان يقول لصاحبه : من فضلك ناولني السوط ناولني القلم ناولني الورقة ، لا ، هذا لا يعني أنه حرام ولكن يعني أن المسلم ينبغي أن يعتمد بعد الله على نفسه ، ( خذ السوط بيدك ولا تسأل الناس شيئاً ).
لذلك هذا الصحابي الجليل يوصي أيضاً بنيه وأولاده بهذه الوصية فيقول : " وإياكم ومسألةَ الناس فإنها من آخر كسب الرجل " :
مسألة الناس يكون من آخر كسب الرجل ، يشير إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد حرَّم الشحادة ، سؤال الناس المال ، أعطني قرش أعطني ليرة إلى آخره ، وهناك تفاصيل طبعاً في كتب الحديث والفقه خلاصتها أن السؤال بدون ضرورة يجعل وجه صاحبه يوم القيامة مشوهاً أشوه تشويه حيث يأتي وعلى وجهه خموش وخدوش وقدوش تعابير عربية تعني أنه يأتي وعلى وجهه أنواع مِن صدمات من لكمات من خرمشات، ليه؟ لأنه كان يسأل الناس لا يستحيي وهو ليس بحاجة إلى السؤال، ولذلك فلا يجوز الإنسان أن يسأل الناس شيئاً إلا إذا لم يكن عنده قوت يوم وليلة، ومن هنا نعرف أن الشحادة المعروفة اليوم هي محرمة في دين الإسلام لا يجوز لأصحابها أن يتعاطوا هذه المهنة من جهة ، ولا يجوز الناس أن يعطوهم من جهة أخرى ، لأنهم يساعدونهم على هذه المهنة القذرة شرعاً ، لذلك هو يوصي أولاده بألا يسألوا الناس إطلاقاً ، لأنه سؤالهم المال آخر كسب الرجل :
يعني رجل راح يموت جوعاً ما عنده قوت يوم وليلة وعنده أولاد حينئذ يسأل الناس ، هذا آخر طريق ، فهو يريد لأولاده أن يكونوا أعزاء ، أن يكونوا شرفاء أن يكونوا أصحاب همة عالية ونحو ذلك ولا يريد لهم أن يتدنوا فيسألوا الناس من أموالهم.