بيان انحراف الصوفية، والماديين عن مفهوم التوكل. حفظ
الشيخ : من آثار هذا العكس وهذا القلب مثلا أنهم يفهمون التوكل بخلاف المعنى الشرعي له حيث أنهم يفهمون التوكل بمعنى التواكل وشتان بين التوكل والتواكل التوكل جاء ذكره في عديد من الآيات الكريمة منها قوله تبارك وتعالى (( وإذا عزمت فتوكل على الله )) فالتوكل على الله يكون بعد أن يتخذ المسلم الأسباب التي توصله عادة إلى ما يبتغيه من سبب مثلا الذي يريد من أرضه أن تثمر له الثمر اليانع وأن تنبت له الحب الكثير لابد من أن يخدمها بكل أنواع الخدمات التي تتطلبها الأرض عادة من حرث وزرع وتنقيح وسقي ونحو ذلك فإذا هو فعل هذا يتوكل على الله عز وجل ولا يتوكل على أسبابه لأن هذه الأسباب قد تتأخر فلابد من أن يقرنها مع التوكل على الله تبارك وتعالى
أما أن يقول الإنسان إن كان الله عز وجل كتب لي أن آكل من هذه الأرض من ثمرها ومن حبها فسآكل سواء خدمتها أو لم أخدمها فهو في الواقع يخالف نفسه ويفسر التوكل بخلاف المعنى الحقيقي المراد منه.
ومن هذا العكس الذي يقعون فيه فهم حينما يفسرون التوكل بهذا المعنى لا يعدمون أن يركنوا إلى بعض النصوص التي يدعمون بها تفسيرهم لكنهم في الوقت نفسه حينما يدعمون ما يذهبون إليه من تفسير التوكل بالتواكل قد أصيبوا أيضا بانعكاس في فهمهم لبعض تلك النصوص من ذلك أنهم يحتجون بقوله عليه الصلاة والسلام ( لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) ففهموا الحديث مقلوبا قالوا هذا الله يرزق الطير لكنهم غفلوا عن النص وما فيه من التفريق بين الغدو والرواح حيث قال عليه الصلاة والسلام ( لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا ) ما قال تصبح خماصا في أعشاشها ثم تمسي بطانا يعني ممتلئة البطون وهي في أعشاشها وإنما قال عليه الصلاة والسلام تغدو أي تبكّر في الانطلاق وراء السعي بالرزق فترجع وقد امتلأت بطونها إذن هذا الحديث لا يؤيد هؤلاء المتصوفة الذين يفسرون التوكل بما يساوي معنى التواكل أي الكسل وعدم الأخذ بالأسباب.
بل إن هذا الحديث يؤيد معنى الآية السابقة (( وإذا عزمت فتوكل على الله )) اعزم وتوكل كما قال ( اعقل وتوكل ) وهذا حينما ( جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو على ناقته قال يا رسول الله أعقلها ) أقيدها أربطها ( أم أتوكل على الله قال لا اعقل وتوكل ) أي اجمع بين السبب وبين التوكل على الله تبارك وتعالى وهذا الموقف أي في الجمع بين السبب والتوكل على الله هو موقف المسلم وضده على طرفي نقيض هؤلاء المتصوفة مثلا يدعون الأخذ بالأسباب ويتوكلون على الله بزعمهم فهؤلاء أخذوا بشيء وأعرضوا عن شيء
عكسهم اليوم جماهير المسلمين لجهلهم أما المتصوفة فلانحرافهم في مذهبهم أما جماهير المسلمين اليوم فهم يتكلون على الأسباب متأثرين في ذلك بالمنهج المادي الأوروبي فنحن نعلم يقينا أن الأوروبيين اليوم لا يكادون يذكرون الله إطلاقا وإنما عمدتهم على علومهم على عقولهم على أبدانهم وأخذهم بالأسباب فهؤلاء في طرف وهالمتوكلة من المتصوفة في طرف وكلاهما على طرفي نقيض والحق بينهما والحق الجمع بين الأخذ بكل طرف من الطرفين اللذين أخذ كل منهما بطرف وأعرض عن الطرف الآخر
ذلك أن نأخذ بالأسباب ونتوكل على رب الأرباب هذا كله مما نستوحيه من هذا الحديث الذي نحن في صدد التعليق عليه المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر على أذاهم لأن في هذه المخالطة كما ذكرنا تفتيحا لذهن المسلم أو تفسيحا منه لأذهان إخوانه المسلمين إن كان أهلا لذلك
على كل حال فالذي يعيش بين إخوانه فهو إما مستفيد وإما مفيد وقد يجتمعان يستفيد ويفيد في آن واحد ولا شك أن مخالطة الناس لاسيما في الأزمان الصعبة التي يكثر فيها الفساد بين الناس لا شك أن المخالط سوف يلقى شدة ويلقى عنتا وصعوبة وأذى.
أما أن يقول الإنسان إن كان الله عز وجل كتب لي أن آكل من هذه الأرض من ثمرها ومن حبها فسآكل سواء خدمتها أو لم أخدمها فهو في الواقع يخالف نفسه ويفسر التوكل بخلاف المعنى الحقيقي المراد منه.
ومن هذا العكس الذي يقعون فيه فهم حينما يفسرون التوكل بهذا المعنى لا يعدمون أن يركنوا إلى بعض النصوص التي يدعمون بها تفسيرهم لكنهم في الوقت نفسه حينما يدعمون ما يذهبون إليه من تفسير التوكل بالتواكل قد أصيبوا أيضا بانعكاس في فهمهم لبعض تلك النصوص من ذلك أنهم يحتجون بقوله عليه الصلاة والسلام ( لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) ففهموا الحديث مقلوبا قالوا هذا الله يرزق الطير لكنهم غفلوا عن النص وما فيه من التفريق بين الغدو والرواح حيث قال عليه الصلاة والسلام ( لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا ) ما قال تصبح خماصا في أعشاشها ثم تمسي بطانا يعني ممتلئة البطون وهي في أعشاشها وإنما قال عليه الصلاة والسلام تغدو أي تبكّر في الانطلاق وراء السعي بالرزق فترجع وقد امتلأت بطونها إذن هذا الحديث لا يؤيد هؤلاء المتصوفة الذين يفسرون التوكل بما يساوي معنى التواكل أي الكسل وعدم الأخذ بالأسباب.
بل إن هذا الحديث يؤيد معنى الآية السابقة (( وإذا عزمت فتوكل على الله )) اعزم وتوكل كما قال ( اعقل وتوكل ) وهذا حينما ( جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو على ناقته قال يا رسول الله أعقلها ) أقيدها أربطها ( أم أتوكل على الله قال لا اعقل وتوكل ) أي اجمع بين السبب وبين التوكل على الله تبارك وتعالى وهذا الموقف أي في الجمع بين السبب والتوكل على الله هو موقف المسلم وضده على طرفي نقيض هؤلاء المتصوفة مثلا يدعون الأخذ بالأسباب ويتوكلون على الله بزعمهم فهؤلاء أخذوا بشيء وأعرضوا عن شيء
عكسهم اليوم جماهير المسلمين لجهلهم أما المتصوفة فلانحرافهم في مذهبهم أما جماهير المسلمين اليوم فهم يتكلون على الأسباب متأثرين في ذلك بالمنهج المادي الأوروبي فنحن نعلم يقينا أن الأوروبيين اليوم لا يكادون يذكرون الله إطلاقا وإنما عمدتهم على علومهم على عقولهم على أبدانهم وأخذهم بالأسباب فهؤلاء في طرف وهالمتوكلة من المتصوفة في طرف وكلاهما على طرفي نقيض والحق بينهما والحق الجمع بين الأخذ بكل طرف من الطرفين اللذين أخذ كل منهما بطرف وأعرض عن الطرف الآخر
ذلك أن نأخذ بالأسباب ونتوكل على رب الأرباب هذا كله مما نستوحيه من هذا الحديث الذي نحن في صدد التعليق عليه المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط ولا يصبر على أذاهم لأن في هذه المخالطة كما ذكرنا تفتيحا لذهن المسلم أو تفسيحا منه لأذهان إخوانه المسلمين إن كان أهلا لذلك
على كل حال فالذي يعيش بين إخوانه فهو إما مستفيد وإما مفيد وقد يجتمعان يستفيد ويفيد في آن واحد ولا شك أن مخالطة الناس لاسيما في الأزمان الصعبة التي يكثر فيها الفساد بين الناس لا شك أن المخالط سوف يلقى شدة ويلقى عنتا وصعوبة وأذى.